منوعات

أسماك السودان تجارة رائجة وصيد تقليدي


يتميز السودان بأراضيه الشاسعة الممتدة وخصوبتها ومناخه المتنوع في جميع أنحائه، وتوفر مصادر مياه عذبة في الأنهار والمجاري المائية التي من أهمها النيل الأزرق والنيل الأبيض، فضلاً عن بحيرات صغيرة تنتشر في أماكن مختلفة ما جعله غنياً بثروة سمكية ضخمة.

في الماضي كان يتم اصطياد الأسماك بواسطة آلة رفيعة ومحنية مصنوعة من الحديد تسمى “السنارة”، إذ ينتشر الصيادون على طول ضفاف النيل وغيره من المجاري المائية لاصطياد حاجتهم اليومية من الأسماك للاستخدام الذاتي وليس من أجل التجارة التي لا تزال تقليدية من خلال استخدام المراكب الخشبية غير المزودة بالماكينات الحديثة، وتصنع محلياً في منطقة أبي روف في أم درمان، وتختلف هذه المراكب من حيث الحجم والقوة والمتانة. والمتداول منها يطلق عليه شباك أم كبك والجرارة والصيرة والطراحة وجميعها تصنع من خيوط النايلون.

أشهر الأنواع

السودان زاخر بعديد من أنواع الأسماك سواء في أنهاره أو في البحر الأحمر، فهناك نحو 34 نوعاً، لكن أشهرها وأكثرها تداولاً في الأسواق 11 نوعاً تختلف بحسب جودتها، وتقسم من قبل الصيادين إلى ثلاث درجات، الأولى تشمل البياض والعجل والكبروس، والثانية البلطي والبني والخرشة والدبسة، أما الأخيرة فهي خشم البنات والقرموط والتانبير والبرد وأم كورو والقرقور، ولكل درجة من هذه الدرجات ميزاته المعروفة، كما أن هناك أنواعاً من الأسماك انقرضت وأصبح لا وجود لها.

تجارة وصناعة

عرف السودانيون تجارة الأسماك منذ العهد التركي، وبعد ذلك تطور أيام الاحتلال الإنجليزي الذي نظم هذه التجارة وخصص لها أماكن محددة في معظم مدن السودان، واشتهرت مدن الجبلين وكوستي والرنك وجبل أولياء وأم درمان وبحيرة النوبة ووادي حلفا بتصدير الأسماك إلى معظم مناطق البلاد الأخرى بواسطة ثلاجات ضخمة يتم فيها التخزين والحفظ إلى حين وصولها مناطق الاستهلاك.

ويعد صيد الأسماك من أسهل أنواع التجارة في السودان، إذ لا يزال يتبع الطرق التقليدية فهو لا يحتاج إلى معدات كبيرة أو ذات تكلفة عالية، ولا إلى عمالة مساعدة، كما أن الصيد متاح من دون تحديد منطقة معينة على طول وعرض المياه. ومن المفارقات أن الصياد لا يتحكم في سعر البيع بل التجار، إلى جانب أن الصياد لا يتمتع بأي ميزات أو مساعدة من الدولة فمعظم الصيادين توارثوا المهنة أباً عن جد.

لا يكتفي تجار الأسماك ببيعها إلى المستهلك، بل يتم تصنيعها بطرق تقليدية إلى أنواع من الأغذية المحلية منها “التركين” ويصنع من خلال تجفيف السمك وتخميره بالملح حتى يكون له طعم ومزاق آخر، ويعد وجبة رئيسة عند سكان شمال البلاد، إضافة إلى تصنيع الفسيخ وصناعة السمك المعلب مثل الساردين والتونة والسلمون، فصناعة الأسماك في السودان تعتبر تجارة رائجة في معظم المناطق، لكنها تتخذ طرقاً تقليدية بحتة.

طعام الأغنياء

في السابق عرف السمك بأنه طعام الفقراء لأنه غير مكلف مادياً، إذ إن الصيادين يصطادون ما يمكن أن يسد احتياجاتهم الأساسية من الطعام ويبيعون ما زاد عنها، لكن في عهدنا الحالي بات السمك أغلى من اللحوم ولا يوجد إلا في موائد الأغنياء والصالات والمطاعم الفخمة، وعلى الرغم من ذلك توجد مطاعم تبيع أبسط أنواع السمك بأسعار معقولة يتناولها بعض متوسطي الدخل.

بحسب نائب رئيس اتحاد تجار الأسماك في السودان سيف الدين محمد هلال، فإن تاريخ سوق الموردة يرجع إلى قرنين من الزمان، أي ما قبل فترة الحكم الثنائي الإنجليزي- المصري، وكان يسمى آنذاك بمحمية الأسماك، وكان معظم تجار الأسماك من أهل أم درمان ويسكن أغلبهم أحياء الموردة والفتيحاب.

أضاف “كان تجار الأسماك بسوق الموردة في بداياته يجلسون في شكل دائري يعرضون تجارتهم، وبمرور الزمن خصصت السلطات المحلية لهم أماكن محددة في شكل محال للعرض والبيع، وأماكن أخرى لنظافة الأسماك للراغبين من الزبائن، إضافة إلى أماكن أخرى لطهيه، لذا أصبح سوق الموردة من أشهر أسواق العاصمة وترتاده يومياً أعداد كبيرة من الزبائن، كما أصبح محط أنظار السياح الذين يجيئون إلى البلاد، ويعد يوما الخميس والجمعة الأكثر ازدحاماً وإقبالاً لهذه السوق”. وأشار إلى أن “سوق الموردة ظلت محافظة على تاريخها وإرثها التليد، متماشية مع التطورات حتى أصبحت لها حكايات تروى على مدار الزمن، ووثق لحكاياتها وتاريخها المرتبط بأم درمان مجموعة من الكتاب والباحثين السودانيين”.

قيمة غذائية

للأسماك قيمة غذائية عالية أكثر من اللحوم بأنواعها، ولكل نوع منها قيمته الغذائية المميزة، إذ يحتوي على سعرات حرارية عالية تصل إلى 280 سعراً حرارياً، وتعد نسبة كبيرة لذلك يوصي أطباء التغذية بتناول الأسماك عادة مرتين في الأسبوع، لكن يجب التوخي في اختيار أنواعه قبل تناوله.

هناك أسماك ذات قيمة غذائية منخفضة السعرات الحرارية منها السمك الأبيض والسلمون والأنشوجة والتونة والرنجة وسمك القد الأسود، ويوفر السمك للإنسان فوائد صحية عديدة منها أنه يحتوي على أحماض دهنية تعرف بـ”أوميغا 3″، فهي عبارة عن دهون متعددة غير مشبعة، إذ تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، كما تساعد هذه الأحماض في تقليل أعراض التهاب المفاصل، فضلاً عن مساعدته في تحسين صحة الدماغ والعينين إلى جانب فوائد أخرى.

إندبندنت عربية