(الأضحى والتضحية ودعوة البرهان)
في عيد الأضحى نتذكر التضحية في أسمى معانيها، إذ يُضحي الناس بذبائحهم ليتذكروا بذلك قصة نبي الله إبراهيم عندما رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل فيمتثل لأمر الله، فرؤيا الأنبياء حق، ويستشير ابنه في ذلك، فيمتثل الولد كذلك راضيا صابرا محتسبًا، ويشحذ الوالد سكينه، ويضعها على رقبة ابنه، في مشهد ضجت له السماوات والأرض، فتنزلت رحمات الله عليهما، وبعث الله لإبراهيم بذبح عظيم ليذبحه فداء لابنه.
والتضحية في سبيل الله وفي سبيل الوطن هي من أعظم الأعمال قدّرها الله تقديرًا حتميًا على المجاهدين في سبيله، فلله في هذا الكون سنناً لا تتبدل، وقوانين لا تتغير، ومن يحاول مغالبتها فهو منكسر لا محالة، ومن يغفل عنها أو يسعى إلى تجاوزها فلن يفلح أبداً، منها أن الغُنم بالغُرم، والإنجاز يتطلب العطاء، والنصر لا يكون بغير الفداء، وإن استمرار البذل يقود إلى خير جزل، والتضحية يصحبها الفتح المبين.
بعضنا اليوم يريد أن ينعم بالأمن والأمان دون تعب أو بذل أو جهاد وتضحية يظن أن الأمر يتبع هواه ويحسب أن العدو قد يتراجع طوعاً أمام عجزه وخوره. فالمحايد الذي يعشق السلامة دوماً لن ينالها. و الذي يؤثر الدفء في فراشه على ساعة برد في موضع رباط لن يحرز نصراً. ومن يبخل على وطنه بنفسه و بماله ووقته فهيهات أن يهزم عدواً أو يرد معتدياً. فإن أردت المعالي فسبيلها الدماء، والسيادة تحتاج إلى عرق يبلل ثيابك، والسودان لن يود إلا حين تشمّر له، وتحمل سلاحك حافي القدمين لا تبالي الجراح، تقدم البذل المتواصل بقلب لا يلين. وهمة لا تتراجع وإرادة لا تنكسر بدون أن تلتفت إلى ما هو دون، ولا يغرنك المرجفون في قاع المدينة العاجزون الباحثون عن الراحة ، فتقدم ودع عنك أحاديث النفس في لحظة ضعف أو ساعة اختبار، فأنت على الحق.. وها هو الحق يحشد آجناده ويعتد للموقف الفاصل.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر ولله الحمد الله، أكبر والعزة للسودان
محمد عبدالباقي نورالدائم