اقتصاد وأعمال

لأسباب عديدة.. تراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار قد يستمر


خلال العام الحالي، تراجعت العملة البريطانية أمام العملات الأخرى بقوة، حتى لامست أدنى مستوياتها منذ نحو 37 عامًا، الجمعة، بعد أن أعلنت المملكة المتحدة عن بيانات تظهر تباطؤ النشاط التجاري، مما يرجح دخول البلاد في حالة ركود.

وتأثر الجنيه الإسترليني أيضا بإعلان وزير المالية البريطاني، كواسي كوارتنغ، عن تخفيضات ضريبية بالبلاد، وإجراءات دعم للأسر والشركات، وذلك بالإضافة إلى وضع مكتب الديون البريطاني خططا لإصدار سندات خلال السنة المالية الحالية بمقدار 72 مليار جنيه إسترليني، أي نحو 79.74 مليار دولار، لتمويل التحفيز.

وفي الأسبوع الماضي، سجل الإسترليني أكبر انخفاض له في نحو عامين مقابل الدولار، بعد أن لامس أدنى مستوى له في 37 عاما عند 1.0840 دولار، قبل أن يقلص خسائره ويستقر عند مستوى 1.085 دولار.

ومنذ بداية العام الجاري، تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار بنحو 19.7 بالمئة.

عوائد السندات القياسية لأجل 10 سنوات إلى 3.829 بالمئة، وهو مستوى لم تشهده منذ شهر أبريل في عام 2011.

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات من بينها اليورو والجنيه الإسترليني والين، قد ارتفع بقوة إلى مستوى 113.23، ليسجل أعلى مستوى له منذ مايو 2002.

وارتفع في أحدث التعاملات بنسبة 1.6 بالمئة إلى 112.96 مسجلا أكبر ارتفاع أسبوعي بالنسبة المئوية منذ مارس 2020.

وقال علي متولي، الاقتصادي ومحلل المخاطر بشركة “انفوسبكترم” للاستشارات، ومقرها لندن، في تصريحات لـ”اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن التراجع قد يغلب على أداء الجنيه الإسترليني خلال الفترة القادمة وحتى خلال العام القادم، وذلك بسبب عوامل عديدة، داخلية وخارجية، تؤثر على قوة العملة البريطانية.

وأضاف أن أبرز العوامل هو الركود المتوقع الذي قد يصيب الاقتصاد البريطاني خلال الربع الرابع من العام الجاري وامتداده حتى الربع الأول من العام القادم، إذ يمكن القول، حسب تعبيره، أن اقتصاد بريطانيا قد دخل مرحلة “الركود الفني” حاليًا.

وأشار متولي إلى أن الخطة الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية برئاسة ليز تراس، والتي ستكلف الحكومة نحو 60 مليار جنيه إسترليني، أي نحو 68 مليار دولار، في قطاع الطاقة، ونحو 45 مليار جنيه إسترليني (48.86 مليار دولار) في شكل تخفيضات ضريبية، تؤثر بالفعل قوة العملة البريطانية، لأنه يضعف المركز المالي للبلاد، خاصة إذا ما لجأت للاقتراض.

وأكد أن الرقم المخصص في الخطة الاقتصادية قد يتضاعف في الفترة القادمة، ما يعني أن المعروض النقدي قد يرتفع، وبالتالي يزيد من ضعف الإسترليني.

ومن جهة أخرى، يرى متولي وجود عدم اتساق “نسبي” بين السياسة المالية والسياسة النقدية في بريطانيا، إذ تسعى الحكومة لمساعدة المواطنين في البلاد، في وقت يعمل فيه بنك إنجلترا على رفع معدلات الفائدة بهدف السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.

وأكد أن هذا الأمر يُضعف ثقة المستثمرين في الاقتصاد البريطاني، والتي يمكن القول أنها بدأت تتراجع بالفعل، بعد أن التقطت أنفاسها مع انحسار تبعات جائحة كورونا.

ولضعف ثقة المستثمرين في اقتصاد بريطانيا تأثير فوري ومباشر على الجنيه، بحسب متولي، والذي أكد أن المستثمرين قد يخفضوا من حيازتهم للإسترليني لحيازة عملات أخرى.

كما أضاف متولي أن هناك عوامل خارجية تؤثر على قوة الإسترليني، تتمثل في ارتفاع قوة الدولار نتيجة زيادة معدلات الفائدة من قبل الفيدرالي الأميركي، بالإضافة إلى تراجع الطلب على الصادرات بشكل عالمي من دول كثيرة، بما فيها بريطانيا.

كل العوامل السابقة، بحسب متولي، ترجح أن يتراجع متوسط سعر الجنيه الإسترليني أمام الدولار خلال العام القادم بشكل طفيف إلى مستوى 1.15 دولار.

ولا أحد يعلم إلى متى سيظل الإسترليني أقل من مستوى 1.08، وفقًا لمتولي، خاصة في الفترة القليلة القادمة، إذ يمكن أن يتحسن الأداء خلال العام القادم إذا ما تمكنت الحكومة من جذب استثمارات للبلاد، كما أن بنك إنجلترا قد يقوم بزيادة معدلات الفائدة بوتيرة أقوى لكبح التضخم، خاصة وأن التأثير السلبي لخطة التحفيز البريطانية على التضخم يفوق تأثير رفع معدلات الفائدة.

وأشار إلى أن الخطة الحكومية تمتد حتى شهر أبريل القادم، ما يعني أن تأثيرها لن يكون واضحًا على أداء العملة في الوقت الحالي.

كما استبعد متولي أن يتمكن بنك إنجلترا من تحقيق مستوياته المستهدفة من التضخم عند 2.5 بالمئة، قائلا إن التضخم خلال العام القادم قد يتراوح بين 7 و8 بالمئة.

وبحسب مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، فقد تراجع معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى 9.9 بالمئة في أغسطس، مقابل 10.1 بالمئة في يوليو، وهو ما يعد أفضل من توقعات المحللين البالغة 10.2 بالمئة، بحسب وكالة رويترز.

وخلال الأسبوع الماضي، رفع بنك إنجلترا معدلات الفائدة الرئيسية بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، لتصل إلى 2.25 بالمئة.

سكاي نيوز