اقتصاد وأعمال

إغلاق الموانئ والطرق القومية .. ضرب الاقتصاد من باب المطالب

أصبحت ظاهرة تفشي إغلاق الموانئ البحرية والطرق القومية مع دول الجوار، من وقت لآخر بواسطة بعض الأهالي بحجة تحقيق مطالب تشكل هاجسًا حقيقًا يؤرق السلطات، لما لديه من آثار أقتصادية وأمنية وسياسية على البلاد، فضلاً عن تسببها في إيقاف حركة التجارة من وإلى البلاد، مما يعني هروب ملايين الدولارات من الخزينة العامة للدولة، عبارة عن رسوم ضرائب، وجمارك، ورسوم عبر تتحصلها أجهزة الدولة المختلفة لصالح الاقتصاد القومي، بالمقابل انتقد خبراء اقتصاديين في ورشة إغلاق الطرق القومية وتأثيرها على الاقتصاد الوطني التي نظمها مركز نبض السودان أمس، صمت السلطات اتجاه الذين يقومون بإغلاق الموانئ والطرق لضرب الاقتصاد.

تراجع الشاحنات

كشف مسؤول رفيع بمعبر أرقين مع الحدود السودانية المصرية، عن تراجع مريع في حركة عبور الشاحنات المحملة بالصادرات والواردت من وإلى السودان، وقال إن حركة الشاحنات تراجع إلى (80) شاحنة يومياً مقارنة بـ(150) شاحنة خلال الفترة الماضيىة. وعزا المسؤول في تصريح لـ(الحراك) الشئ لعدة أسباب أبرزها إغلاق الطريق الرابط مع مصر من وقت إلى آخر من قبل الأهالي، كرت ضغط لتحقيق مطالب يعتبرونها مشروعة، بجانب عدم وجود استقرار سياسي، فضلاً عن تراجع حركة الصادرات والواردت بين البلدين مؤخراً، مطالباً بعدم استغلال الطرق القومية والزج بها في القضايا السياسية لضرب الاقتصاد، وفقدان البلاد لمبالغ ضخمة من الأموال عبارة عن رسوم عبور، وضرائب، وجمارك، التي تتحصلها أجهزة الدولة المختلفة.

الخروج من السوق

في ذات السياق وصف الخبير الاقتصادي، محمد الناير، المعابر الحدودية والطرق القومية من دول الجوار لاسيما مع مصر بـ “المهمة”، واعتبر أن معبر أرقين مهم وله أثر في اقتصاد البلدين، مطالباً الدولة العمل على حل الإشكاليات المتعلقة بحركته واستدامتها، مشيراً إلى أن الإغلاق يؤثر أيضاً على الموازنة العامة التي تعتمد على الإيرادات وخاصة في مجال المعابر والمؤاني، كما أن الإغلاق يؤدي لندرة في السلع المستوردة ويقلل من حركة النقل وقطاعه وحذر من أن السوق العالمي لا يحتمل التقلبات والتأخير لوصول السلع والمنتج.

إحصائيات رسمية

وكشف الناير أن آخر إحصائية للبنك المركزي السوداني للتسع أشهر الأولى في العام ٢٠٢٠ شكلت الصادرات ٣.٧ مليار دولار والواردات ٧.٢ مليار جنيه وبلغ العجز ٣.٥ مليارات دولار. و أضاف أن إغلاق الطرق يفقد الدولة ١.٩ مليار دولار، و١٢ مليار دولار في العام في حال الإغلاق التام للطرق القومية، وعن تعامل السودان ومصر التجاري قال الناير في التسع أشهر الأولى في العام ٢٠٢٠ وفق البنك المركزي، فقد بلغت الصادرات ٤٠٦ مليون دولار والوارد ٥٤٢ مليون دولار والإجمالي،٩٤٨ مليون دولار،ما شكل ١٠% من الناتج الكلي للاقتصاد السوداني.

وقال الناير إنه مع التسليم بمطالب المواطنين المشروعة في تحقيق التنمية والتوازن والعدالة لكن التعبير بإغلاق الطرق أضراره وخيمة على الاقتصاد القومي، مطالباً الدولة بالالتفات لحل قضايا المواطنين والتوجه إلى الحكم اللامركزي لتحقيق العدالة والتخلص من سيطرة المركز بأسس سليمة ومدروسة، مع منح صلاحيات أكبر للولايات في الحكم وتنمية الموارد.

لا توجد سياسات

من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز الزبير باشا إن فترة الانتقال الحالية شكلت ضغطاً مباشراً على معاش المواطن لعدم وجود سياسات اقتصادية واضحة، وقال إن عدم الاستقرار أدى لوضع اقتصادي مخيف، وطالب الزبير بالفصل بين العمل السياسي والاقتصادي واستخدام الإغلاق لتحقيق مطلب سياسي على حساب الدولة والمواطن، ولابد من التعبير بوسائل أخرى، مضيفاً أن الإغلاق يؤدي إلى فقدان السيطرة على المركز التجاري للدولة ويقود لعدم الاستقرار الاقتصادي ما يؤدي لتسارع الفوضى. وأكد الزبير أن أي جهة سياسية تدعو للإغلاق تضر بالدولة وطالب بمعالجة قانونية حيال ذلك، لأنه يؤثر على الأمن القومي ودعا لحوار سوداني سوداني لحل المشاكل بشفافية.

مصر لا تتلاعب بالطرق

في ذات السياق حذر القيادي بتحالف منظمات المجتمع المدني، حمدان عثمان من تدخلات مصرية لفتح شريان الشمال حال لم تتدخل الحكومة السودانية، وقال إن مصر لا تتلاعب في الطرق وممكن أن تتدخل في أي لحظة، واعتبر حمدان، تأمين طرق السودان القومية يعتبر شرطاً أساسياً لاستدامة اقتصاد معافى. وأضاف أن طرقاً في دارفور فقدت في فترات سابقة أهميتها لعدم وجود الأمن والنهب المسلح، وأشار إلى أن الاهتمام بالمواطن يقود لأمن الطرق.

وأشار حمدان إلى أن طريق الشمال يمثل شرط بقاء لمصر ولن تتوانى في حمايته بكافة السبل فهو محور حياة لها، ويمكن أن تتدخل بأي شكل لتأمين الطريق الذي تعتمد عليه في تجارتها الخارجية .

وقال حمدان إن تتريس الطرق والموانئ رفع أجر الحاوية من ٣ آلاف دولار، إلى ١٦ ألف دولار وإلى انسحاب شركات شحن عالمية كبرى بسبب الإغلاق وعدم الاستقرار وانعكس ذلك على أسعار السلع وكساد تجاري، وقلل من إيراد الدولة وقاد للتفكير للبحث عن موانئ بديلة مثل العين السخنة في مصر، في وقت طالب فيه بعدم السماح للأجانب بالشراء المباشر من المنتجين بالعملة الوطنية،لأن الأمر يعني سقوط إجراءات بنك السودان المركزي وزارة المالية بشأن الصادر، بالتالي سقوط الضرائب الحكومية التي يتم تحصيلها من الزكاة.

الخرطوم – أحمد قسم السيد
صحيفة الحراك السياسي