رأي ومقالات

برهان: يا عيني وين تلقي المنام!!


عندما تقف الآن أمام جمع من الناس وتستخدم مكبّراً للصوت تستطيع أن تُسمِع أكبر عدد من الجمهور، لكن ذلك ليس كافياً لإقناعهم بما تقول، وعندما وقف الأمين برهان أمام الجمهور السوداني في مطلع القرن الماضي وصدح برائعته ” يا عيني وين تلقي المنام” استطاع أن يقنعهم بمقدرته الفنية العالية وألحانه الجميلة، والمفارقة بأنه في ذلك العهد لم تكن هنالك مكبرات للصوت “مايكروفونات”!
وبينما لم تنام عينا الأمين برهان بسبب جفاء أحبابه قبل مائة عام من الآن، لم تنام أيضاً عينا برهان آخر؛ هو قائد الجيش السوداني ورمز سيادته الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وكيف تنام وهو يسهر على حماية وتأمين هذا الوطن الجميل عبر حدوده الممتدة، وسط تعقيدات المشهد السياسي الحالية، وتغييب المصلحة العليا والارتهان لمصالح شخصية بحتة.

وعندما شغل برهان الفنان عقله بهوى محبوبته مردداً “عقلي انشغل بهواك والحكمة عيني”، شغل برهان القائد عقله بهوى وطنه الذي جاب أرجائه ويعرف مكوناته المجتمعية جيداً، وشغل عقله بإيجاد المخارج والحلول من أجل سودان يسع الجميع، أفلا ينتبه عقلاء هذا البلد الأفريقي العظيم، ويعي شباب أمته بأن دولة بلا جيش هي ليست بدولة، ودولة بلا أمن وأمان هي ليست بدولة، ودولة بلا حرية وسلام وعدالة هي ليست بدولة.

ولما صبر جمهور الغناء بالسودان على برهان وهو يؤدي أعماله بتركيز عالٍ موجهاً رسالته الفنية دون أن يكون مستخدماً لمكبرات الصوت، فإن ثقة الشعب السوداني يجب أن تكون مع رمز سيادته، وصبرهم يجب أن يكون مركزاً مع من يحفظ أمانهم، ويحافظ على مكتسبات الثورة المجيدة، والنتائج لن تكون بعيدة، فالوعي مستمر وقنوات الاحتجاج متوفرة في أي وقت.

وعندما استيقظ الجمهور في أحد الأيام ولم يجد برهان الفنان وهو قد توفي في عمر صغير نسبياً “44 عاماً”، تحسّر على غيابه، وتمنى لو استمر ينشر هذا الحب والجمال؛ فهو من أسمع آذانهم ما تحب، ورسم صور زاهية تعبّر عن مشاعرهم. وحتى لا نتحسّر على غياب قائد عظيم يحمل السودان في حدقات عيونه، ونعض بنان الندم، وحتى لا يتفاجأ كل منا في يوم من الأيام بأن الوطن أصبح خراباً ووكراً مهجوراً وبأنه كان هنالك سودان، فلنعطي البرهان فرصته ليقود فترة الانتقال بسلاسة وصولاً للاحتكام إلى رأي الشعب وذاك المُراد.

صوت الكلمة – ناصر البخيت
نقلا عن كوش نيوز


تعليق واحد

  1. ندافع عن الجيش بشخص برهان ولا نمجده كشخص فهو يستحق المدح من الشعب .
    اما الذم من قحت واليسار فهو مقصود به الجيش وذلك جزء من حرب مفتوحة منذ عقود لتفكيكه .
    والبرهان يستحق لوم قحت لانه سلمها السلطة دون تفويض بل كان يجب ان يسلمها للشعب بانتخابات يحكم فيها وحده بجيشه .الغريب ان قحت التي استلمت السلطة من الجيش هي من تلوم الجيش بل العكس كان الواجب ان تشكر الجيش وليس لومه.
    والان الفرصة مع حمدوك ولو اخفق وجب علي برهان انتخابات مبكرة تضع كل شخص في مكانه بارادة الشعب