رأي ومقالات

إمتحان الديمقراطية وحرية الرأي

إمتحان الديمقراطية وحرية الرأي:
تنظير ساي.
لا يزال الكثير لا يفهمون الدور المهم الذي يلعبه التفكير النقدي بإخضاع جميع اللاعبين السياسيين الرئيسيين لرقابة الرأي العام.
يقول البعض الناس أن “تقدم” هي المجموعة المدنية الوحيدة المنظمة والناشطة، وبالتالي فمن الخطأ انتقادها.
ولكن حتى لو تجاهلنا تحالفات “تقدم” الداخلية والخارجية وقبلنا الادعاء بأنها باحث حقيقي عن الديمقراطية المدنية، فإن هذا لايعني أن إخضاع عملها للفحص النقدي عمل تخريبي بالضرورة.
في الواقع إن كون “تقدم” أهم ممثل للقوى المدنية يجعل مثل هذا الفحص النقدي أكثر أهمية حتى لا يفسدها موقعها الاحتكاري. ومن أمن العقوبة أساء الأدب.
لذا، على سبيل المثال، إذا انتقدنا قادة “تقدم” لتوقيعهم على ثلاث اتفاقيات رئيسية قبل عقد مؤتمرها التأسيسي، فإن هذا ينبغي أن يذكرها بعدم ارتكاب أخطاء مماثلة في المستقبل وبذل قصارى جهدها للقيام بالأمور على النحو الصحيح. هكذا يحدث التقدم السياسي. ومن يصفق ل”تقدم” مهما ارتكبت من أخطاء سيئة تبتزل معايير العمل السياسي لا يساعدها على النمو.
أحد الأسباب الرئيسية لفشل الفترة الانتقالية هو أن شرائح مهمة من الشعب أعطت “تقدم” وقادتها شيكًا على بياض ودعما غير مشروطا كجنا نديهة رائع فحدس ما حدس.
ولو سمعت قيادات قحت للراي النقدي في الفترة الانتقالية لكان بإمكانها تجنب بعض الأخطاء الكارثية في حق الشعب السوداني ولما انفض عنها سامرها وفقدت ثقة فاعلين بهذه الأعداد.
ولسوء الحظ، لم يتعلم بعض من أنصار قحت ومتحورها “تقدم” الدرس وقرروا كتابة شيك على بياض مرة أخري وشن حرب ضد المشاركة النقدية في السياسة من قبل الآخرين.
بما أن “تقدم” تقرر نيابة عن الشعب حتي لو لم يفوضها أو ينتخبها فمن حق أي مواطن سوداني أن يختلف أو يتفق معها ومن حقه بل من واجبه المدني الديمقراطي أن يراقب أداءها و أداء قادتها ويطالبهم بالشفافية في كل الملفات لانهم يبتون في أشياء تخصه وتحدد مصير بلده ومصير أهله.
وفي غياب برلمان منتخب يقوم الراي العام المبذول علي جميع منصات الميديا مقامه كمهمة إضافية.
أن القبول بالراي الآخر، مع حق الإختلاف معه، والترحيب به وتوفير الحماية المعنوية لوجوده من صميم عقل الديمقراطية واخلاقها ومن لا يمارسه منافق لو أدعي الديمقراطية.
أما تبخيس الرأي كمقابل بائس للعمل فلا ياتي من إنسان به من الوعي ما يكفى لإدراك اهمية الكلمة الأكثر مضاء من البندقية. وقد بدأ القران بامر “إقرأ” ولم يقل جيب فند و أعمل مؤتمر.
كما قال الرب في الإنجيل “في البدء كانت الكلمة” ولم يقل في البدء كانت الورشة أو المصفوفة أو المظاهرة.
إضافة إلي ضعف الوعي فإن تبخيس الراي كنقيض للعمل ياتي من عقليات شمولية تحلم بعالم لا يوجد فيه راي مخالف في الفضاء العام وبالتالي لا توجد فيه صحافة أو إعلام سياسي أو كتابة ثقافية لا تصبح بحمد والي الأمر.
كما أن حملات التاديب وإغتيال الشخصية ووضع شروط لا يحق بدونها لاحد نقد العمل العام لا تعبر إلا عن عقلية سلطوية تحلم بشعب من الخراف والمصفقين.

معتصم اقرع