تصدير اللحوم السودانية لأوروبا .. ضبابية الصفقة!!
وزير أسبق: تصدير اللحوم لأوروبا خلال شهرين أمر صعب
اقتصادي: أوروبا لا تسمح بتصدير اللحوم قبل التعرف على المسالخ والإجراءات البيطرية
كمال كرار: السياسة الاقتصادية قائمة على التخبط وعدم الوعي بالأهداف
على خلفية توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الثروة الحيوانية وشركة ريكس ميت الفرنسية بغرض تسويق اللحوم السودانية في دول أوروبا، الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً في الوسائط الإعلامية منذ توقيع الاتفاقية، إذ أن السوق الأوروبية تضع في أولى اهتماماتها المطلوبات والاشتراطات موضع اعتبار حقيقي، وعلى ما يبدو أن الشركة الفرنسية لديها ما تخفيه وأنها تلعب دور الوسيط من خلال إطلاقها وعوداً بتقديم خدمة تسويق المنتجات السودانية لأوروبا.. خبراء وباحثون اقتصاديون يطلقون تنبيهات ونداءات تفيد بأنه كان من الأجدى قبل التعاقد مع مثل هذه الشركات البحث عنها وعن عملها وأسلوبها في العمل ومَن هم عملاؤها السابقون ومدى رضائهم، ويرى باحثون في الاقتصاد أنه قد تختلف طبيعة عمل تلك الشركات من تنفيذ أو تخطيط أو تسويق أو بيع أو وسيط، ويعتبر محللون أن شركة ريكس ميت هي شركة حديثة ولا تمتلك صيتاً موثوقاً به في مجال تسويق اللحوم أي أنها غالباً ليست الجهة القادرة على تنفيذ ما تعاقدت عليه، ويصف محللون آخرون أن هناك عدم وضوح وشفافية في التعامل مع مثل هذه الشركة فيما يتعلق بعوائد إنتاج وتصدير مشتقات الثروة الحيوانية السودانية القومية بسبب عدم توافر تقارير وحسابات مالية عن نشاطاتها الإنتاجية والتصديرية وفق القانون الفرنسي.
مذكرة تفاهم
في المنتصف الأول من الشهر الجاري وقعت وزارة الثروة الحيوانية والسمكية بأمانة حكومة ولاية البحر الأحمر مذكرة تفاهم مع شركة ريكس ميت الفرنسية لتسويق منتجات الثروة الحيوانية إلى أوروبا والاستفادة من سلاسل القيمة المضافة إضافة إلى تطوير قطاع الثروة الحيوانية.
ووقع عن الوزارة وكيل الوزارة د. الأمير جعفر وعن الشركة بينوا دوراند مدير الشركة بحضور وزير الثروة الحيوانية حافظ إبراهيم عبد النبي ووالي ولاية البحر الأحمر المكلف بالإنابة، مجدي إبراهيم والمسؤولين بحكومة الولاية.
وقال وزير الثروة الحيوانية في تصريح صحفي: “خلال شهرين من الآن سنصدر لحوم الى ألمانيا وسيتم فتح أسواق جديدة في أوربا والاستفادة من منتجات الثروة الحيوانية).
من جهته قال مدير الشركة بينوا إننا سنستثمر في قطاع الثروة الحيوانية وخاصة اللحوم التي تزيد من القيمة المضافة وتسويقها إلى دول أوروبا، في حدود مليون طن إضافة إلى تطوير قطاع الثروة الحيوانية، وسنعمل بشكل منتظم ومستمر”.
أصل الشركة
تم تأسيس شركة ريكس ميت الفرنسية في العام 2013م، وتعتبر الشركة الفرنسية “شركة” محدودة بحسب الشكل القانوني وتسويقها ومبيعاتها السنوية 35 ألف دولار، ووفقاً لمعلومات خاصة فإن الشركة نشاطها يقتصر في تقديم المشورة لصالح جميع الشركات وخاصة لتلك التي تعمل في مجال الأغذية الزراعية لا سيما فيما يتعلق بالتدريب والتوظيف وكذلك وكيل المبيعات والتجارة في اللحوم منزوعة العظام ومخلفات المنتجات الثانوية من جميع البلدان، وبناءً على المعلومات التي توفرت فإن المسؤول الأول بالشركة هو بينوا دوراند.
احتياج البلاد
وزير الثروة الحيوانية الأسبق علم الدين عبدالله أبشر أكد عدم ملكيته لمعلومات كافية عن شركة ريكس ميت الفرنسية، لكنه يرى أن التصدير للاتحاد الأوروبي يحتاج إلى كثير من المتطلبات وتوفر الشروط التي يجب أخذها في الاعتبار، وقال إن الاتفاقية أقرت تصدير اللحوم خلال شهرين، قائلاً إن هذا أمر صعب، ومضى قائلاً: بعد أقل من أسبوع تم توقيع اتفاقية أخرى مع شركة مصرية وهناك من يقول إنها نفس الشركة لعمل مسلخ ومحجر في نيالا لتسويق المنتجات الحيوانية للسوق المحلي والصادر، وذكر د. علم الدين: نحن لا نحتاج حالياً إلى محاجر ومسالخ للصادر، مشيراً إلى وصول صادر الحيوانات الحية قبل ٢٠١٨ لما يقارب الـ6 مليون رأس في العام وتدنى بعد ذلك إلى 1.5 مليون رأس هذا العام بنفس عدد المحاجر، وأكد احتياج البلاد إلى تأهيل وتطوير المحاجر الموجودة ويجب أن يكون إنشاء المحاجر والمسالخ وفق الرؤية الفنية هذا حسب الحوجة، وقال إن كان لا بد من إنشاء محاجر فيجب أن تكون على الحدود مع الدول التي تمتلك ثروة حيوانية للتحكم والسيطرة على الأمراض الوبائية والعابرة للحدود، بجانب تأكيده لأهمية إنشاء مسالخ في معظم مدن السودان من أجل أن ينعم المواطن بمنتجات حيوانية صحية خالية من الأمراض، وشدد في تصريح لـ(اليوم التالي) على أن تكون هناك قوانين واضحة للاستثمار للشركات المحلية والأجنبية بجانب سيطرة الدولة على المشاريع الكبرى وعلى رأسها المحاجر والمشاريع الإنتاجية في قطاع الثروة الحيوانية.
الفائض الاقتصادي
في المقابل وصف عصو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير كمال كرار السياسة الاقتصادية بعد الثورة والانقلاب بأنها قائمة على التخبط وعدم الوعي حتى بالأهداف التي من الممكن تحقيقها في المجال الاقتصادي، ويعتقد أن الشركة الفرنسية تلعب دور الوسيط وبالتالي هي تعد بتقديم خدمة لتسويق المنتجات السودانية لأوروبا مقابل عمولة، واعتبر في حديثه لـ(اليوم التالي): مثلها مثل الشركات التي تستثمر في الذهب في عهد الإنقاذ وفي بعض شركات البترول، وأردف قائلاً: إذا أردنا أن نطور صناعتنا في مجال الثروة الحيوانية وتذهب لأسواق العالم ينبغي أن نخلق صناعة لحوم وألبان وتطوير الخدمات البيطرية وهذا مجهود دولة يجب أن تعمل عليه حتى تستفيد من القيمة المضافة، وتابع: إذا أرادت الدولة تصدير لحوم غير مصنعة يجب أن تتوفر الجودة والمعايير الأوروبية والعالمية وبالتالي يمكن أن يحدث تطوير، وذلك بمسالخ حديثة أو مصانع لحوم حديثه أو كشف بيطري أو تربية الماشية والاهتمام بها حديثاً، مشيراً إلى المؤسسة العامة للماشية واللحوم وهي كانت معنية بتلك الاهتمامات، وقطع أن السياسة الاقتصادية للبنك الدولي لا تريد للسودان أن يشتغل اقتصاد نحو النهوض، وأضاف: الهدف من الشركة ربما الاستيلاء على الفائض الاقتصادي وليس تحسين الثروة الحيوانية وتطوير الاقتصاد أو خلافه.
النصب والاحتيال
الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي قال: يجب على الوزارات أو المؤسسات السودانية التي تود أن تتعامل مع الشركات العالمية أن تعرف مقدرات وإمكانيات تلك الشركات، وطالب قبل التعاقد مع هذه الشركات ينبغي البحث عنها وعن عملها وأسلوبها في العمل ومَن هم عملاؤها السابقون ومدى رضائهم، ونوه أنه قد تختلف طبيعة عمل تلك الشركات من تنفيذ أو تخطيط أو تسويق أو بيع أو وسيط، ودعا في حديثه لـ(اليوم التالي) إلى ضرورة التأكد من تلك الشركات عبر تراخيصها الرسمية، مشيراً إلى أن أي شركة واقعية تكون حاصلة على تراخيص رسمية من الدولة وبالتالي توضح أن الشركة موجودة بالفعل وسارية، وقال إن عدم امتلاك الشركة تراخيص رسمية يعني أنها شركة وهمية، ويعتبر أن ذلك أحد طرق النصب والاحتيال على العملاء والتجار.
المواصفات الأوروبية
يعتقد المحلل الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان محجوب، أن شركة ريكس ميت هي شركة حديثة ولا تمتلك صيتاً موثوقاً به في مجال تسويق اللحوم أي أنها غالباً ليست الجهة القادرة على تنفيذ ما تعاقدت عليه، ويرى أنه ليست تلك هي المشكلة، ويضيف أن أزمة صناعة اللحوم في السودان بعيدة جداً عن المواصفات الأوروبية، ويعتبر أن السبب بسيط هو أنها كقطاع مخصص أساساً للسوق السودانية ولا توجد فيه قطاعات مخصصة للصادر، بل غالب المصدرين لا علاقة لهم بالإنتاج ولذلك هم لا يتحكمون في مواصفات المنتج، وبحسب د. الفاتح إن الاتحاد الأوروبي لا يسمح بتصدير اللحوم إلا ضمن برنامج معقد يحتوي على زيارات ميدانية للمسالخ والتعرف ميدانياً على الإجراءات البيطرية، ويصفه بالعمل البيروقراطي المعقد ربما قد يستغرق عدة سنوات وبعدها يمكن للسودان الحصول على حصة في السوق الأوروبية، وطالب د. الفاتح عبر تصريح لـ(اليوم التالي) الحكومة قبل السعي للتسويق في أوروبا أن تمضي قدماً في بناء قطاع صادر لحوم بمواصفات عالمية يستطيع أن يلبي الطلب العالمي المتزايد على اللحوم، ولفت الى أنه أمر إلى الآن غير موجود بدليل الفشل في الوفاء بشروط السعودية ناهيك عن الشروط والمواصفات الأوربية.
المعلومات والادعاءات
وقال الفاتح إن وزير الثروة الحيوانية صرح وفق المعلومات والادعاءات التي قدمتها إدارة الشركة وهذا تسرع منه وكان الأفضل له أن يستوثق بشكل جيد من الاتحاد الأوروبي وعن طبيعة الفرص المتاحة للسودان في مجال اللحوم والحجم الحقيقي المسموح به للسودان أو كيف يمكنه أن يتفاوض على ذلك وطبيعة الشروط التي يطلبها الاتحاد الأوروبي بجانب أن يستشير الخبراء في وزارته لكي يعرف كيف يمكن تطبيق الشروط والمواصفات التي طلبها الاتحاد الأوروبي على قطاع الثروة الحيوانية المخصص للصادر إن وجد قطاع – على حد قوله ـ ويرى بعد ذلك يمكن للوزير الدخول مع شركة أوربية لتسويق اللحوم باعتبار أنه يمتلك إنتاجاً جاهزاً ومطابقاً للمواصفات الأوربية، لكن المحلل الاقتصادي أبدى أسفه لعدم إتاحة ذلك حالياً، وافتكر أن التعاقد مع الشركة الفرنسية إجراء شابه التسرع ويصعب الاستفادة منه حالياً.
تساؤلات عديدة
يقول المحلل الاقتصادي الدكتور وائل فهمي بدوي: السودان يعاني من عدم الشفافية بالنسبة لهذه الشركة فيما يتعلق بعوائد إنتاج وتصدير مشتقات الثروة الحيوانية السودانية القومية بسبب عدم توافر تقارير وحسابات مالية عن نشاطاتها الإنتاجية والتصديرية وفق القانون الفرنسي، وأردف قائلاً: يفرض ضآلة رأسمال الشركة تساؤلات عديدة فهل ستكون الشركة مستشاراً لشركات ومحاجر ومصانع لحوم تربطها بمؤسسات شراء مشتقات الثروة الحيوانية بأوروبا وغيرها وبالتالي تأخذ عمولة من استشارتها هذه أم إنها هي نفسها ستنشئ شركة ذاتية للتصدير وتتمتع بكل العوائد خاصة من أوروبا وغيرها؟ وبحسب د. وائل تفيد بعض المصادر بأن الاتحاد الأوروبي لن يستوعب أكثر من ٤٠٠ ألف طن من اللحوم سنوياً من الخارج في إطار اتفاقياته مع أمريكا والبرازيل.
وقال: من الممكن بيع المليون طن لحوم وماشية لدول الاتحاد الأوروبي ولدول من خارجه، ولكن ستواجه حتماً بالمحدودية الشديدة والضعف الفني والاقتصادي للبنيات الأساسية وضعف التشريعات والقوانين والقرارات السائدة إلى جانب مشكلة تحصيل كامل عوائد الصادر، غير المهرب، في ظل السياسات النيوليبرالية الحاكمة حالياً والتي فشل بنك السودان المركزي في ضمان استيفائها بالكامل من المصدرين عموماً وخاصة من هذا القطاع الحيوي كما غيره من القطاعات التي لها مساهمات في هيكل الصادرات السودانية، ولفت إلى أنه لم يفاد حتى تاريخه، متسائلاً: كم ستحتاج عمليات تطوير هذا القطاع من أموال للاستثمار فيه لتحقيق مثل هذه الطموحات الكبيرة؟ أم هذا تمهيد لاحق لاستجلاب شركات أجنبية أخرى لهذا الغرض ليعطي لها من عائدات الصادر مما تم توفيره؟ وهل سيتم تصدير لحوم من بعد تصنيعها ببعض دول الجوار بما يقلل من القيمة المضافة؟، ومضى قائلاً: حقيقة هناك صعوبة في إيجاد أجوبة موضوعية على هذه الأسئلة المهمة.
المأزق المالي
وأقرَّ الفاتح بأن الحصار المالي بعد ٢٥ أكتوبر وضع البلاد في ورطة مالية وأن الثروة الحيوانية هي إحدى المكونات الهامة بهيكل الصادرات السودانية، منوهاً: لا يمكن قبول منطق الخضوع لهذا المأزق المالي دون دراسات علمية دقيقة عن كافة المراحل المتكاملة من زواياها الفنية (بيطرياً واقتصادياً وقانونياً وسياسياً) لضمان استدامة نجاح الاستفادة القصوى من هذه الثروة الحيوانية النادرة من المنظور الاقتصادي رغم وفرتها الطبيعية نسبياً بالسودان، وأشار إلى أن العالم أصبح يتمتع بها حالياً نسبة لكونها أرخص لهم مع ارتفاع دخولهم الحقيقية مقارنة بالسودانيين ذوي الدخول الحقيقية المنخفضة للغاية مع انخفاض القيمة المضافة لصادراتها في شكلها الحالي، وتابع: في وقت تعمل فيه الدول المتقدمة على فرض توسيع نفوذها الاقتصادي محلياً وإقليمياً وعالمياً، ونبه د. وائل إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون كل سياسات فرض الأمر الواقع إيجابية للاقتصاد في المدى المتوسط والطويل، مشيراً إلى دول غرب إفريقيا عن استثمارات فرنسا بها دون عمل التوازنات المطلوبة في مواجهتها بالمستوى المطلوب.. (اليوم التالي) سعت لاستنطاق وزير الثروة الحيوانية حول القضية، لكنه لم يرد على الهاتف، وسعت لعدد من الإدارات الأخرى في الوزارة، ولكنها لم تتمكن من إيجاد إفادة رسمية.
الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي
دائما القحاتة لعنهم الله وقضي عليهم بيهاجموا كل شئ وهم في زمنهم وفرصتهم فشلوا فشل مريع وبعدين مافي اي مشكلة بيعوا ليهم المواشي حيه بمشوا بذبحوها علي طريقتهم وراحتهم ولاتعطوها لمصر الحرامية تاخذها وتبيعها بي اسمها علي الاقل حتي لو تجربة فاشلة لابد من المحاولة حتي نصل للنجاح والغاية نصل للعالم والعالم يسمع ب في دولة اسمها السودان وعندها مواشي ووو