اقتصاد وأعمال

موازنة العام 2023م .. المصير المجهول


منذ (3) سنوات عجاف مضت من عمر ثورة ديسمبر المجيدة، ومنذ ذلك التاريخ ظل إعداد أية موازنة في البلاد يصطدم بتحديات وتعقيدات متشابكة للغاية، بعضها داخلية وأخرى خارجية، وتتمثل الداخلية في الصراع السياسي الذي ظل قائماً بين المكونين العسكري والمدني، والذي بدا يلوح في الأفق القريب انتهائه، على الأقل خلال الفترة الانتقالية المحددة وفق ما تضمنته وثيقة الاتفاق بـ(24) شهراً.

بينما تتمثل التحديات الخارجية في انتظار وترقب الحكومة في حصولها على بند الدعم الخارجي من صندوق النقد والبنك الدوليين لتمويل الموازنة بدلاً من اعتمادها على الموارد الذاتية فقط، بالتالي أصبح لا حديث يدور في مؤسسات الدولة عن موازنة العام القادم برغم من اقتراب موعد دخول العام الجديد. وبحسب مسؤولون بالمالية فإن وزير المالية ظل مشغولاً بالعملية السياسية الجارية الآن، لحجز معقده من تقسيم الكيكة القادمة مع الحرية والتغيير المجلس المركزي.

هندسة الموازنة

من جانبه قال المتحدث باسم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أحمد شريف إن وزارة المالية تجري الآن في وضع اللمسات الأخيرة لموازنة العام 2023م، بغرض هندستها وإخراجها بالشكل المطلوب، ليست مثل بقية الموازنات الماضية.

منضدة مجلسي السيادة والوزراء
وكشف شريف لـ”الحراك” عن اجتماع تعقده اللجنة العليا للإعداد للموازنة اليوم الأربعاء لمعرفة آخر ما تم التوصل إليه في إعدادها للموازنة، ومن ثم تسلم إلى وزير المالية جبريل إبراهيم ليقوم بإيداعها إلى منضدة مجلسي السيادة الوزراء، بغرض مناقشتها وإبداء الآراء حولها توطئة لإجازتها بصورة نهائية وبدء العمل ابتداءً من العام الجديد.

ورفض شريف الرد على سؤال الصحيفة حول هل ستشمل الموازنة رفع الدعم عن الكهرباء؟ وأضاف قائلاً: لا علم له.

أسباب تأخير الموازنة

وفي ذات السياق أرجع عضو التحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة، وائل عبد العظيم، تأخير إجازة موازنة العام 2023م، لعدة أسباب أبرزها انشغال القصر الجمهوري بالاتفاق الإطاري الذي جرى توقيعه أمس بين المكون العسكري ومجموعة الحرية والتغيير -المجلس المركزي، بجانب حسابات وتوقعات الحكومية الحالية بحصولها على قروض ومنح من صندوق النقد والبنك الدوليين، بجانب فك تجميد انسياب حركة المساعدات الخارجية، لاسيما وأن دولاً كثيرة ترهن تقديم الدعم للحكومة السودانية بالتوصل إلى اتفاق بين القوى السياسية وتشكيل حكومة مدنية.

تعقيدات وتحديات

وأشار وائل لـ”الحراك” إلى أن موازنة العام 2023م تمر بنفس التعقيدات والتحديات التي واجهت الموازنات في الـ “3” سنوات الماضية، على رأسها عدم وجود حكومة مدنية تستطيع استقطاب الدعم الخارجي، وامتلاكها الخبرة الكافية التي تمكنها من إعداد الموازنات، لاسيما التي تعتمد على الموارد الذاتية في ظل وقف الدعم الخارجي.

إرجاء الموازنة

وتوقع وائل حدوث احتمالين الأول أن يتم إرجاء موازنة العام القادم إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، والثاني أن تتم إجازة الموازنة وبدء العمل بها إلى تشكيل الحكومة القادمة، ومن ثم تعديلها بعد ذلك مثل ما حدث في السنوات الماضية.

هجرة رؤوس الأموال

في ذات السياق عزا الخبير الاقتصادي، محمد كركساوي، تأخير إجازة موازنة العام 2023م حتى اليوم إلى مجموعة من الأسباب، أهمها عدم إصدار تقرير الأداء لميزانية العام 2022م أو هذا العام، بجانب أن أهم المؤشرات لموازنة العام 2023م والتي صرحت بها وزارة المالية هي الاعتماد على الموارد الذاتية، كما حدث في ميزانية العام 2022م التي قال جمعت برفع الدعم السلعي وقيمة الضرائب المباشرة وغير المباشرة أي جيب المواطن، وقد كان بحسب كركساوي له آثار سالبة على رفع الأسعار وارتفاع معدل التضخم.

فضلاً عن أن وزارة المالية تعتمد على نفس المؤشر في موازنة العام الجديد خاصة في ظل عدم التوقعات برفع الحظر أو التجميد خلال النصف الأول من العام الجديد أو ربما يتأخر حتى الربع الأخير من العام 2023م، علاوة على هجرة رؤوس الأموال إلى خارج البلاد بصورة وصفها بـ”المخيفة”، لأن لديها آثار سالبة ومدمرة على التحصيل الضريبي وعائدات الصادر ورسوم الاستيراد والإنتاج – بحسب تعبيره.

المخاطرة

وحذر كركساوي في تصريح لـ”الحراك” وزارة المالية من الاعتماد على البند الخارجي وهو بند المنح والقروض، وقال لذا فمن المخاطرة الاعتماد على بند الدعم الخارجي، وختم الخبير الاقتصادي حديثه بسؤال عريض ما الذي يتبنى إجازة هذه الموازنة الجديدة الحكومة الحالية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة أم الحكومة القادمة التي لم تظهر معالمها بعد.

تقرير – أحمد قسم السيد
صحيفة الحراك السياسي