الإصلاح السياسي أم الثورة ؟
مقالات فى الذكرى الثالثة للخيبة
( 6 )
الإصلاح السياسي أم الثورة ؟
ـ فى البدء تجدنى متفهما لكمية الأذى الذى تسوقه هذه الكتابات لكثيرين ، بعضهم منتفع من هذه الأحزاب ويحرص على ابقائها على حالة ضعفها هذه لأنه يأكل من ظهرها ، وبعضهم مسكين لايزال يعلق أحلامه على هذه الحفنة من الأحزاب العقائدية المتحجرة والمتيبسة والطائفية الأسرية المختطفة … أعلم أن هز شجرة الأحلام هذه أمر يسبب الكثير من الصدمات والكدمات النفسية ولكن لابد من عمليات ( كحت ) معرفى وتوعوى لهؤلاء المخدوعين البسطاء والتى لاتقل أهمية عن عمليات (الكحت ) للأرحام التى تحمل فى جوفها ( بقية ) أجنة ميتة ودم ونزيف متخثر ….فشنو …( اتحملوا شوية ) !!
ـ بعد ستة عقود من نشأة وقيام الأحزاب السياسية السودانية يتأكد الآن أن هذه الأحزاب لم تعد قادرة على تحقيق تطلعات الناس فى التطور والإستقرار السياسي وتحقيق المناط من ( الديمقراطية )
ّـ النشأة المشوهة والمتعجلة لهذه الأحزاب والظروف الاستثنائية التى تشكلت فيها جعلها دوما فى حاجة ملحة لإعادة تأسيسها وتشكيلها ، إعادة تأسيس على مستوى الفكرة والبرنامج والمشروع السياسى وإعادة تنظيم على مستوى العضوية والتمويل والخطاب ( العملى والواقعى )
ـ أقسى علة ذبحت صحة وسلامة هذه الأحزاب انها تعرضت للإختطاف ..الاختطاف الآيدولوجى الظلامى الشديد الضيق والاختطاف الأسرى الإنتهازى الطائفى …هذه العلة جعلت من هذه الأحزاب كائنات شبحية شاحبة تعيش على التكاثر البكتيرى والفيروسى فى المشهد السياسى ، تستفيد من تناقضاته ومطباته فائدة تكتيكية وعندما يحين موعد صعودها لتنفيذ الإستراتيجى تسقط كل هذا السقوط الداوى
ـ صعدت هذه الأحزاب بعد خروج المستعمر لتحقيق احلام مابعد الإستقلال فاحتربت فيما بينها وتمزقت وانقسمت واستعانت على بعضها البعض بالجيش ، ثم صعدت لتحقيق احلام اكتوبر فانقسمت ثم صعدت لتحقيق أحلام ابريل فكررت ذات الانقسام والآن جرح تجربتها الاخيرة مفتوح ومتقيح تفوح منه الروائح من كل إتجاه …ألم تنقسم قحط بعد صعودها للحكم بعد ذهاب البشير ؟ ألم ينقسم المهنيون وتجمعهم ؟ ألم ينقسم الصحفيون وجمعياتهم ؟ ألم ينقسم البعثيون على بعضهم البعض؟ ألم تنقسم قيادات حزب الأمة ؟ ألم تنقسم المكونات الخمس الموقعة على ميثاق قوى الحرية والتغيير ؟ نداء السودان فى جهة وقوى الإجماع فى جهة ومنظمات المجتمع المدنى ( الوهمية ) فى جهة والتجمع الإتحادى فى جهة ، وتجمع المهنيين فى جهة ؟ ثم انقسمت قوى الإجماع ..الشيوعى فى جهة والبعث فى جهة ، ثم انفلخت قصبة نداء السودان ،، فاصبحت الحركات المسلحة تمتطى ظهر قصبة ، وحزب الأمة والمؤتمر السودانى ظهر القصبة الأخرى …و ….عيييك ثم ظهر تحت هذا ( الكسّار) الحزب الجمهورى منقسما والناصرى منقسما ولجان المقاومة منقسمة وأسر الشهداء منقسمة ….( محن جد ) وعندما تضع دماغ هذا الشتات الحزبى تحت فحص الأشعة المقطعية لتستكشف سبب هذه الحالة الإنقسامية المستمرة ستصل لنتيجة واحدة وهى أنها ليست أحزاب حقيقية قائمة على رؤية او فكرة بل هى ( لمامة ) سياسية ، بقايا فكرة او متبقى عهد مضى ليست مصممة لبناء المستقبل أو التخطيط له …مزع وريقات تجمعها نسائم الصباح فى زاوية وتشتتها رياح الظهيرة فى بقية ( الأكيام)
ـ أحزاب عدد الذين يخرجون من عضويتها أكثر من الداخلين …كيف لا وآخر شخص استقطبه الحزب الشيوعى وجنده بالفكرة هو صديقنا طارق عبدالمجيد وهو يخطو الآن نحو عقده السادس مد الله فى عمره وهداه أما زمرة العضوية الجديدة فهى العضوية المستقطبة بالطبل والهتاف (تنكى برنكى خش البنكى ….)
ـ ولهذا فقد كان نصحنا الدائم لهم وقبل ركوب مايسمى بموجة الثورات هو إعمال منهج الإصلاح داخل أحزابهم وذلك حتى تتوافر لديهم باءة إدارة المستقبل والتخطيط له …حتى يحتفظون بجدوى بقائهم واستمرارهم ولايضطرون لتقوية شأن المنظومات العسكرية مثلما فعلوا مع الحركات المسلحة وحميدتى التى يتباكون منها اليوم …ولأنهم يواجهون خصما ومنافسا سياسيا سبقهم فى البناء الفكرى والتنظيمى بمراحل …تنظيم أبكاهم وهو حاكم وجرسهم وهو خارج الحكم …تنظيم حشد فى صفوفه باكرا الكثير من المثقفين والصفوة الذين ظلوا يلقحون باستمرار فكرة وجودهم الأولى فاحتفظوا بقصب السبق على غرمائهم حيوية وانتاجا ونشاطا
ـ اختر من طرف قائمتهم النسوية أى إسم …مثلا .. أميرة الفاضل ..قدموها كوزيرة فنجحت وقدموها كخبيرة فى قيادة المنظومات الإقليمية فملأت مقعد وظيفتها حتى (غارت) بقية المقاعد ثم قدموا روضة الحاج بسمتها وعبقريتها فأصبحت مشروع نجاح قائم بذاته
ـ قدموا مأمون حميدة مديرا لجامعة الخرطوم والذى رفض سياسة التعريب التى كان يتبناها بروف إبراهيم أحمد عمر وعندما ضغطوا عليه لتنفيذها قدم استقالته وأقام مشروع جامعته الخاصة التى حافظ فيها على قناعاته فبز حتى جامعة الخرطوم فهؤلاء القوم لم يكونوا ينصاعون لرأى سياسى مركزى آحادى رغم أنهم أبناء فكرة واحدة !!
ـ وقدموا إسماعيل المتعافى واليا للخرطوم وقبل أن يؤدى القسم ( اشترط) على الرئيس ..نعم اشترط …ألا يرأس حزب المؤتمر الوطنى فى الولاية وألا يستدعوه للحديث فى ندوة سياسية وتفرغ لبناء خمس كبارى بتمويل ذاتى من مالية ولاية الخرطوم ( وزحم ) حارات الخرطوم بشوارع الأسفلت
ـ وقدموا أمين حسن عمر ..رائد النقد والإصلاح الذى صدح قائلا لن نسمح بالتجديد للرئيس ( وبالقانون ) !! بل وقدموا بروف ابراهيم احمد رئيسا للبرلمان الأخير وعندما استدعاه المكتب القيادى وطلبوا منه سحب مشروع تعديل قانون الإنتخابات صرخ فى وجوههم ( اسحبوا كيف؟ده برلمان مش جمعية أصدقاء المؤتمر الوطنى، أما ان يفوز المشروع أو ان يسقط بالتصويت ولكن اللوائح تمنعنى من سحبه )
ـ غرماؤكم أيها السادة لم يكونوا مجرد حزب سياسى راكد بل كانوا كيانا فكريا واجتماعيا يمور حيوية وتنوعا …يتباينون حول الأفكار لاعلى الفكرة فلاسبيل لتحقيق التوازن معهم إلا بالإعتراف بالفوارق الكبيرة بينكم وبينهم والانقطاع عن الشغب الطفولى الذى تمارسونه الآن والعمل على اكتساب خبرة رجال الدولة بدلا عن سطحية هتاف المنابر هذا … ثم الشروع فى عملية إصلاح صادقة وواقعية وحقيقية حتى لاتضطرون لتسول المجد السياسى من موائد قرنق والحلو وعبدالواحد والشهداء ثم حميدتى ثم التكسب من مظاهرات الشباب السودانى الحر ، نعم دعكم من هذا الهراء ..بلاثورة بلابطيخ …ففاقد الشيئ لايعطيه
ـ نواصل
ـ ( أعرف أنى أوجعكم ولكن إزالة كل هذا الصف من الأسنان المتسوسة هو مصدر هذا الوجع ..فاعذرون)
حسن إسماعيل
والله فعلا كلام حفيفي وموجع ولو استوعبوه بعقولهم لنصحوا له لكن هيهات
وأين السودان الآن من كل هذا الذي ذكرته، ماذا أصاب البلد من كل هذا الزخم الذي أشرت إليه، ما المحصلة من كل هذا الجمال والعلم؟ ما المردود من 30 عاماً كانوا في مقدمتها هؤلاء العباقرة الذين ذكرتهم؟ ولا هو كلام والسلام؟!!! لم نضيع إلا بأمثالكم .. ولم ينحدر هذا البلد إلى هذا الحال إلاّ بأشباهكم .. إلا بهذا الكلام الذي لا يؤدي ولا يجيب نتيجة، اللهم إلاّ نتيجة التقهقر إلى الخلف. يا أخي أنا والله ما عندي زمن عشان أقول وأرد ليك وافعل ليك، لكن كلمة واحدة منطقية أقولها لك أو سؤال واحد أوجهه لك: رغم ما ذكرت هل سألت نفسك لماذا نحن بالوضع هذا الآن؟ لماذا بعد مدة طويلة من تنفذ هؤلاء وأشباههم الذين ذكرتهم .. لماذا انحدر السودان إلى الدرك السحيق الذي يعيشه الوطن والمواطن؟!!! وأنا أقصد هنا السواد الأعظم من الشعب!!! لماذا أنت وأمثالك تصرون دائماً على تلميع هؤلاء المجرمين!! القتلة !! الحرامية!!! الفاسدين!!! .. ورغم ما ذكرت من مؤهلات لهؤلاء .. ورغم ما ذكرت من تلميع لهم إلا أنهم يتصفون بهذه الصفات الأربعة التي ذكرتها وأكثر من ذلك كثير من أمثال صفات النفاق والكذب والضلال والإفك … الخ، والأهم من ذلك هو الكذب والنفاق باسم الدين .. والدين منهم بريء .. ولأن الله ضرب لنا أمثال أمم سابقة جارت وحادت عن جادة السبيل وظلمت وهتكت العروض وقتلت ونهبت وسرقت وفسدت .. أقول ضرب الله لنا الأمثال لنتعظ ولكن هل من اتعظ؟؟!!! والنتيجة .. ولأن الله يمهل ولا يهمل فإن غالبية أو جُل هؤلاء الذين ذكرتهم إما داخل السجون وإما فارين من العدل والعدالة خارج الوطن .. (والله يمهل ولا يهمل) وكله هذا تم بأمر الله .. العدل .. الذي لا يقبل الظلم .. والذي ينصر المظلوم على الظالم ولو بعد حين .. هذا وكفى ..
والله كلام منطقي … لابد للديموقراطيه من احزاب ومفيش احزاب حقيقيه ..لازظ يكون في تكتلات بشريه عشان الانتخابات او حتى التفاوض … اذا مافي احزاب سياسيه حقيقيه حيضطر من بيده السلطة يلجأ للخيار التاني وهو سيء جدا لاجدا جدا وهو موضوع النظار والقبائل لتجميع الحد الادنى على الاقل من التوافق …ما هو ما ممكن البرهان وحميدتي يقعدوا مع الشعب واحد واحد وما ممكن يفكوكم في السهله ساكت وتبقوا في ندم وحسره