ثقافة وفنونمدارات
روضة الحاج: لهنَّ انحنى النيلُ والأرضُ أغفتْ على حِجرهِنَّ ومنهنَّ يبتدئُ الوقتُ صوبَ الحقيقةِ صوبَ السلامِ وصوبَ الحياة
كتبت شاعرة السودان الأولى “روضة الحاج”: للنساء في كل أنحاء الدنيا في يومهن العالمي ..
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
تَقاسَمَها القمحُ
والنخلُ
والأبنوسْ
وقامتْ على النيلِ ميَّاسةً من لبَخْ
يستريحُ بها المتعبونَ
ويأوي إلى ظلِّها الفقراءْ
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
يشلن المعاناةَ تسعاً
يضعنَ الصباحاتِ كُرهَاً
ويضحكنَ
للألمِ المُرِّ
إذ تصرخُ الأمنياتْ!
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
يُحِلنَ القبيحَ
إلى نقطةِ اللا قبحَ
واللا جمالْ
يُفتِّتن صخرَ الضَجَرْ
ويزرعنَ في مُوِحشِ الروحِ
ورداً وماءْ
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
يُغيِّرنَ ما ليس يُمكنُ تغييرُهُ
يُيسِّرنَ ما ليس يُمكنُ تيسيرُهُ
يُفسِّرنَ ما ليس يُمكنُ تفسيرُهُ
يُجمِّلنَ بالحُبِّ قبحَ الحياةْ
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
يُفيقُ الصباحُ على صوتِهنَّ
يجئُ المساءُ لدى همسهنَّ
وتجري النهَاراتُ
تُمسِكُ أطرافَ أثوابِهنَّ
يُطرِّزنَ للصيفِ أقمصةً من ندى
ويفتحنَ للغيثِ مزرابَ حُبْ
ويأوي الشتاءُ إليهنَّ
مستدفئاً من صقيعِ الشتاءْ!
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
على بابِها يقفُ الخوفُ
منتظرًا دورَه في الأمانْ
ويعتمرُ الصبرُ حكمَتها
ويسيرْ
ويستأذنُ الصدقُ ضحكتَها
إذ يَمُرْ
ومن تحتِ أقدامِها
تخرجُ الشمسُ
والبدرُ
والنهرُ
والأُغنياتْ
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
لهنَّ على الأرضِ حقُّ التشابهِ
حقُّ التطابقِ
في المنحِ والحُبِّ
قد لا يُجِدنَ
سوى أن يُجِدنَ العطاءْ!
لهنَّ على الرحمةِ المستقرَّةِ في الروحِ
ألَّا تُغادِرَ
حتى على القبرِ تبقى
لتُنبتَ للطيرِ فرعاً
وأكمامَ وردٍ لأجلِ الفراشْ
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
وفي القصرِ والكُوخِ
ذاتُ الحضورِ
وذاتُ البهاءْ
لهنَّ انحنى النيلُ
والأرضُ أغفتْ على حِجرهِنَّ
ومنهنَّ يبتدئُ الوقتُ
صوبَ الحقيقةِ
صوبَ السلامِ
وصوبَ الحياة
هي امرأةٌ مثلَ كُلِّ النساءْ
السمراء روضة الحاج
رصد وتحرير – “النيلين”