التجارة الخارجية .. قراءة في بيانات البنك المركزي
ما زالت هناك فوارق كبيرة بين سلع الصادرات والواردات من حيث القيمة الدولارية إثر تصاعد نسبة الوارد إلى أعلى مقارنة بالصادر، هذا ما أظهره الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية للعام 2022 الذي أصدرته إدارة السياسات والبحوث والإحصاء التابعة لبنك السودان المركزي، وفي ذات الموجز الإحصائي أوضح أن قيمة سلع الصادرات بلغت 4.357.418 مليار دولار، بينما بلغت قيمة سلع الواردات 11.094.849 مليار دولار، أما فحجم الميزان التجاري في ذات العام بلغ 6.737.431 مليار دولار.
الصادرات والواردات
أصدرت الإدارة العامة للسياسات والبحوث والإحصاء التابعة لبنك السودان المركزي الموجز الاحصائي للتجارة الخارجية للعام 2022، وأشارت الإحصاءات التجارية الخارجية عن أرقام الصادرات والواردات السلعية التي تم تسجيلها في كافة المحطات الجمركية المتواجدة في البلاد، إضافة إلى مطار الخرطوم، كما أوضح الموجز الذي أصدره بنك السودان المركزي أن ميناء بورتسودان المنفذ الرئيس الذي تتم عن طريقه معظم تجارة البلاد الخارجية، وكشف الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية عن جملة قيمة الصادرات السودانية للعام 2022 والتي بلغت أكثر من 4 مليون دولار، بينما سجلت قيمة الواردات أكثر من 11 مليون دولار، حيث سجل الميزان التجاري أكثر من 6 مليون دولار.
أرقام الصادرات السلعية
وفصَّل الموجز الإحصائي قيمة الصادرات غير البترولية للعام 2022 حيث سجلت قيمة صادرات الذهب 2.027.9 مليار دولار، فيما سجلت قيمة صادرات الثروة الحيوانية الحية “الماشية”، 448.8 مليار دولار، أما صادر السمسم بلغ 488.0 مليون دولار، فيما بلغت صادرات القطن 383.8 مليون دولار، أما الصمغ الغربي فبلغت قيمة صادراته 139.4 مليار دولار، فيما سجل صادر اللحوم المذبوحة 101.8 مليار دولار، بينما بلغت صادر الجلود 6.0 مليار دولار، حيث سجلت قيمة الصادرات الأخرى من نفس العام 767.8 مليار دولار.
قيمة سلع الواردات
وأفاد الموجز الإحصائي أن قيمة الواردات متمثلة في المواد الغذائية حيث سجلت 2.827 مليار دولار، وبلغت قيمة واردات المواد الخام 3.099 مليار دولار، أما واردات المواد الكيمائية فبلغت 1.220 مليار دولار، والمصنوعات بلغت قيمتها 1.404 مليار دولار، بينما سجلت قيمة واردات الآلات والمعدات 1.080 مليار دولار، ووسائل نقل بلغت قيمتها 571 مليار دولار، والمنسوجات بلغت 435 مليار دولار، فيما بلغت قيمة الواردات الأخرى 405 مليار دولار.
مخاطر تقليدية
بينما يرى المحلِّل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي البدوي، أنه إذا تمت المقارنة بين الدول التي لم تسيطر على قطاعها الخارجي دون رقابة مشددة لتقلل من التهريب والفاقد الضريبي، مع الدول التي تسيطر على قطاعها الخارجي، فإنه بالفعل قد يعكس إختلال العجز التجاري للاقتصاد السوداني في عام 2022م عما سبقه من أعوام، بوصوله إلى “7” مليارات، مع عالمه الخارجي، مشيراً إلى ذلك في إطار علاقة العجز الطردية مع تواصل المستوى العام للأسعار في الارتفاع بالداخل، ويلفت إلى أن ذلك أدى إلى الإستمرار في ارتفاعات الأسعار جراء تواصل انكماش القاعدة الإنتاجية للاقتصاد بسبب تواصل انكماش متوسط دخل الفرد الحقيقي، وتابع: مما تسبب في هروب رؤوس الأموال المادية والبشرية وما ترتب على ذلك تزايد بدلاً من التقليص، منوِّهاً إلى اعتماد الاقتصاد على الخارج في توفير الاحتياجات الاستهلاكية والإنتاجية للمواطنين بالداخل، خاصة في ظل أزمة شح العملات الأجنبية المتاحة وارتفاع أسعار صرفها حالياً، وقال د. وائل إنه بصفة عامة إن مع انكماش حجم السوق المحلية، كما تشير إليه سلبية نمو متوسط دخل الفرد وارتفاع معدَّل السكان الذي يتجاوز ٢،٥% سنوياً، وبالتالي قال لابد أن يزيد العجز بالحساب الجاري خاصة الميزان التجاري بميزان المدفوعات، مشيراً إلى ما قامت به اللجنة الاقتصادية الأولى من التحذير منه في إطار المخاطر التقليدية المعروفة عن تقلبات السوق العالمية، إلا أنه لا حياة لمن تنادي -على حد تعبيره.
الترتيبات الأمنية
وبحسب د. وائل إن أسباب العجز خلال العام 2022، فإنه يمكن القول بأن السياسات النقدية والتمويلية لبنك السودان كانت غير فعَّالة كما في السابق، في إطار أزمة الإيرادات العامة لموازنة الدولة وإستمرار عدم قدرة وزارة المالية في السيطرة على المال العام، وتابع: ما زال أكثر من 90% من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي، وأكثر من 80 % خارج سيطرة سياسات المالية العامة، مؤكداً بما يضعف قدرة البنك المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي من إمكانية السيطرة على عجز الميزان التجاري المتفاقم -حالياً- من دون المهرِّب من وإلى الداخل على مستوى كافة السلع، وأردف: لكن يمكن التوقع بأن جزءاً رئيساً من العجز الخارجي قد يكون ناتجاً من تمويل مطلوبات الترتيبات الأمنية، إلى جانب مصروفات الأجهزة الأمنية الأخرى، خاصة تلك التي تعمل على قمع مواكب لجان المقاومة، والتي تزايدت في ذلك العام، وقال بغض النظر عن الأسباب التي قد لا يذكرها الموجز الإحصائي لبنك السودان، فإن فائض الواردات عن الصادرات المتحقق -حالياً- يثير تساؤل من أين وكيف تم تمويله في ظل توقف المعاملات الدولية من المجتمع الدولي نتيجة للانقلاب في أكتوبر 2021؟
الحرب وتأثيراتها
ويضيف المحلِّل الاقتصادي أن العالم ما زال يشهد حتى تاريخه الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على أسعار السلع الغذائية حول العالم، هذا بغض النظر عن المنح لبعض الدول، والتضخم في العالم الخارجي الذي تجاوز حدود الـ 10% لدى بعض الدول، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة خاصة الأمريكية، ومضى بالقول كل هذا سينعكس على أسعار الواردات أكثر من كميتها بالنسبة للسودان، مبدياً ملاحظته لتأثير ارتفاعات أسعار الوقود والضرائب والرسوم المختلفة في الشأن الداخلي إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم التي ما زالت جامحة حتى تاريخه، مشيراً إلى ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية خاصة بالسوق الموازي، قائلاً ينعكس ذلك على ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج والصيانة المحلية بما يحد من إمكانية زيادة الصادرات غير المهرَّبة.
الخرطوم- جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة