عقب زيادة الدولار الجمركي .. القطاع الصناعي .. الضرائب والرسوم توقف الإنتاج
شهد تاريخ الصناعة السودانية فترة مظلمة دفعت به في أتون الإهمال وتدهور البُنى التحتية واندثار غالبية الصناعات والأنشطة المتعلقة بها وفي الوقت نفسه يواجه القطاع المزيد من العراقيل المتمثلة في الرسوم والجبايات المفروضة، ومؤخراً طرأت رسوم جديدة عقب زيادة سعر الدولار الجمركي والتي أدت إلى توقف عدد كبير من المصانع عن العمل رفضاً لسياسات وزارة المالية.
قال الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية عبد الرحمن عباس: إن قرار وزارة المالية برفع الدولار الجمركي تنسحب عليه آثار كارثية على القطاع الصناعي وحياة الناس والاقتصاد الوطني.
وأكد في مؤتمر صحفي أمس، بمقر الاتحاد أن الصناعة هي عصب اقتصاديات كافة الدول في العالم.
وأكد أن الصناعة أصبحت (كبش فداء) لوزارة المالية والتي كلما عجزت عن توفير الإيرادات اتجهت إلى فرض رسوم وضرائب على القطاع.
ووصف وزارة المالية بأنها سوف تقتل بقرتها الحلوب بتلك القرارات، مشيراً إلى تبادل وجهات النظر والنقاش مع أصحاب المصلحة (الصناعيين) عقب رفع الدولار الجمركي من (445) إلى (564) جنيه، بنسبة (26%)، وجزم بأن الزيادة في الدولار الجمركي ستصل إلى (35%) لأن طبيعتها تراكمية، وأوضح أن جملة ما تأخذه الحكومة من المنتج الصناعي (70%)، ووصف الزيادات بأنها تؤثر على المواطن مباشرة وتدخل في تكلفة الإنتاج، وقال: نحن نأخذها من المواطن لنقدمها إلى الحكومة (مجرَّد وسطاء فقط)، منوِّهاً إلى زيادة الأسعار بصورة كبيرة مؤخراً مما دعا المواطن الإحجام عن الشراء.
وشكا من تكدُّس المنتجات في المصانع لضعف القوة الشرائية بالرغم من أن (70%) من قيمة المنتج تذهب للحكومة.
وكشف عن عدم قدرة قطاع كبير من المصانع مجاراة طفرة وزيادة الأسعار، فضلاً عن زيادات سبقت في الكهرباء والمحروقات مما ينعكس على حياة المواطن.
وأعلن أن أكثر من (80%) من المصانع تعمل بطاقة أقل من (20%) من طاقتها التصميمية والبعض الآخر توقف تماماً عن العمل.
وشدَّد على أن القطاع الصناعي تلقى ضربات موجعة من وزارة المالية والتي لم تشاور الصناعيين أو تشركهم في تلك القرارات رغماً عن أنهم شركاء لها في إدارة الاقتصاد.
وطالب عباس بإلغاء ضريبة رسوم الإنتاج، مؤكداً عدم قانونيتها، فضلاً عن خفض الفئات الجمركية بما يوازي نسبة الزيادة المئوية في الدولار الجمركي وإلغاء الضريبة على المحروقات وتفعيل وتطبيق قانون التنمية الصناعية لتقنين وتنظيم الرسوم والجبايات، وناشد الحكومة الاستجابة إلى مطالبهم، وجزم بالشروع في خطوات تصعيدية للصناعيين بالتوقف عن البيع والإنتاج والإضراب العام عن العمل في حال عدم الاستجابة لمطالبهم العادلة، وتابع: (لا تقتلوا الصناعة)، وأمهل الحكومة فرصة أسبوع وحال عدم الاستجابة يتم العودة إلى الخيارات الثلاثة.
ودعا المصانع التي توقفت عن البيع مباشرة أعمالها إلى حين إشعار آخر، وجدَّد رفضهم القاطع للقرارات الأخيرة وطالب بإشراكهم في أي قرارات اقتصادية والتفاوض معهم.
ومن جانبه أكد نائب الأمين العام للاتحاد د. الجاك بابكر الجاك، عدم مشاورتهم أو استشارتهم في قرار زيادة الدولار الجمركي وإنما تمت مفاجأتهم عند السداد في الموانئ، وأعرب عن أسفه لافتقار البلاد إلى المؤسسية ووصف المؤسسات الحكومية بأنها تعمل في جزر معزولة.
من ناحيته أكد المخلص الجمركي دفع الله عبد الله يوسف، أن حديث وزيرة المالية بعدم وجود دولار جمركي لا صحة له، وقال: إن الدولار الجمركي تتخذه الدول لحفظ التوازن في الاقتصاد ولا يتم العمل بسعر السوق أو الدولار الحر.
وأشار إلى آثار التوقف عن العمل على المصانع وتكبدها خسائر مالية فادحة مما يؤدي إلى فقدان سلع ضرورية للمواطن بداية من معجون الأسنان وصابون الغسيل والحمام واختفائها من الأسواق والمنازل.
وحذَّر من عملية ارتفاع الأسعار في ظل ثبات الدخل مما يؤدي إلى قفل الدائرة الاقتصادية.
وتساءل حول كيف يمكننا أن ننتج بدون توفير المقومات الأساسية مثل: الكهرباء؟ وكيف يمكن أن نصدر إنتاجنا الزراعي في ظل فرض ضرائب ورسوم عالية التكلفة مما يؤدي إلى خنق القطاع الصناعي المهني؟
ولفت إلى أن هناك مصانع مغلقة توقفت عن العمل وماتزال مستمرة في سداد ما عليها من التزامات تجاه العاملين، وأردف بأن الاقتصاد في مرحلة الموت السريري.
وشكا من تأثر مصانع السلع الغذائية وتعرُّضها إلى خسائر وإفلاس لارتباطها بفترة صلاحية معينة للمنتجات، مشيراً إلى تكدُّس المخازن بالبضائع.
وأردف: أصحاب المصانع لحقت بهم خسائر كبيرة، مضيفاً أن البنوك عجزت عن الإيفاء بتمويل القطاعات المنتجة لضعف القوى الشرائية للجنيه السوداني، منوهاً إلى أن (80) من حجم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي.
وفي السياق نفسه دعا الأمين العام لغرفة الصناعات الغذائية مصطفى حسن، أمين وزارة المالية بالرجوع إلى المؤسسية وإشراك القطاع الإنتاجي في القرارات المتخذة.
وفي ذات الاتجاه أكد صاحب مصنع للمنتجات البلاستيكية اضطرارهم للبيع بسعر التكلفة جراء الكساد وعدم المقدرة على الوفاء بالالتزامات المالية المترتبة عليهم.
ووجه انتقاداً لزيادة الرسوم المالية الحكومية، وزاد قائلاً: المسؤولون في الحكومة هل يعون ما يفعلون؟
الخرطوم: رشا التوم
صحيفة الصيحة