غردون باشا وشرف البندقية !!
قبل أيام إستمعت لضابط سوداني حار القلب يتحدث من الفاشر عن شرف البندقية.
نحن نعتبر أن مقتل غردون باشا يوم 26 يناير 1885م يوم انتصار تاريخي كبير ، ولكن من باب الإنصاف كان غردون كعسكري يراعي شرف البندقية.
كيف ؟!
في 1863م طلب إمبراطور الصين دعم الإمبراطورية البريطانية لسحق ثورة خطيرة قامت عندهم فأرسلوا له غردون.
تم إسناد قيادة القوات الميدانية لغردون وبعد سلسلة من المعارك والانتصارات والهزائم هنا وهناك عرضت قيادة التمرد الدخول في مفاوضات سلام.
وافق الوالي الصيني الذي وقع التمرد في ولايته وتم تحديد موعد وموقع لعقد محادثات سلام ، ووصلت قيادات التمرد وقد تم إعداد مأدبة لإبداء حسن النوايا.
لم يحضر غردون المأدبة وخلالها وقع هجوم قتل فيه جميع قادة التمرد واستطاع الوالي وكبار قادة الجيش الإمبراطوري الهروب ، وكان ذلك سببا في إنكسار التمرد واستسلام ما تبقى من قواته.
واجه غردون الوالي واتهمه بتدبير مذبحة لقيادات التمرد بذريعة التفاوض والمأدبة وطبعا نفى الوالي ذلك.
ولأن الحرب انتهت بانتصار الجيش الإمبراطوري فقد أصدر الإمبراطور من بيجين قراره بمنح غردون مكافأة مالية ضخمة وأعلى ميدالية إمبراطورية.
رفض غردون المكافأة والميدالية وذكر الوالي في مذكراته التي طبعت سنة 1913م أن غردون كانت نفسه جريحة بسبب الطريقة التي انتهت بها حياة قيادات التمرد ولكن رفضه للميدالية كان إهانة للمقام الإمبراطوري المقدس فأوصى بالإستغناء عنه.
بعدها بإحدى عشرة عاما في 1974م حضر غردون للعمل للمرة الأولى في السودان في حكمدارية خط الإستواء وكان في هذه المرة مختلفا عن غردون الصين لأنه كان ينفذ في استراتيجيات الإمبراطورية البريطانية.
لكن موقفه من رفض الميدالية الإمبراطورية الصينية في 1863م لا يمكن تفسيره إلا من خلال معايير شرف البندقية.
#كمال_حامد 👓