رأي ومقالات

فخر بلادنا: سطر فى سفر البطولة

أكثر من عشرة أشهر ، كانوا هناك ، ما لانت عزيمتهم ولا خارت قواهم ، لا تهمهم اشعة الشمس اللاسعة ولا الوحل والوطن ، لم يشكوا من قلة الزاد أو نقص الإمداد أو فراق الأحبة ، أنهم هناك فى الخنادق وفى المهندسين ، إنهم عنوان لبسالة الجند وصدقهم وشجاعتهم فى لحظات المحن..

تساقطت عليهم القذائف والدانات ، حاصرهم الجنجا بمئات العربات والرشاشات والنيران الكثيفة ، ولم يتزحزحوا ، استمرت بعض المعارك 10 ساعات ، موجة خلف موجة وهم فى المواجهة لا ترمش لهم عين ولا يهتز له قناة..

ودعوا الشهداء ، موكبا وراء موكب ، اعزاء لفوهم بالاعلام والدعاء ، و ايديهم على الزناد.. وصمدوا..
على أبواب المهندسين تراكمت جثث المليشيا والمرتزقة ، الذين جاءوا من أصقاع الدنيا كانت نهايتهم هنا ، مع الهزيمة الحسرة والخيبة والخذلان..
ردوهم صاغرين ، و أهالوا على أحلام الجنجا التراب والرماد..

ثباتهم مدهش ، ورباطة جأشهم بلا سقف ، أنهم يقاتلون ورايتهم ( الله ، الوطن) ، ويدركون أنهم يدافعون عن التراب وعن العرض وعن الصغار وعن المهجرين وعن الحرائر ، وعن النيل ، وعن رفاقهم..
عشرة أشهر ، فى صبر وإحتساب ، وتخطيط ومناورات ، من هنا ، أنطلقت مجموعات العمل الخاص ، تتسلل خلف العدو ، تثخن فيهم الجراح ، تفتك فيهم بالموت والدمار ، تتحرك مجموعات وتستنزف قدرات العدو ، وتتحرك كل يوم من نصر إلى نصر ، كل لحظة بطولة ، وكل معركة كتاب مفتوح ، وكل يوم هو سطر فى التاريخ..

لم تكن المهندسين مجرد منطقة عسكرية فحسب ، إنها رمز مؤسسة أسمها: الجيش..
وعشرة أشهر تتدافع المتحركات من كرري ، خطوة خطوة ، إرتكاز وآخر ، وموقع وموقع ، كل لحظة بألف قراءة ومناورة..
قنصوا آلاف من مراكز العدو ومواقعهم ، ونظفوا الأزقة والطرقات والبيوت ، مرحلة واخري.. وموكبهم متقدم ، وتحركاتهم محسوبة.

لم يهابوا قناصة العدو المختبئة ، وأسلحتهم المنصوبة على المنازل ومتحركاتهم ، ومرتزقتهم فى كل مكان.. أهلكوهم واحدا تلو الآخر ، لم تكن مجرد معركة ، إنها درس وتاريخ..
منذ فبراير 2022م يقاتل الجيش الروسي لتجاوز 1000 متر فى مدينة باخموت الاوكرانية ، بكل قدراتهم العسكرية ، وتحولت المدينة لأكوام من الدمار ، ولم يتمكن منها ..
بينما قواتنا ، تنظف عدة كيلو مترات فى زمن وجيز ، الذين راهنوا على حرب المدن واسطح المباني عادوا بالخسران والهزيمة..
إنها الإحترافية.. من بعد توفيق الله..

أمس الخميس 15 فبراير 2024م ، تلاقت الأيدى ، كانوا على بعد خطوات ، يتبادلون الحديث ، واليوم فى هذه الجمعة المباركة 16 فبراير 2024م ، تدخل الجرارات بالتشوين والتعيينات والعتاد الى المهندسين ، ومعها قصة بطولة وفداء ..
ذلك الفضل من الله
وذلك نصر من الله
والحمدلله فى المبتدأ
والحمدلله فى المنتهى
التحية للقوات المسلحة
التحية للمخابرات العامة ، هيئة العمليات
التحية للشرطة السودانية ، الاحتياطى
والتحية للمستنفرين من شبابنا وشيوخنا..

من حقنا الفخر بجيشنا ومؤسساتنا الأمنية ، دون ان ننسى شعبنا فى صبره وفى إلتفافه وفى نفرته الشعبية ، وتلك صفحة واحدة من تاريخ شعبنا..
الله أكبر الله أكبر..

د.ابراهيم الصديق على
16 فبراير 2024م..