رأي ومقالات

الديمقراطية الأمريكية وجهاد النخبة السودانية ضد جيش بلدها

الديمقراطية الأمريكية وجهاد النخبة السودانية ضد جيش بلدها:
هناك العديد من الدراسات الجادة في العلوم السياسية المنشورة في المجلات الأكاديمية، والتي تؤكد أن الديمقراطية الأمريكية ليست سوى مسرحية زائفة، أو مجرد مهرجانات دعاية. والطريقة المعتادة للتحقق من هذه الأطروحة وإثباتها هي تتبع الرأي العام حول قضية معينة، ومقارنته بسياسة الحكومة بشأنها، وبسجل تصويت أعضاء الكونغرس.

فعلى سبيل المثال، تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الشعب الأمريكي تريد من الحكومة ضمان حصول جميع المواطنين على الرعاية الصحية، لكن العملية السياسية فشلت باستمرار في تحقيق هذه الرغبة. وهذا دليل قاطع على أن الديمقراطية الأمريكية ليست سوى مسرحية سطحية، إذا ما فهمنا الديمقراطية على أنها تحقيق لإرادة غالبية الرأي العام الثابتة عبر السنين.

وفي الأيام القليلة الماضية، أظهرت استطلاعات الرأي أن 10% فقط من الأمريكيين يؤيدون زيادة الميزانية العسكرية الضخمة أصلاً، ومع ذلك صوّت 70% من أعضاء مجلس النواب لصالح هذه الزيادة. مرة أخرى، يتضح أن تصويت الكونغرس لا يعكس الرأي العام، بل ينحرف عنه انحرافاً كبيراً.

وجاء التصويت لصالح زيادة الميزانية العسكرية في وقت بلغت فيه الميزانية تريليون دولار، أي ما يعادل 40% من الإنفاق العسكري العالمي مجتمعاً. دولة واحدة تستحوذ على 40% من الإنفاق العسكري العالمي وتريد زيادته. ولا ننسى أن الحكومة الأمريكية أعادت تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب.

ويحدث كل هذا بينما أعلنت شرائح مهمة من النخبة السودانية الحداثية “الجهاد” ضد جيش بلدها – أعني الجهاد ضد مؤسسة الجيش ذاتها، وليس مجرد نقد أو رفض لقيادات عابرة على سدة القرار في هذه اللحظة – في الوقت الذي يتصدى فيه هذا الجيش لعدوان أجنبي شرس يستهدف الشعب السوداني وموارده. وترى شرائح أخرى ضرورة حل الجيش وتفكيك الدولة،
ولا تتردد جماعات أخرى في عقد ورش لنبش حال الجيش في العواصم الإقليمية بحضور وتمويل أعداء السودان، تحت غطاء شعارات متهتكة مثل “الإصلاح الأمني أو العسكري”. ومعظم هذه النخبة ترى أن أمريكا هي المثال الديمقراطي الذي علينا تقليده، باستثناء تقديس اليانكي لجيشهم.

معتصم اقرع