الضربات الأمريكية ضد الحوثيين.. هل تشعل فتيل الحرب في البحر الأحمر؟
جددت الولايات المتحدة الأمريكية غاراتها على قواعد جماعة «أنصار الله» في اليمن؛ أمس، وأصابت موقعًا عسكريًا في الحديدة غرب اليمن، ردًا على صاروخ أطلقه الحوثيون منها باتّجاه البحر الأحمر.
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان على موقع “إكس”، أن مدمرة الصواريخ الموجهة “كارني” استخدمت صواريخ “توماهوك” في الضربة اللاحقة التي نُفذت في ساعة مبكرة أمس، بالتوقيت المحلي “لتقليص قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن البحرية بما في ذلك السفن التجارية”.
*أمريكا تحفظ ماء وجهها
قال أستاذ العلوم السياسية وخبير شئون الشرق الأوسط، الدكتور حسن مرهج، في حديث لـ”الشروق”، إن طبيعة المستجدات في عموم المنطقة تفترض مقاربات جديدة لكل التطورات، والاستهداف الأمريكي البريطاني للحوثيين يأتي في سياق الصراع الإقليمي والدولي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال النظر إلى الاستهداف من زاوية هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وفسر أستاذ العلوم السياسية الهجمات الأخيرة بأنها متعدد الأوجه وتأتي في إطار صراع المصالح ووضع حد لإيران ومن ثم إيقاف الحوثيين وهجماتهم في البحر الأحمر.
ويضيف مرهج: الولايات المتحدة تدرك بأن جماعة الحوثي لديها من الاستراتيجيات ما يمكنها من تخطي الضربة الأمريكية، ولديهم القدرة على توجيه الضربات ووضع الخطط العسكرية، وبالتالي فإن الاستهداف الأمريكي البريطاني يأتي في إطار محدد هو حفظ ماء الوجه.
ويرى مرهج أن الاستهداف جاء كرد فعل على احتجاز السفن، لكن في العمق ستخدم الضربات الأمريكية المحدودة الحوثيين، وستكسبهم مزيدًا من التعاطف الشعبي، وستوجه رسالة للجميع بأن اليمن والحوثي قوة قادرة على تغيير وقائع المنطقة وفرض المعادلات الجديدة.
هل من الممكن أن يتكرر الاستهداف العسكري للقواعد الحوثية وتتوسع مداها؟
يعتقد مرهج بأنه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لن تسعى لتوسيع نطاق الحرب في الشرق الأوسط، لما يمكن أن يقود لإغراق واشنطن في حرب جديدة هي في غنى عنها، وستكتفي إدارة بايدن بتنفيذ ضربات محدودة ومركزة، وقد تتطور الضربات إلى استهداف شخصيات حوثية إذا ما تم استهداف قوات عسكرية أمريكية أو بريطانية.
كيف يمكن أن يكون الرد من جانب الحوثيين؟.
يرى مرهج، أنه من غير المعروف حتى الآن، فيما إذا كانت الجماعة الحوثية ستدرج الدول التي هددتها في السابق، حال انضمامها للتحالف الدولي الجديد، ومن بينها البحرين، كأقرب الدول على النطاق الجغرافي ومشاركتها بشكل علني سواء في تحالف “حارس الازدهار” أو في الضربات العسكرية الأخيرة، وما إذا كانت ستوجه لها ضربات بالمسيرات أو الصواريخ على أراضيها، وأن مسار الأحداث في اعتقادي ذاهب باتجاه التهدئة.
– هل تدخل المنطقة في حرب إقليمية؟
يرجح أستاذ العلوم السياسية أن تتغيّر حسابات التصعيد في منطقة البحر الأحمر، إذا ارتبطت بتغييرات من شأنها ردع إسرائيل من توسيع الصراع في غزة، وقد يؤثر هذا على المشهد الكلي بشكل حاسم في نهاية المطاف. لكن عمومًا لا مصلحة للأمريكي أو غيره من القوى بتوسيع دائرة الحرب.
* جبهة جديدة للحرب
قال خبير العلاقات الدولية والاستراتيجية الدكتور أنس القصاص، إن اشتعال جبهة إضافية في المنطقة سيكون خصما من الزخم الدولي الموجه بشكل أساسي نحو هذه الحرب؛ لاسيما وأن اشتعال جبهة جنوب البحر الأحمر بما لها من ارتباطات جيوسياسية وجيواقتصادية وتجارية كبيرة سيكون لها رصيد أكبر من الاهتمام بما لها من عمق يمس اتجاهات الأمن والاستقرار العالمي.
ويضيف القصاص: في الأغلب قد تتخذها إدارة بايدن أداة في إعادة تسويق صورتها التي اهترأت بسبب الدعم غير المحدود لإسرائيل في حرب غزة كراعية للأمن الدولي ومقاومة لمحاولات الشغب على السلام العالمي، ونصرًا تكتيكيًا يمكن ترويجه من قبل إدارة بايدن في دعم جهود إعادة ترشيحه لمقعد الرئاسة؛ فهذا يصب عمليا في صالح إسرائيل وخصم من حالة الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، يرى أن الهجمات الأمريكية البريطانية كانت متوقعة، وربما يمكن الجزم بأنها تأخرت كثيرًا، والتصعيد من تلك النقطة قد يتسع مداه من جانب الحوثيين في منطقة البحر الأحمر بتهديد حركة الملاحة الأمريكية والغربية.
الشروق نيوز