كانت الحلويات المتاحة في الدكاكين كلها تعود الى العصر الحجري

تعالوا أديكم فكرة عن جيلنا المحسود: كانت الحلويات المتاحة في الدكاكين كلها تعود الى العصر الحجري، وتحديدا كرملة، وكانت قرصا دائريا صخريا تظل تمصه لنصف ساعة، حتى يصبح قابلا للكسر بالأسنان، ودروبز (وأصلها drops) وكانت قرصا صخريا أصغر حجما، وكان هناك اللكوم. ثم كانت حلويات ريا التي لو حاولت تلوكها التصق الفكان، وكان صندوقها يحمل صورة حسناء مشلخة، وحلويات كريكاب التي كانت أكثر ليونة من ريا، ثم جاءت حلويات سعد المذهلة والتي نافست “حلاوة بقرة”، وما زالت طحنية سعد بلا منافس، وأنتج سعد بسكويت كوكو الهش المدهش (من نوعية ويفر wafer)، وكان هناك بسكويت ساتي
معجون الأسنان الأكثر رواجا كان كولجيت وتنافسه كولينوس، ثم بدأ انتاج سيجنال في الخرطوم بحري، وكان هناك معجون سوداني اسمه سوبر كريستال، معطون بالشطة، وكنت تضغط أنبوب هذا المعجون فلا تخرج منه فسفوسة، وإذا واصلت الضغط خرج بعض المعجون من أسفل الأنبوب
صابون الحمام بتاع الناس الراقين كان بوكيه، وهو صناعة سودانية، وكان هناك صابون سوداني فاخر اسمه “جابي” فقط للتصدير الى يوغندا وكينيا والكنغو، أما العطور السودانية فكانت هناك بت السودان وبت القسيس والصاروخ وجنينة السيد علي، وكولونيا ايه ون A1، ثم ظهرت بروفيسي، وباترا الفرنسية، وريف دور وفرير دمور المسَّخ الأرياح (يا قسيم الريد فوق النبي/ سهر “الجداد” لي وحَّدي…)
كانت المنطقة الصناعية في بحري تنتج الشيري من نفايات النبيذ اليوناني وتطرحه بأسماء تسبب الزلعة والخلعة: أبو تركتر، أبو بت، أبو رحط، أبو طبلة، وتنتج بيرة أبو جمل، ويقال ان الداعية النوبي الراحل الشيخ طنون زار حلفا ووقف خطيبا: كيف يا جماعة تكون في دعاية البيرة في مدخل حلفا. فقالوا له: انت جاي من محل صنع البيرة عشان تحتج على الدعاية هنا؟ وكان في كل مدينة السودان تقريبا بار أو أكثر مملوك لإغريقي ويسميه الناس “كلوب”، وكان هناك سجائر أبو نخلة ثم شامبيون ثم ناشونال، ثم طرح مصنع في ود مدني سجائر قولد ليف، أما السجائر المستورد فقد كان البحاري (واسمه الأصلي بلايرز Players)
ثم ماتينيه ثم كريفن أيه “أبو كديس”، ثم 555 ستيت اكسبريس ولاحقا اكتسح الروثمانز والبنسون السوق
للحمى والصداع كانت بحري تنتج الإسبرين وكافينول، وكانت هناك حبوب اسمها “سلفا” يصفها الأطباء لكوكتيل من الأمراض، وللحموضة كان هناك ملح اندروس الفوار وأقراص الكاسيلتزر ويسميها العوام “كزرزر”، وإذا انتشر خبر ان الدكتور قرر علاج شخص ما بالحقن، فقد كان ذلك مؤشرا الى أنه مسنود وعنده ضهر أو على وشك الموت
هذا ما كان عليه حالنا قبل 36 سنة أي لما كان عمري 3 سنوات، وكفاية كدا عشان ما تدوني عين
جعفر عباس






