اقتصاد وأعمال

الدقيق والخبز .. زيادات تعمق الأزمة

ما زالت مشكلة توفير سلعتي الدقيق والقمح من المشكلات التي تؤرق مضاجع الحكومة، وتلقي بظلال سالبة على معاش المواطن. ونتيجة طبيعية لعدم استقرار السياسات الاقتصادية والمالية اضحى توفير سلعة الخبز أمراً عصياً على الحل وبالرغم من محاولات الإصلاح لهذا الملف وطي فاتورة استيراد القمح التي قد تتجاوز ملياري دولار سنوياً وفقاً لمؤشرات ارتفاع أسعار الدولار، بيد أن البلاد لم تتمكن من تحقيق الاستقرار في ملف الدقيق حتى بعد ان تم سحب حصص الدقيق المدعوم من المخابز. وعلى اثره ارتفع سعر الرغيفة من ٥ جنيهات الى ٣٥ جنيهاً.

وبحسب تصريحات عضو تجمع أصحاب المخابز عصام عكاشة فمن المتوقع ان يرتفع سعر الرغيفة الواحدة الى ٥٠ جنيهاً عقب ارهاصات زيادة اسعار الدقيق بعد تراجع قيمة العملة الوطنية أمام الأجنبية، مضيفاً ان هناك ملامح ازمة منتظرة في الدقيق، منوهاً الى وجود مشكلة في إمداد غاز المخابز من الشركات، ووصف الوضع بالفوضوي من ناحية التوزيع.

وفي السياق نفسه، أكد صاحب مخبز المهندس ببحري فاروق يوسف الخضر، عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بموقف الإمداد من حصص الدقيق والغاز، وأكد أن شركات الدقيق بدأت التحفظ في توزيع الكميات المقررة للمخابز تحوطاً لحدوث زيادات كبيرة في سعر جوال الدقيق، وشكا فاورق لـ”الصيحة” عن زيادات كبيرة في أسعار مدخلات انتاج الخبز، مبيناً تراجع الأرباح الهامشية لقلة الطلب على الخبز، وجزم بإقرار أصحاب المخابز زيادات جديدة في السعر بناءً على المستجدات في موقف الدقيق ورفع سعر قطعه الخبز من ٣٠ جنيهاً الى ٥٠ جنيهاً، واوضح ان سعر جوال الدقيق نوعيه الخباز ٢٥ كيلو بواقع 10.300 جنيه، وأعرب عن قلق كبير من أصحاب المخابز تجاه تذبذب الإمداد للغاز، ونوه إلى اللجوء لاستخدام الجازولين للاستمرار في إنتاج الخبز بواقع ٧٥٠٠ جنيه للجركانة الواحدة. ما يعادل ٧٥ مليون جنيه لليوم الواحد ، مشيرا الى ان سعر لتر الغاز بواقع ٤٨ جنيها للتر الواحد حسب التسعيرة الرسمية، وأكد عدم توافر عربات كافية للتوزيع. واردف ان شركات الغاز غير ملتزمة بمواعيدها ونتعرض لخسائر كبيرة جراء توقف العمل يومياً في الساعة الواحدة ظهرا بسبب المظاهرات وعدم استقرار الأحوال الامنية، وتخوف من انحدار الموقف بالمخابز نحو الأسوأ عقب دخول فصل الصيف وقطوعات الكهرباء لساعات طويلة مما يضاعف تكلفة الإنتاج.

ومن جانبه، قال صاحب مخبز شمال بحري لـ(الصيحة) ظللنا نطالب الجهات التنفيذية بتوفيق الأوضاع ودعم مدخلات الإنتاج على رأسها الغاز والجاز، ولكن ما حدث فعلياً ارتفعت اسعار مدخلات إنتاج الخبز بصورة خيالية خاصة التي لها علاقة مباشرة بالسوق الموازي، ونوه الى الزيادات الكبيرة في الخميرة والزيت والملح والعمالة، وتوقع زيادة سعر الرغيفة من ٣٠ جنيهاً الى ٥٠ جنيهاً بجانب الالتزامات الأخرى المترتبة على أصحاب المخابز منها الإيجارات والتي ترفع من قبل أصحاب المحلات بصورة شهرية ومعدات العمل التي يشتريها أصحاب المخابز من السوق الحر، وقال وصلنا مرحلة اذا حدث عطل لا نستطيع إصلاحه نتيجة ارتفاع أسعار الاسبيرات، وأكد أن اللجوء لاستخدام الخبز التجاري انهى ظاهرة الصفوف وتكدس المواطنين، ولكن مع حدوث كل تلك الزيادات هناك ارهاصات بحدوث ازمة قادمة في الخبز وعودة الصفوف مجدداً عقب الاستقرار الذي شهدته السلعة في المرحلة الماضية، ودعا الحكومة الى دعم مدخلات انتاج الخبز لتحقيق الاستقرار في السلعة.

وفي المقابل، تخوف مواطنون من ارتفاع أسعار الخبز الى مستوى قياسي غير مسبوق.
وأكد الاستاذ الجامعي د. محمد الناير في حديثه لـ”الصيحة” ان الدولة رفعت يدها تماما وتركت المواطن يواجه مصيره وظلت تفرض عليه المزيد من الاعباء من خلال قراراتها ومفاجأته بصورة يومية بقرارات تؤثر على معاشه بشكل او بآخر، واوضح ان الدولة نفذت خلال الفترة الانتقالية كل مطلوبات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي وللأسف لم تحصد شيئا وما تزال مستمرة في الضغط على المواطن والذي بدوره فقد القدرة على التحمل، واردف الناير بأن القضية ليست قضية خبز فقط وإنما معيشة المواطن التي أصبحت رهينة بالقرارات التي تنعكس على الخبز ومنها قرارات اخرى فرضت زيادات في الكهرباء والغاز ورسوم المستشفيات التي تم تجميدها مما رفع الاسعار بصورة كبيرة في مقابل زيادة طفيفة في مرتبات القطاع العام وهي لن تعالج اي شيء ، وأبدى الناير اسفه، وقال إن معدلات الفقر في السودان في زيادة وايضا معدل التضخم الذي وضع في حدود ٢٠٢٪ في موازنة ٢٠٢٢م، وأضاف في حال استمرار السياسات والقرارات تجاه السلع التي يعتمد عليها المواطن بصورة اساسية والتي تشهد ارتفاعا غير مسبوق فمن المستحيل ان يظل معدل التضخم في اطار الرقم أعلاه، وتوقع ان يتجاوز معدل التضخم ٥٠٠٪ في ظل عدم استقرار سعر الصرف وعدم قدرة الدولة على تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والموازي.

وأعرب عدد منهم عن استياء بالغ من صمت الحكومة تجاه ملف الخبز والدقيق وسياساتها المتعلقة بالدقيق والخبز.

وقال عدد منهم تحدثوا لـ”الصيحة” قبلنا بالأمر الواقع وشراء الخبر التجاري رغم عن غلاء ثمنه وهو يفوق امكانياتنا المالية ولن نقبل بأي زيادة جديدة في السعر وعلى الحكومة الاهتمام بمعاش المواطن قبل أي شيء.

وقال المواطن محمد عثمان، إنه تراجع عن شراء الخبز التجاري لعدم مقدرته المالية على الشراء لاسرته التي تتكون من ٧ أفراد واتجه الى البدائل مثل الكسرة والقراصة لسد الحوجة، ورغما عن ذلك هناك زيادة في دقيق الكسرة البلدي وارتفاع سعر باكت سيقا الى ٦٥٠ جنيها، وأكد أن الحياة المعيشية فاقت قدرته المالية، ووصف الخبز بأنه قد يصبح رفاهية بالنسبة لأسرته، وقال اصبحنا نعاني من أزمة ضمير، فالحكومة والمسؤولون منشغلون بقضايا أخرى بعيداً عن معاش الناس!!!!!!!!

الخرطوم: رشا التوم
صحيفة الصيحة