القوات المسلحة و30 يونيو .. سفك دماء بعض الآلاف مقابل أن تستمر المسيرة!
الحقيقة الساطعة، التى لا يجادل فيها مُنصِف، هى أن مساندة القوات المسلحة المصرية لشعبها كانت هى العامل الحاسم فى تنفيذ الإرادة الشعبية العارِمة فى إنهاء حكم الإخوان، عندما تبلور موقف عشرات الملايين ضد حكم الإخوان فى تظاهرات غُصَّت بها كل ميادين مصر وهم يهتفون بسقوط حكم المرشد، وكانت الذروة فيما بين 30 يونيو و3 يوليو ٢٠١٣. أى أنه لولا هذه المُسانَدة من الجيش لتمكن الإخوان من إنزال أذى كبير وخسائر جمة فى صفوف المتظاهرين السلميين العزل، ويصعب تصور طول زمن المواجهات، وكمية الدماء التى كان يُتوَقَّع نزيفها فى الصفوف الشعبية. وقد يكون مفيداً فى هذا السياق، مقارَنة أكاذيب الإخوان عن خسائرهم فى فض ما سموه اعتصامهم فى رابعة، بالكوارث التى كان يمكن أن تقع من ميليشات الإخوان المُدرَّبة على العنف استعداداً لهذه المواجهات ضد عشرات الملايين المتظاهرين ضدهم. وينبغى أن نتذكر أن محمد مرسى كان قد أفصح عن أنه لا يتردد فى سفك دماء بعض الآلاف مقابل أن تستمر المسيرة! كان يقصد طبعاً مسيرة الإخوان!
وأما أهم وأنبل ما فى موقف القوات المسلحة، الذى جعلها شريكاً كاملاً فى الثورة، فهو أن قادتها كانوا يعلمون المخاطر التى تهدد أشخاصهم فى حال تمكنت القوى الخارجية من التدخل لدعم الإخوان، وهو ما يؤكد قدرة القوات المسلحة على التعامل مع قضايا أكثر تعقيداً مما تبدو عليه، فقد كان أمامهم أولاً ردع القوى الخارجية، التى هى أخطر من ميليشيا الإخوان بما لا يُقَدَّر، ثم تطويق الإخوان، مع مراعاة أن تكون الخسائر فى حدها الأدنى، وقد ثبت أن من سقط من الإخوان كان بسبب تعمُّد قيادتهم أن يقع خسائر فى صفوفهم بظن أنها ستساعدهم فى شن حملات معادية، دون حتى أى اعتبارات إنسانية من هذه القيادات نحو المرشحين من صفوفهم للسقوط، بنية مسبقة أن يصفوهم بأنهم ضحايا.
ثم جاء بعد ذلك للقوات المسلحة دور شديد الأهمية، فى مواجهة الإرهاب الدامى داخل المدن وفى الصحراء، وكان صمود الشعب ينطوى على ثقة فى قدرة القوات المسلحة على إنجاز المهمة، وهو ما تحقق بصورة إيجابية وبسرعة فائقة مقارَنة بدول أخرى سقطت فى نفس الهوة ولا تزال.
أحمد عبدالتواب – بوابة الأهرام اليوم