بين أسود الأطلسي والمجلس الأطلسي… التطبيع (تسلل) من هنا
في الوقت الذي كانت تجري فيه فعاليات كأس العالم 2022م في قطر؛ واحتفلت فيه جماهير العرب والمسلمين بمساندة الفرق العربية في المونديال، وكان الإعلام الصهيوني يواجه رفضا واسعا واستنكارا من المشجعين العرب واستنكافا عن الظهور في إعلام دولة الكيان الصهيوني، وكان أسود الأطلسي ـــ وهو لقب الفريق المغربي ـــ يمتعون العالم عامة والعرب والمسلمين بصفة خاصة بانتصارات كروية مستحقة على فرق القارة العجوز ممثلة في إسبانيا والبرتغال؛ في ذات الوقت جرت في عاصمة المملكة المغربية الرباط فعاليات أخرى تصب في صالح التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، وكأن اليهود والمطبعين العرب لم يشأوا أن تمر أجواء فرحة العرب والمسلمين دون نكد، ففعاليات كأس العالم استطاعت أن توحد العرب والمسلمين كرويا وأبهجتهم بانتصارات جعلت كل العرب والمسلمين يرفعون العلم المغربي في الشوارع، والفريق المغربي يرفع العلم الفلسطيني في أرض الملعب بعد المباراة؛ لكن دولة الكيان الصهيوني بالتعاون مع بعض الأمريكان وبعض المطبعين العرب أرادوا أن يحرزوا أهدافا من نوع آخر وإن كانت عن طريق (التسلل).
فبحسب الخبر الذي أوردته وكالة الأناضول في موقعها يوم الثلاثاء السادس من ديسمبر 2022م ( وهو نفس يوم مباراة المغرب مع البرتغال) فقد انطلقت في المغرب الاثنين الخامس من ديسمبر 2022م فعاليات مؤتمر خاص بالتعليم والتعايش بمشاركة دول عربية و(إسرائيل) بهدف إظهار فوائد التطبيع لمواطني المنطقة!! ويمضي خبر الوكالة ليوضح أن الدول التي شاركت في المؤتمر هي السودان والأردن والبحرين والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل)، وبحسب خبر الوكالة فإن المؤتمر نظمه المجلس الأطلسي وهو مؤسسة غير حكومية مقرها الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية.
والاثنين نفسه الذي بدأت فيه فعاليات مؤتمر الرباط بمشاركة دول عربية و(إسرائيل)؛ جرت فيه بالقصر الجمهوري بالخرطوم مراسم توقيع ما سمي بالاتفاق السياسي الإطاري بين المجلس العسكري في السودان و(قحت) وبعض القوى السياسية الأخرى وشهد حضورا كثيفا من السفراء الغربيين والعرب.. فهل هذه مصادفة؟
إن أجواء كأس العالم في قطر أضافت دليلا آخر يؤكد أن المسلمين والعرب على قلب رجل واحد، وأن الوحدة العربية والإسلامية راسخة في وجدان الشعوب العربية والمسلمة، وأن دولة الكيان الصهيوني لا زالت رغم محاولاتها المتكررة والسمجة تحظى باحتقار واسع من جماهير العرب والمسلمين، وأن القضية الفلسطينية لا زالت تحتل مكانتها كقضية العرب والمسلمين الأولى لأكثر من سبعة عقود، وأن الأجيال العربية تتوارث التواصي بهذه القضية أبا عن جد، والدلائل على ذلك والمظاهر أشهر من أن تذكر وأظهر من أن تنكر، والأجيال القادمة ستواصل إن شاء الله بنفس القوة للتعبير عن قضية العرب والمسلمين الأولى.
يبقى أن على حكومات المنطقة وأنظمتها في الدول العربية والإسلامية أن تستجيب لهذا المد الشعبي وهذه الروح الواحدة التي سرت في العرب والمسلمين تجاه قضيتهم المركزية، والدرس الآخر الذي يجب أن يستوعبه الجميع أن التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني خاسر بكل المقاييس مهما وقفت وراءه الولايات المتحدة بمؤسساتها أو بدبلوماسيتها أو حتى بضغوطها التي لن تجدي شيئا في جعل العرب والمسلمين ينسون قضيتهم المركزية ويعملون على تحرير فلسطين من البحر إلى النهر من الاحتلال الصهيوني إن شاء الله.
حسن عبد الحميد