المعركة حسمت في الأسبوعين الأوائل والجيش السوداي حفظ الحدود والموانئ والمطارات والسيادة في كل الولايات
في لوم متفهم بيجي بي كلام إنو الحيش حمى مقراته لكن ما حمى المواطنين.
أنا ما داير أبرر للجيش لأنو هو ممثلا في قيادته المسؤول الأول عن التفريط في الأمن القومي للدولة وسيادتها جراء حرب ١٥ إبريل. ولمن الثوار كانوا بيقولوا الجنجويد ينحل قيادة الجيش السجمانة دي كان بتقول الدعم السريع من رحم المؤسسة العسكرية.
بس كمان بطبيعة الحال الجيش بيحمي الدولة ما الأفراد أو المجتمع، ديل بتحميهم الشرطة. دا ما معناها الجيش ما قصر لكن كمان الجيش لازم يحافظ على تفوقه النوعي البيجي من مقراته وأسلحته النوعية زي الطيران والمدفعية والمدرعات والمهندسين. العدد بتاع المليشيا البدت بيو التمرد في الخرطوم كبير شديد يقال اتجاوز الـ ٣٠ ألف مقاتل. وأي جيش بيضرب بالمدفعية والطيران قبل ما ينزل المشاة وبيسعى يخفض عدد العدو ومقدراته وأسلحته النوعية قبل ينزل القوات البرية.
يلا المليشيا بي إنها دخلت الأحياء وعملت البيوت ثكنات عسكرية واحتمت بالأعيان المدنية وسرقت مقدرات الناس والبنوك، عقدت المعركة شديد. لأنو لا الجيش عندو قدرة يضرب بالطيران البيوت في عاصمته ولا بيقدر ينزل قواته البرية بامتداد ولاية كبيرة زي الخرطوم، وفي نفس الوقت الشرطة ما معدة لقتال مسلحين. عشان كدا الخطأ الأساسي كان هو السماح لوجود المليشيا دي في الخرطوم بالأعداد دي في الأربعة سنين الفاتت وفي مواقع حساسة. دا الخازوق العملوا فينا البرهان الله لا تريحه.
لكن المعركة دي حرفيا حسمت في الأسبوعين الأوائل والجيش حفظ الحدود والموانئ والمطارات والسيادة في كل الولايات؛ وحسع الولايات دي أجهزة الدولة فيها شغالة زي الساعة باستثناء الخرطوم وبعض ولايات دارفور. بالمعنى الاستراتيجي للمعركة، الجيش دا طبعا أهم ليو كتير باعتباره قوى نظامية بتحمي الدولة والسيادة.
لو الجيش جاب الفرق من الولايات ونزلها الخرطوم بيعرض الدولة لخطر كبير. يعني الدعم السريع دا ما قدر يرفع علم ويعمل حكومة ويمارس سيادة على ولا محلية في الدولة دي. كدا كان حنكون زي سوريا وليبيا واليمن. الجيش لحدي حسع مسيطر على السيادة في كل السودان. لو الدعم السريع سيطر على ولاية واحدة بي مطار ولا حدود كان زيتنا طلع لأنو كان حيلقى دعم عسكري يديو سلاح نوعي زي المدفعية والطيران والحرب حيبقى في تنازع على شرعية الأمر الواقع. حسع مثلا الجيش صد هجوم الحلو في جنوب كردفان.
ما داير أقول حماية المواطنين ما مهمة، والجيش بدا في العمليات النوعية عبر القوات الخاصة عشان يضرب القيادات الميدانية للمليشيا ويسيطر على مناطق فيها خطوط إمداد للمليشيا،
لكن الجيش كقوى نظامية ما معد للحاجة دي وفي الوقت نفسه ما منطقي يقدر ينشر قوات برية في كل الخرطوم وما منطقي يفرط في تأمين الأسلحة النوعية البتديهو تفوق استراتيجي زي المدفعية والطيران.
لكن مؤكد الكارثة دي البيتحمل مسؤوليتها أولا وأخيرا هو الجيش ممثلا في قيادته الحالية. لأنو ليو أربعة سنين سامح بتمدد مهزلة الدعم السريع في مناطق حيوية وأهم من كدا فشل في توقع ساعة صفر التمرد بي طريقة تخليو يكون أكثر جاهزية.
حسع الحل إننا نساهم في حسم المعركة في جبتها السياسية بي الاستمرار في سحب الغطاء السياسي من المليشيا عبر العمل السلمي في الخرطوم والولايات وبرا السودان. ٣٠ يونيو الجاي دا فرصة كبيرة جدا لإحداث نقلة نوعية في المسار دا لعزل المليشيا داخليا وإقليميا ودوليا. دا مصيره يجبر المليشيا على الاستسلام والتسليم ويحقق سيناريو انهيار قلعة الرمل بأسرع من الحسم العسكري. السلمية عندها قوة تفوق السلاح والشهيد عبد العظيم خير دليل على قوة السلمية.
مواكب جمعة الغضب (حقت الشعب ما الكيزان) دي فصل جديد في تاريخنا كشعب سيكتب بمداد الذهب. وقيمة الأربعة سنين الفاتت دي إننا ورينا كل المنطقة والعالم إننا شعب عصي على التركيع. السودان من أكثر شعوب المنطقة تقدما من حيث الحداثة السياسية زي ما أثبتت كدا ديمقراطياتنا التلاتة. وناس كتار حولنا ما دايريننا ننطلق من ٢٠١٩ وآخر مخطط ليهم هو إرجعانا مئات السنين للوراء بأن تحكمنا مليشيا أسرية تدار بأجندة استخباراتية أقليمية ودولية. لكن نحن البييدنا عدل العوج.
أكبر مانع منع تقدم الثورة دي بنيويا هو وجود الدعم السريع في الخرطوم بالإضافة لخيال كتلتها المدنية الداير يحكم عبر الشرعية الثورية. البرهان ركب خط البشير وقرر ببقي الدعم السريع درقة من الجيش. وفي نفس الوقت الدعم السريع دا كان أكبر تشوه عسكري وسياسي واقتصادي في الدولة. لو انتهينا من الجنجويد، وبعدهم مؤكد البرهان، حنكون يا دوب ما فتحنا أفق حقيقي لتأسيس الدولة.
المرة دي حقو يكون هدفنا واضح: خلق إجماعات تأسيسة عادلة صلبة وشاملة ومستدامة لتأسيس الدولة الأعقد في أفريقيا: أفريقيا الصغرى التي عجزنا عن تأسيسها من ١٩٥٦. دا داير وعي تأسيسي يفارق خيال الحكم عبر الشرعية الثورية لصالح إنجازات توافقات تأسيسية صلبة في فترة ما قبل انتقالية تودينا لانتقال تأسيسي نمشي بعده لدورات انتخابية انتقالية لانجاز التوافقات التأسيسية الاتفقنا عليها. لا إقصاء إلا للإقصائيين، ولا إقصاء إلا للمبادئ غير العادلة.
التحدي إنو التوافق التأسيسي دا ما ممكن يحصل من غير إيجاد تنظيمات شرعية تمثيلية في كل الجغرافيا السودانية عندها مصلحة فيو. الأحزاب السياسية والحركات المسلحة ما بتتفق وأي منبر تسوية تأسيسية حتحولوا لمنبر مساومة سلطوية وقسيم مناصب وكراسي سرعان ما يرجع بنا للمربع الأول وتدور الدايرة عديمة الفايدة. المجموعات الفاعلة سياسيا دي ما بتتفق إلا لو جبرها على التوافقات دي ورعاها مجتمع مدني قوي معرف مصلحته في إنجاز التوافقات دي ما في الحكم عبر الشرعية الثورية عشان يحقق نظام سياسي مستقر يودينا لتحول صناعي وازدهار تنموي.
عمرو صالح ياسين