كابلي لا تنحنى سنابله للمناجل ولا يطويه النسيان ولا يغيب
ليست المرة الاولى التي تحمل فيها الاخبار رحيل المبدع عبد الكريم عبد العزيز الكابلي ولكنها بالطبع كانت الاخيرة
الكابلي كان كبيرا في خارطة الفن والادب السوداني والاقليمي والعالمي وله علاقات فكرية وادبيه مع البرفسور الراحل علي المك
وكان رياضيا مطبوعا يحب كل الفرق الرياضية في الخرطوم ولكنه كان مريخيا اصيلا وغنى للمريخ من كلماته سكر سكر وحات عيني سكر
كان يجيد العربية الفصحى ويجيد الانجليزية الاصيلة ويجيد الدارجة القحى وحين هاجر للمملكة العربية السعودية هاجر ليكتب كتابه الادب الشعبي في السودان الذي لم يكتمل.
كابلي له محاضرات بالانجليزية عن الفن السوداني والموسيقى السودانية سجلها منذ زمن بعيد بامريكا وكانت توزع تلك المحاضرات في السودان عن طريق الكاسيت ولكنه رحمه الله ذكر انها لم تعجبه
الكابلي غنى للوطن وربوعه حين غنى لمروي فيك يا مروي شفت كل جديد
وغنى لكسلا نضر الله وجه ذاك السائل
وكتب ولحن لابي عركي البخيث جبل مرة
مرسال الشوق ياكلك ذوق
اغشي الحبان في كل مكان
قليهم شفنا جبل مره
وغنى للثورة ولجامعة الخرطوم هبت الخرطوم في جنح الدجى
والتقينا في طريق الجامعة
وغنى للمراة
أي صـوت زار بالأمـس خيالـي
طـاف بالقلـب وغنـي للكمـال
وأذاع الطهـر فـي دنيـا الجمـال
وأشاع النور فـي سود الليالـي
إنه صوتـي أنـا إبنـة النـور أنـا
إنه صوتـي أنـا زاده العلـم سنـا
إن عـزمـي مـــن فـتـاتـي
مسـتـمـد فـهــي ذاتـــي
ومرآة لصفاتـي
فاطمئنـي يافتاتـي
وغنى انت يا ناصر في ارضي هنا لست بالضيف ولا المغترب للشاعر ابو امنة حامد
مرحباً بالقائدِ المنتصر
مرحباً بالثائر المقتدر
وابدع وهو يشدو ( لاسيا وافريقيا ) عندما اعزف يا قلبي الاناشيد القديمة
ويطل الفجر على قلبي في اجنح غيمة .
الكابلي اول من غنى وقدم اوبريتا في السودان اوبريت السودان للراحل الشريف زين العابدين الهندي وغنى اوبريت مروي من كلماته فيك يا مروي شفت كل جديد
وغنى اوبريت المولد رائعة الشاعر محمد المهدي المجذوب صلي يا ربي على المدثر .وفي احدى رحلاته الى بيروت بالجامعة الامريكية اعجبوا بها وطلبوا منه ان تكون احدى مقررات الجامعة واصبحت كذلك ..
صلي يا ربي على المدثر
وتجاوز عن ذنوبي وأغفر
وأعني يا إلهي بمتاب أكبر
فزماني ولع بالمنــكر.
وهنا حلقة شيخ يرجحن
يضرب النوبة ضربا فتئن
وترن
ثم ترفضّ هديراً أو تجن
وحواليها طبول صارخات في الغبار
حولها الحلقة ماجت في مدار
كابلي غنى بالفصحى كما لم يغني احد للشاعر صديق مدثر
يا ضنين الوعد اهديتك حبى من فؤاد يبعث الحب نديا
ان يكن حسنك مجهول المدى فخيال الشعر يرتاد الثريا
كلما اخفيته بالقلب تنبئ عنه عيناك و لا يخفى عليا
لا تقل انى بعيد فى الثرى فخيال الشعر يرتاد الثريا
وغنى الكابلي كليوباترا
كليوبترا ! أيّ حلم من لياليك الحسان
طاف بالموج فغنّى و تغنّى الشاطئان
و هفا كلّ فؤاد و شدا كلّ لسان
هذه فاتنة الدّن يا و حسناء الزّمان
يا حبيبي هذه ليلة حبّي آه لو شاركتني أفراح قلبي !
ليلنا خمر و أشواق تغنّي حولنا
و شراع سابح في النّور يرعى ظلّنا
كان في اللّيل سكارى و أفاقوا قبلنا
ليتهم قد عرفوا الحبّ فباتوا مثلنا
وعارض كوكب الشرق ام كلثوم وغنى
اراك عصي الدمع لابي فراس الحمداني
أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ
أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ
بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ
وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِرُّ
وغنى
رائعة احمد شوقي
صداح يا ملك الكنار
ويا أمير البلبل
قد فزت منك بمعبد
ورزقت قرب الموصلي
وأتيح لي داود مزمار
التي تستعصى قراءتها على كثير من المهتمين بالشعر العربي لكنه اجادها اجادة تامه ووثق لها بالعود في اداء فريد محفوظ بمكتبات المهتمين وغني لابي الطيب المتنبئ
مالَنا كُلُّنا جَوٍ يا رَسولُ
أَنا أَهوى وَقَلبُكَ المَتبولُ
كُلَّما عادَ مَن بَعَثتُ إِلَيها
غارَ مِنّي وَخانَ فيما يَقولُ
أَفسَدَت بَينَنا الأَماناتِ عَيناها
وَخانَت قُلوبَهُنَّ العُقولُ
وغني للفيتوري
في حضرة من أهوى
عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه
و رقصت بلا ساق
مملوكك…. لكنـي
سلطان العشاق
وغنى ليزيد بن معاوية مطر اللؤلؤ
نَالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَـمْ تَنَلْـهُ يَـدِي
نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَـدِي
كَأنـهُ طَـرْقُ نَمْـلٍ فِـي أنَامِلِـهَا
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْـبُ بالبَـرَدِ
وغنى لكل ضروب الشعر العربي مثل الموشحات كللي يا سحب تيجان الربى
غنى بالدارجية من اشعاره واشعار المبدعين اعذب الاغاني كان فنانا وموسيقيا وكاتبا وشاعرا ومحدثا جذابا
كابلي عاش سنينه الاخيره صابرا مكافحا للمرض ممزقا بالحنين لوطن امه وابيه وان كان بين ابنائه واصهاره بامريكا .. ليظل الوطن دافئا بين ضلوع الغائبين عنه المنتظرين لأكفان تعيدهم إليه
كابلي الشعر الصادق والفن الصادق ومعاصر ابدا وحديث دوما ولا تنحنى سنابله للمناجل ولا يطويه النسيان ولا يغيب وانت لا تغيب
بقلم : محيي الدين شجر
صحيفة الصيحة