أساس القصة
يسابق الاتحاد العماني لكرة القدم نحو تأسيس مستقبل جديد للكرة العمانية وإن كان متأخرا بعض الشيء لكنه بدأ الخطوات التصحيحية بدلا من الجمود الذي شهده قطاع المراحل السنية طوال السنوات الماضية، ولعل مهرجان الأكاديميات الخاصة وإطلاق11 مركزا تدريبيا في المحافظات والتعاون القائم مع اتحاد الرياضة المدرسية سيأتي بثماره في المستقبل القريب.وبما أن الموهبة هي أساس تطور اللاعب فإنها تولد مع الإنسان ولا تصنع بل تصقل إن وجدت، وبلدنا والحمد لله يعج بالمواهب الكروية، التي يدمرها أحيانا غياب التخطيط والرؤية، بتقصير أو إهمال بقصد أو غير قصد، ولعل ما يحدث في دوري المراحل السنية مثال واضح وكان له تأثير كبير على وضع منتخبات المراحل السنية التي هي أساس تطور المنتخبات الوطنية كونها الرافد الأساسي.وفي ظل غياب هذا الاهتمام الذي أثر على تواجد المنتخبات السنية في قمة البطولات الآسيوية لسنوات وكان له تأثير سلبي على واقع المنتخب الوطني الأول.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصنع الدوري العام بمختلف مسمياته نجوما لم يتم تأسيسهم بشكل صحيح في الأندية منذ الصغر ولو كان هذا الرهان صحيحا لتسيد منتخبات الهند والصين القارة الآسيوية كمثال، فهي لديها بنية أساسية ودوري محترفين قوي ومدربون أجانب أكفاء لكن المحصلة النهائية لنتائج المنتخبين الهندي والصين ضعيفة جدا.
ندرك تماما أن العنصر الوحيد الذي نملكه في كل عناصر الرياضة هي الموهبة.. وسلطنة عمان أرض المواهب من مسندم حتى صلالة.. انظروا إلى الشريط الساحلي الممتد لمسافة حوالي 3165 كيلومترًا وكم من المواهب التي تمارس كرة القدم..!!
انظروا في الحارات والأزقة وشاهدوا الأطفال والكبار وهم يمارسون هذه اللعبة بعفوية تامة، انظروا للفرق الأهلية وملاعبها ومنشآتها وحضورها وتفاعلها الجماهيري، ومع كل هذا أليست سلطنة عمان ولادة وخلاقة!
فلنلتفت لمواهبنا ولنهيئ لهم كل ظروف النجاح والإبداع من بنية إدارية رياضية محترفة ومنشآت رياضية صالحة وخطة وأسلوب عمل ناجع.
في أواخر الثمانينيات ومرحلة التسعينيات عندما اهتممنا بقطاع المراحل السنية من خلال مدارس تعليم الكرة والتعاقد مع خبراء لقطاع المراحل السنية بدءا من الألماني هيدرجوت ومرورا بالنيوزيلندي جون ادست كانت النتائج أكثر من رائعة وكانت الاستفادة مباشرة من خلال جيل ذهبي قدمته الكرة العمانية في الفترة من2001 حتى 2019 وأشاد بها الاتحادان الدولي والآسيوي.
ومن نصف مليون دولار كان يقدمها الفيفا لاتحاد الكرة في ذلك الوقت لدعم هذا القطاع زاد الدعم المقدم أضعاف الأضعاف. ومع إلغاء هذه المدارس في الأندية منذ عام 2007 كانت هناك اجتهادات لم يكتب لها النجاح وأصبحنا الآن نعاني من التجارب الفاشلة التي لم تكن سوى وقتية وفشلت مجالس الإدارات المتعاقبة في إدارة هذا الملف برغم القرارات التي صدرت والأحاديث التي قيلت عن الاهتمام بهذه المراحل.
إذا أردنا أن نطور كرة القدم فعلينا أن نفكر جيدا في الاهتمام بالمراحل السنية بدءا من الأندية، لأنها هي الأساس وأن نفكر للمستقبل، وألا يكون تفكيرنا وقتيا من أجل حصد البطولات، وأن يعيد اتحاد الكرة التفكير في مدارس تعليم الكرة وتغيير شامل في مسابقات المراحل السنية إذا كنا فعلا نريد أن نتطور.
ناصر درويش – جريدة عمان