دراسة: زيادة الوزن لا ترتبط بالضرورة بالوفاة المبكرة
وجدت دراسة جديدة أنّ زيادة الوزن بحسب مقياس مؤشر كتلة الجسم لا يرتبط بزيادة الوفاة، إذا نظر إليها على نحو منفصل عن المشاكل الصحية الأخرى.
ويُحسب مؤشر كتلة الجسم لدى البالغين من خلال قسم الوزن على الجذر التربيعي لطول الشخص، ويتوزّع الناس على درجات مختلفة من الدهون في الجسم.
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، يعتبر البالغ يعاني من زيادة بالوزن إذا تراوح مؤشر كتلة الجسم لديه بين 25 و29.9، ويعتبر وزنه طبيعيًا أو صحيا في حال تراوح المؤشر بين 18.5 و24.9، وفي حال زاد عن 30 يعتبر أنه يعاني من سمنة مفرطة.
وقال المؤلف الأول للدراسة الدكتور أيوش فيساريا، طبيب مقيم متخصّص بالطب الباطني بكلية روتجرز روبرت وود جونسون الطبية في نيو برونزويك، بنيو جيرسي، إنّ الرسالة الحقيقية المستشفة من هذه الدراسة أنها تعتبر تحديد زيادة الوزن وفق مؤشر كتلة الجسم، مؤشرًا ضعيفًا لمخاطر الوفيات، وأنّ مؤشر كتلة الجسم بشكل عام ضعيف لجهة تحديد المخاطر الصحية، ويجب استكماله بمعلومات تتمثّل بمحيط الخصر، ومقاييس أخرى خاصة بالدهون، ومسار الوزن.
وبحسب خبراء غير مشاركين في الدراسة، فإنّ قيود البحث تجعل من الصعب تحديد إذا كانت النتائج ناجمة عن مؤشر كتلة الجسم، أو عوامل أخرى.
وأوضح الدكتور باتيست لوران، المحاضر بالإحصاءات الطبية في جامعة كوليدج لندن، أنّ “استخدام كلمة” زيادة الوزن “مضللّة هنا، لأنّها تستبعد كل شخص يتخطّى مؤشّر كتلة الجسم لديه الـ30. وأفاد في بيان أنّ كلمة «زيادة الوزن» عادة ما تفسّر على أنها تشمل أي شخص وزنه أعلى من المؤشر الـ”طبيعي”، ضمنًا من يعانون من السمنة المفرطة.
وأضاف لوران، غير المشارك في الدراسة: “وجدت هذه الورقة البحثية ارتباطًا واضحًا بين مؤشر كتلة الجسم والوفيات، قبل وبعد تعديل عوامل الخطر”.
ورأى الدكتور روبرت إتش شميرلينغ، كبير محرري أعضاء هيئة التدريس في هارفارد هيلث للنشر، التابعة لكلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن، أنّ الدراسات القائمة على الملاحظة تظهر ارتباطًا فقط، وليس سببية.
ولفت شميرلينغ غير المشارك بالدراسة، إلى أنّهم “نظروا في معدلات الوفيات، لكن هناك نتائج أخرى مهمة أيضًا لم ينظروا فيها، مثل نوعية الحياة، أو تطوّر أمراض مصاحبة جديدة مثل الحالات الجديدة لمرض السكري، أو أمراض القلب”.
في الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة PLOS ONE الأربعاء، حلل الباحثون بيانات أكثر من 554 ألف أمريكي غير حامل، تزيد أعمارهم عن 20 عامًا جمعت من استطلاع مقابلة الصحة الوطنية 1999-2018، ومؤشر الوفيات الوطني الأمريكي لعام 2019.
فقد قارن فيساريا مع الدكتورة سوكو سيتوغوتشي المؤلفة المشاركة، وأستاذة الطب وعلم الأوبئة بكلية الطب روتجرز روبرت وود جونسون وكلية روتجرز للصحة العامة، مستويات مؤشر كتلة الجسم مع الوفيات المسجلة خلال السنوات الـ20 التالية.
وأشار فيساريا إلى أنّ خطر الوفاة ارتفع بنسبة 18 إلى 108٪ لمعظم الأشخاص الذين لديهم مستويات مؤشر كتلة الجسم أعلى من 27.5، وارتفاع المخاطر مع زيادة في الوزن وفق منحنى على شكل حرف U.
وكان هناك استثناء واحد: البالغون الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. لم تسجّل لديهم زيادة كبيرة بمعدل الوفيات بين شخص متقدم في السن يتراوح مؤشّر كتلة الجسم لديه بين 22.5 و34.9، وهو نطاق يشمل من يعانون من الوزن الطبيعي وزيادة الوزن والسمنة المفرطة
من وجهة نظر نافيد ستار، أستاذ صحة القلب والأوعية الدموية والأيض في جامعة غلاسكو باسكتلندا، غير المشارك في الدراسة، فإنّ “هذه الورقة لا تضيف أي شيء جديد”.
وأفاد ستار في بيان: “نعلم أنّ مؤشر كتلة الجسم غالبًا ما يعرض منحنى على شكل حرف U مع الوفيات، ولكن هذا مرده إلى أن العديد من الأشخاص (لا سيما الأكبر سنًا) في الطرف الأدنى من نطاق مؤشر كتلة الجسم يعانون من فقدان غير مقصود للوزن بسبب المرض”.
غالبًا ما يترافق فقدان الوزن مع تطور الخرف والسرطان وما يصاحبهما من فقدان للشهية لدى المرضى الأكبر سنًا. ووجدت الأبحاث السابقة أن فقدان ما لا يقل عن 5٪ من كتلة الجسم يزيد من خطر الوفاة المبكرة بين من بلغوا 65 عامًا وما فوق، لا سيّما بين الرجال.
وقال فيساريا إن أهم نتيجة توصلت إليها الدراسة أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و65 عامًا وتراوح مؤشر كتلة الجسم لديهم بين 24.5 و27.5، أي الحد الأدنى من مقياس زيادة الوزن، لم يسجلوا زيادة كبيرة في خطر الوفاة.
ومع ذلك، قال توم ساندرز، الأستاذ الفخري للتغذية وعلم التغذية في كينغز كوليدج لندن، غير المشارك في الدراسة، إن خطر الإصابة بالمرض مستقبلًا “ربما يكون مقياسًا صحيًا أكثر أهمية من جميع الأسباب”.
وأفاد ببيان أنّ “الخطر الرئيسي لزيادة الوزن (مؤشر كتلة الجسم 25-29.9) والسمنة المفرطة المعتدلة (مؤشر كتلة الجسم 30-35) يتمثل بخطر أكبر بثلاث مرات للإصابة بمرض السكري الذي يساهم في أمراض القلب والأوعية الدموية، والفشل الكلوي، والعمى”.
وقال فيساريا لـCNN، إنه فيما تحكمت الدراسة بالتدخين ومجموعة متنوعة من الأمراض الأخرى المرتبطة بالوفاة المبكرة، تم جمع هذه المعلومات مرة واحدة فقط لكل شخص شارك في الاستطلاع. لذلك، لم تستطع الدراسة متابعة هذا الشخص لمعرفة إذا أصيب لاحقًا بحالات مثل ارتفاع ضغط الدم، أو مرض السكري التي قد تساهم بالوفاة، وهو أحد قيود الدراسة.
وقال شميرلينغ، الرئيس السريري السابق لقسم أمراض الروماتيزم في مركز بيث إسرائيل للشماسة الطبي في بوسطن، إنهم “لم ينظروا إلى سبب الوفاة، ربما كان ذلك بسبب حادث سيارة أو أمر غير متصل بالصحة”.
وأضاف: “إلى ذلك، إذا نظرت إلى نتائج الصورة الكبيرة، فقد وجدوا زيادة في الوفيات بسبب السمنة، لذلك ليس الأمر كما لو أنهم دحضوا فائدة مؤشر كتلة الجسم لجميع الأغراض”.
وتابع شميرلينغ إن من هم ضمن فئة زيادة الوزن قد يغيرون نمط حياتهم، مثل زيادة التمارين الرياضية، أو اتباع نظام غذائي صحي، والحصول على رعاية طبية كي لا يصابوا بمرض السكري، أو أمراض القلب أو غيرها من الأمراض المصاحبة.
إلى مؤشر كتلة الجسم، أشار فيساريا إلى أنّ الدراسة نظرت أيضًا في البيانات التي تقيس محيط الخصر، أو الجزء السميك من المعدة. ولفت إلى أن النتائج أظهرت أن استخدام محيط الخصر “يغير بشكل كبير الارتباط بين مؤشر كتلة الجسم والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب”.
وتابع أنّ “من يعانون من محيط خصر كبير أكثر عرضة لخطر الوفاة مقارنة مع محيط الخصر الطبيعي ضمن نفس مجموعات مؤشر كتلة الجسم”. وأضاف: “في نطاق مؤشر كتلة الجسم، الوزن الزائد (25-29.9)، كان خطر الوفاة أعلى بنسبة 17 إلى 27٪ بين الأشخاص الذين يعانون من زيادة في محيط الخصر مقارنة مع محيط الخصر المنخفض”.
ورُبط هذا النوع من الدهون العميقة التي تحيط بأعضاء الجسم، المسماة في الغالب دهون البطن أو الحشوية، بزيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة 39٪ لدى النساء الأكبر سنًا، وأمراض القلب، والضعف، والموت المبكر، لدى الجنسين.
يجب أن يقترن قياس محيط الخصر بالوقوف على الميزان كجزء من أي تقييم صحي، وفقًا للإرشادات التي نشرتها جمعية القلب الأمريكية في أبريل/ نيسان 2021.
وتبنت الجمعية الطبية الأمريكية أخيرًا إرشادات جديدة تدعو الأطباء إلى استخدام أكثر من مؤشر كتلة الجسم عند تقييم صحة الفرد.
“سي أن أن عربي”