رأي ومقالات

حسن إسماعيل: بلاغ للإمام المهدى


– كان السيد الصادق المهدى يومها قد أكمل للتو عقده الثالث فذهب لعمه الإمام الهادى وطلب منه أن يأمر السيد محمد أحمد المحجوب بأن يتنحى عن قيادة الحزب وأن يفسح له المقعد لإدارة شؤون الحزب والناس ولكن الإمام الهادى رفض ذلك ففكر السيد الصادق المهدى يومها أن يعمل ( أبو القاسم ) فى الحزب والكيان فأقترح على عمه الهادى ( إنتو شيلو الراتب والأوراد والقبة وادونى الحزب والسياسة والسندكالية ) ولكن عمه رفض هذه القسمة الضيزى أيضا فخرج السيد الصادق المهدى بهتافه الشهير ( لا للجمع بين الإمامة ورئاسة الحزب ) وجعل من ذلك الهتاف حصان معركته لأخذ قيادة الحزب…. تلك المعركة التى انتهت بهزيمته وقررت (القبة ودار الحزب) يومها المضى فى طريق واحد والجلوس على مقعد فردِِ وعدم الافتراق وانتهى ذلك المشهد العبثى بعبارة ساخرة قالها شيخ العرب (عمر نورالدائم) وهم فى اجتماع تقييم معركتهم الانتخابية ضد الإمام الهادى فقال لهم ( نقيم شنو ونحن كلنا خسرنا دوايرنا ) !!!

– ليس كل هذا ما فى الجراب فبعد أربعة عقود من هذه المحطة تعرض حزب الامة القومى لهزة انقسامية عنيفة فطلب السيد الصادق من صديقه الأثير عمر نور الدائم النصح والمشوره فابتسم شيخ العرب وقال له خذ البيعة من الناس حتى لايذهبوا لمبارك المهدى وقد فعل السيد الصادق ذلك فى مؤتمر السقاى الشهير يوم وقف البسطاء يبايعون (السندكالية) إماما يطيعونها فى المكره والمنشط فعاد السيد الصادق ليجمع بين (القبة والدار) والإمامة والرئاسة والسياسة والدين وحاز لقبى الكاس والممتاز ، وكان الإمام الهادى والمحجوب فى قبريهما يطلان على المشهد ويتآنسان ( شوف زولك ) !!!

– يومها قال الإمام الصادق فى كلمته شاكرا رجال البيعة ( هذه بيعة مبصرة ) ليتململ آباؤه فى قبورهم وكأن بيعة المهدى وعبدالرحمن والهادى( أرِكة عمياء)!!

– لاجُناح على الحبيب الصادق المهدى عليه الرحمة والمغفرة ولاتثريب عليه ففى هذا البلد الكظيم دائما ماتكون الاستراتيجيات كأصنام عجوى فتؤكل حين يطول الطريق على شربة ( تبرير ) و(التكتيكات) دائما هى الضرورات التى يُلتمس بها إباحة المحظورات فوضع إمام الأنصار السيد الصادق ورائد الديمقراطية ( الهَمُول) فى بلدى يده فى المصحف وأدى قسم الولاء للإتحاد الاشتراكى حزب مايو الذى يرأسه جعفر نميرى العسكرى والذى هو فى هتاف مريم المنصورة المفروض أنه لاعلاقة له بالسياسة ومكانه الثكنات … إييييه !!!

– مدهش فى معركة استدارة التاريخ هذه أن تخرج مريم الصادق من معسكر الطيب الجد وجده الأكبر العبيد ود بدر وتدخل إلى قصر الغردون وحفيده فولكر وكان غردون ومن قبله كتشنر يحاولون تعويم المعركه فيصفون المهدى بالدرويش الذى يجب أن يحصر طموحه فى المنافسة على مقاعد الطريقة السمانية فليست السياسة من تخصصاته ولايجب أن تكون من مشغولياته وألا يكون له فيها دلوً وألا يغشى آبارها ولكن غردون يومذاك مثل مريم اليوم لايعرفون أن ( الدراويش) أنفسهم حينما (يعزمون ويحزمون) يصبحون أبطال تحرير ( راجعى يامريم خصائص المهدية الست التى حدث عنها جدك الناس يومئذ )

– اما جدل الدين والسياسة فيجب ألا تأخذه مريم بذات سطحية ( بِنشات المثقفين وأنصافهم ) فحزب الأمة فى أيام العُسرة كان يقدم رجال المنبر الدينى فى الهيئة فكان رمحهم ( الشيخ ) عبد المحمود أبو وسيفهم الشيخ محمد المهدى الحسن و(عصاهم) الرجل (البسام) الشيخ آدم احمد يوسف وكانت مريم على تلك الأيام تستجم فى القاهرة فى مصر الجديدة وفندق سميراميس وتزور اسمرا لما يكفى للبس (البارقيت) وأخذ الصور التذكارية والعودة فى نفس اليوم وكانت قيادات حزب الأمة موزعة على (شقق) المهندسين يتابعون ماتشات ( الدراويش والمقاولين العرب ) على القنوات المصرية ويصفقون للأول دون أن يقول أحدهم للشيخ عبدالمحمود وبقية العقد الفريد ( خليكم فى شؤون الخلوة والرقية)

– اما مقولة قرنق أن الدولة لاتدخل الجنة ولاتغشى النار تلك العبارة التى احتفى بها بعض (الخواة) وانتقلت بالعدوى لبعض أبناء السيد الصادق فأصابتهم بالزكام…فمن قال ان الدولة لاتُحاسب يوم القيامة فليراجع ترنيمة الفاروق عمر عليه الرضوان ( المتداولة بأكثر من رواية ) ( لو أن بغلة عثرت فى العراق لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة لِم لَم تسو لها الطريق ) فسيدى عمر لم يكن يومها عضوا فى جمعية الرفق بالحيوان بل كان ( الدولة ) وهى ذاتها الدولة التى التمست أمر المرأة المرضع الجائعة فذهبت ( الدولة ) لبيت مال المسلمين وطلبت من العامل أن يحمل على ظهرها (الدقيق) والعامل يسأل ( أأحمله عليك أم أحمله عنك؟) وتغضب الدولة وترد …أتحمل عنى أوزارى يوم القيامة…بارك الله فى سيدى الفاروق عليه الرضوان فلم يكن يومها عضوا فى جمعية إطعام طوعية بل كان ( الدولة ) ويعرف أن للدولة اثقالها واحمالها التى تُسأل عنها يوم الحساب!!

– وأخيرا من يخبر الأخت مريم انه ليس فى ديننا تقسيمة ( رجال دين ورجال سياسة) فهذه مخلفات صراع القرون الوسطى فى أوربا….أما نحن ..(.فيد على من سواهم ويسعى بذمتهم ادناهم ( يعنى كلهم مكلفين تكليف دنيا ودين )
– اللهم أهد بعض عيال الإمام المهدى إنك سميع مجيب
حسن إسماعيل