ثقافة وفنون

أبناء الفنانين في السودان .. نجوم بالوراثة

يجزم الكثيرون بأن الإبداع لا يُورث، وهو حديث له اعترافاته من أصحاب التجارب الفنية والإبداعية، فقد أثبتت تلك التجارب بلا شك أن الإبداع حالة خاصة لا يمكنها أن تنتقل بالجينات الوراثية والمحاكاة حتى للأبناء والأحفاد، ويتفرد دون غيره من المهن والممارسات بهذه الخاصية لاختلافاته، من تشكيل وشعر وموسيقى وتلحين واكتشافات وقدرة حتى على التقليد.

ويسعى البعض خاصة ممن ينتمون إلى قبيلة الإبداع الفني مثل الموسيقى واللحن والغناء للسير في دروب آبائهم وجدودهم، محاولين أن ينفذوا عبر ما تركوه من قدرة إبداعية وصيت في هذا المجال دون أن يمتلكوا فعلياً قدرة على الإبداع حقيقة، وهو ما يتعارض مع المستمع والمتلقي حال لم تتوفر له الموهبة الحقيقية، لكن أيضاً فإن البعض تمكن فعلاً من اكتساب الموهبة وتوظيفها بقدر كبير ونجح في ارتياد ذات المجال الإبداعي لوالده أو جده.

مجاهرة واضحة

لا تخلو الساحة الفنية من مساجلات حول هذا الأمر، فبعض الفنانين يعترفون جهراً بأن أبناءهم بعيدون من الغناء، بل وإن آخرين يؤكدون بأنهم قصدوا ذلك لما قابلوه من مشقة في هذا الطريق وعنت، وللفنان الراحل محمد وردي رأي صريح في ذلك حيث يقر بقدرة ابنه (عبد الوهاب) على التلحين والتوزيع الموسيقي بشكل ماهر، لكنه لن يصل بالتأكيد لمرحلة الغناء مثل والده الذي مثل أسطورة إبداعية قل أن تتكرر حتى في ابنه، ولوردي رأي صريح حول الموهبة الفنية لذلك لم يصمت طوال مسيرته الباهرة بالإدلاء للموهوبين أن يجودوا عملهم، لكنه لم يدع ابنه لوراثته في الغناء.

محطة الشهرة

لكن الأمر عند عز الدين أحمد المصطفى يبدو مختلفاً، فقد سار في درب والده الملقب بعميد الفن السوداني، ورغم أن النقاد يرون في عز الدين صوتاً قريباً من والده إلا أنه لم يحظَ بالشهرة والصيت الذي حققه الأب، وقد يبقى الاختلاف ضمناً في اكتفاء عز الدين في ترديد أغنيات والده، وهي بالضرورة حالة ليست إبداعية بما يكفي ويمكن لأي مؤد أن يجيدها، تتشابه معه أيضاً الفنانة عزة عبد العزيز محمد داؤد، التي سارت هي الأخرى في درب والدها، مع الفوارق الكبيرة بالطبع، ولا يمكننا أن نجزم بفشل عزة، لكن بالتأكيد فهي قالت لـ(الحراك) إن المسألة تعتمد على الموهبة، وأقرت بأن صوت والدها وإمكانياته الإبداعية لا يمكن أن يصلها أحد، ورأت أن تقييم تجربتها يرجع للناس ولمستمعيها، وأكدت أنها لا تستطيع أن تقيِم نفسها، لكنها لا تبدي حرجاً من الاستفادة من إرث والدها الإبداعي رغم ما تمتلكه من جمهور محب ومستمع لها.

الأقرب إلى الموهبة

وبصورة مفاجئة ومن خلال عدد من البرامج التلفزيونية، فقد ظهر ابن الفنان الراحل سيد خليفة منتصر، وهو يردد أعمال والده بصوت قد يكون الأقرب لموهبة خليفة الإبداعية والصوتية.

ورأى منتصر أنه نجح إلى حد ما في تقديم لونية والده، لكنه لم يصل إلى خبرته التي اكتسبها في الوسط الإقليمي عربياً وأفريقياً، وتميز أعمال سيد خليفة الفنية بصوت إبداعي وكلمات بسيطة وأداء موسيقي جميل، ويمتد الصف الطويل من ورثة الفن مثل محمد خضر بشير وعماد أحمد الطيب وأبناء البنا الذين يمثلون حالة خاصة كونهم من أسرة فنية فعلاً ورثت وتوارثت الغناء.

وصفة نقدية

قال الباحث في التراث الغنائي محمد جاد الله لـ(الحراك) إن بعض من أبناء الفنانين أصبحوا خلفاً لآبائهم بعد رحيلهم عن الدنيا وولجوا إلى الساحة الفنية بالإرث الذي تركوه لهم.

وأضاف: إذا أردنا الوقوف عند هذه الظاهرة نجدها قديمة.

وأشار محمد إلى أن الأعمال التي ظهروا بها جميعها لآبائهم ولم يقدموا أعمالاً جديدة، تؤكد أنهم لا يعيشون في جلباب آبائهم، فيما أشار إلى أن البعض ولتمكين نفسه سعى لمنع الفنانين من ترديد أغنيات آبائهم، مما أدى لتبقى حبيسة الأضابير، خاصة وأن بعضاً ممن يقلدون آباءهم كسولون وقليلو الظهور والمشاركة في الفعاليات الغنائية المختلفة.

الخرطوم – منهاج حمدي
صحيفة الحراك السياسي