اقتصاد وأعمال

راهن الأسواق .. الامتصاص السريع للأجور

يوماً تلو الآخر.. تزداد معاناة المواطن خاصة من محدودي الدخل والفئات الضعيفة في المجتمعات المحلية نسبة لعجزهم عن توفير أبسط مقومات معاشهم متطلباً، نتيجة للزيادات اليومية في الأسعار، مقابل انخفاض قيمة الأجور، وبحسب مؤشرات اقتصادية فإن مستوى الأجور في البلاد لا يتجاوز نسبة الـ30% لتغطية وتلبية احتياجات معاش الناس.

زادت المسؤولية
ومن واقع الحال.. فإن المتطلبات الأسرية باتت أثقل من أن يحملها كاهلهم المثقل أصلاً بالتزامات متعددة متمثلة في سداد إيجارات السكن والمواصلات والتعليم والعلاج والغذاء باعتبارها متطلبات أساسية، وبالتالي زادت المسؤولية أمام المواطنين بعد رفع الدولة يدها عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مساهمتها فيهما، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات ورفع أسعارها مثل المياه والكهرباء وبعض الإجراءات الخدمية في التعاملات الحكومية.

العمال والموظفون
ويعاني معظم الموظفين والعمال من ذات المشكل حيث لا يكفي راتبهم المتدني لمقابلة غلاء الأسعار المتصاعد يومياً مع ثبات الأجر الذي هو أصلاً لا يتناسب مع متطلبات المعيشة، كما تتقاصر الجهود الحكومية عن تخفيف أعباء المعيشة عن هذه الشرائح رغم من اعتماد موازنة 2022 رفع الدعم الاجتماعي إلى ألف جنيه لمليون أسرة فقيرة، وهو لا يمكن تلمسه بوضوح حيث يشكك كثير من المراقبين في تنفيذ الحكومة للدعم الاجتماعي بحسب ما جاء في موازنة 2019، كما أن كثيراً من المواطنين يقولون إنهم يسمعون فقط بالدعم الاجتماعي ولم يصلهم.

الخدمات الأسرية
يقول ـ فارس الجاك ـ موظف بإحدى الشركات الخاصة إن الواقع الاقتصادي أصبح صعباً جداً، وذكر أن ما يوفره الراتب لا يتجاوز الـ30% من الحاجة الفعلية لتغطية وتوفير الخدمات للأسرة، موضحاً أن سد هذا العجز يكون بالتنازل عن العديد من المتطلبات إرغاماً والاكتفاء بالمستلزمات الغذائية فقط، وتوفير بعض متطلبات المدارس على دفعات وأقساط، وأشار إلى أن الغذاء يتصدر ترتيب الأولويات.

الصناعات التحويلية
بدوره أشار الخبير الاقتصادي د. محمد النيل إلى خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقال لـ(اليوم التالي)، إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن، وشدد على ضرورة كبح جماح تفلت الأوضاع الاقتصادية في الأسواق الحرة نسبة لاستمرار الأزمة هكذا دون حلول على أرض الواقع، ولفت إلى أن البيئة الاقتصادية باتت لا تساعد المواطنين على تحقيق أدنى الطموحات نحو المستقبل، وحثّ على ضرورة التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة والحيوانية التي تتعلق بالصناعات التحويلية، وأكد ذلك سيسهم في توسعة حجم الصادرات السودانية.

الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي