اقتصاد وأعمال

للشهر الثاني على التوالي .. انخفاض التضخُّم .. الحقيقة الغائبة

حالة من الانهيار تواجه الاقتصاد الوطني, وما يدعو إلى القلق ما تشهده الأسواق من ارتفاع كبير في أسعار السلع يفاقم من الازمة, وبالرغم من الارتفاع المتواصل, إلا أن الجهاز القومي للإحصاء يكشف وللشهر الثاني على التوالي انخفاضاً في معدلات التضخم لشهر سبتمبر إلى 365.82% من 387.56% في الشهر السابق. وافاد الجهاز بأن التضخم ارتفع في 8 من ولايات من أصل 18 ولاية في السودان، وسجلت ولاية القضارف أعلى معدل تضخم مجدداً بـ815.82%.

وتراجع التضخم الأساسي، الذي يستثني عناصر متقلبة الأسعار مثل المواد الغذائية إلى 515.46% في سبتمبر الماضي من 541.06% في أغسطس الماضي.

وأوضح المستشار الاقتصادي شاذلي عبد الله عمر أن التضخم يعني ارتفاعًا مستمراً في جميع أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد، موضحاً أنه يعني تناقص معدلات الدخول بنسبة التضخم، ويضيف أن بعض المواقع الموثوقة, سبق أن تداولت قبل نحو شهرين تقريراً حديثاً لجامعة هوبكنز بولاية ميرلاند الأمريكية, أعلنت خلاله عن انخفاض مؤشر التضخم في السودان من 363.14% في أبريل الماضي إلى 221% في يوليو.

رفاهية عادية

ولفت شاذلي إلى أنه يجب أن نتفق بناءً على ما سبق بأن التضخم ليس مشكلة المواطن السوداني الوحيدة, وإنما هناك عدد من الأمراض الاقتصادية (البطالة، الناتج المحلي الإجمالي، ارتقاع الأسعار، الاحتياطي النقدي والدَّين الخارجي), قائلًا إنها أثرت على طموح المواطن السوداني في تحقيق وفرة في المواد الأساسية والخدمات الضرورية من لدن الصحة والتعليم وغيرها من مقدمات الرفاهية العادية، ويبين أنه بالرجوع الى تقرير جامعة هوبكينز الخاص بانخفاض معدل التضخُّم فجأة، قال إن هذا يؤكد عدداً من التخمينات: أولها أن الأزمة غير حقيقية وتسمى بالمفتعلة لأسباب سياسية برغماتية، وفي أدبيات الاقتصاد تطلق عليها مصطلحاً الـ(Boom – Bust) أي ظهور تدهور اقتصادي مفاجئ مصاحب بفترة ازدهار قصيرة من ثم تدهور وهكذا، لذا قد لا نستبعد هذا النوع كمؤشر لانخفاض التضخم.

قفزات كبيرة

ثانياً يقول إنّ الجراحات الأخيرة التي قامت بها الحكومة من تعويم الجنيه، وتوحيد السعر الجمركي ورفع الدعم أو ترشيده، والقفزات الكبيرة في ملف إعفاء الديون الخارجية بواقع 14.1 مليار دولار، وغيرها كلها تعتبر أسباباً لتحديد معدلات التضخم الجديدة بشرط تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء وتنفيذ مخرجات بيان اجتماع مجلس الوزراء الذي تلاها. ثالثاً بيّن أن تحويلات المغتربين شهدت زيادة مقدرة عبر النوافذ الرسمية دون الاعتماد بشكل كبير على الأسواق السوداء، موضحاً أن ذلك يعني زيادة كبيرة في عرض العملات الأجنبية والتي بدورها أثبتت فاعليتها تغيّرات الأسعار في السودان، وفي بعض الدول مُساهمة المُغتربين تقدر بـ50 ملياراً سنوياً، مَا انعكس إيجاباً على ثبات أسعار العملات الأجنبية في الأشهر الثلاثة الماضية، وانخفاض التضخم, مبيناً بأن هذا يتطلب دراسة جادة واستراتيجية لزيادة ثقة المُغترب السوداني.

اختراقٌ كبيرٌ

ويقول شاذلي إن المزاج الاستثماري الأجنبي المباشر الذي تم التسويق له دولياً (مؤتمر باريس)، من خلال تحركات رئيس مجلس الوزراء عبر الانفتاح على المجتمع الدولي، وقد صرح المدير التنفيذي للشركة عن التغيير السياسي في البلاد, بجانب الاختراقات الكبيرة في ملف الانفتاح على المجتمع الدولي، كعوامل مهمة على بيئة الاستثمار الأجنبي المباشر في السودان، معتبراً أن هذه الخطوة لها ما بعدها لأنها تصريح وإعلان رسمي للشركة للقيام بأعمال تعدين الذهب في البلاد، لافتاً إلى أنه يقدر له أن يضخ أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً، معتبرًا أنّ هذا المبلغ يفوق العجز المُتوقّع في السنوات القادمة للميزان التجاري.

مؤسسة رسمية

وفي ذات السياق, قال الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين د. محمد الناير إن الجهاز مؤسسة رسمية تصدر تقريراً موثوقاً, ولكن خلال الشهرين الماضيين صدر التقرير بانخفاض معدلات التضخم, وفي اعتقادي انه انخفاض وتيرة الزيادة في التضخم وليست انخفاضاً في اسعار السلع والخدمات والمواطن لن يلتمس شيئاً حتى الآن والجهاز يتحدث عن انخفاض شهر سبتمبر بنسب كبيرة ولم ينعكس على المواطن بصفة اساسية ولا على القوة الشرائية ولا الجنيه السوداني ولا أسعار السلع والخدمات, وأضاف: من نشاهده الآن ارتفاع كبير في الاسعار لعاملين, الأول إحجام المستوردين عن الاستيراد بسبب ارتفاع الدولار الجمركي بصورة كبيرة وهذا من شأنه ان يؤدي إلى فجوة غذائية وشح في السلع الاستهلاكية. ومن جهة اخرى اغلاق الشرق الذي أثّر ايضاً رغم تأكيد ناظر البجا تِرِك أنه يسمح للسلع الضرورية بالمرور ولا يعطل الأمر, ولفت الى استغلال التجار لهذه الظروف التي تمر بها البلاد وشهدنا ارتفاع اسعار الدقيق والسكر وغيرها من السلع الضرورية, وقال لا يمكن ان يكون هناك تزايد على السلع الضرورية.

شرح الحقائق

وقال في حديثه لـ(الصيحة) إن جهاز الإحصاء لا يتحدث عن انخفاض في مجموعة الأغذية والمشروبات في حين انها على رأسها السكر والدقيق وغيرهما من المواد الغذائية, وقال إنَّ الشهر الماضي اشار الجهاز الى انخفاض التضخم المستورد هذه حقيقة, باعتبار ان هناك توقفا واحجاماً لعمليات الاستيراد بسبب إغلاق الشرق وهي ظاهرة ليست ايجابية وانما سالبة وتؤدي الى نقصان في مخزون البلاد واحتياطيها من السلع الأساسية, مطالباً الجهاز المركزي للإحصاء لتوضيح وشرح الحقائق للمواطنين وما هي الأسباب وراء انخفاض التضخم ويقابله الارتفاع المتواصل للسلع الأساسية لتبسيط الأمور, وشدد على أهمية إسراع الدولة لمعالجة قضية الشرق والاستيراد.

الخرطوم- سارة ابراهيم
صحيفة الصيحة