حركة العدل .. الاقتراب من كردفان

عادت الأوضاع الإثنين الماضي إلى صورة طوتها ولايات كرفان لوقت طويل، لم تكن تأتي فيه الأخبار السيئة إلا لماما، ونقلت بعض وكالات الأنباء والفضائيات مشاهد مباشرة لمقاتلين يتبعون لحركة العدل والمساواة يدخلون ولاية جنوب كردفان، حيث وقع إشتباك بينهم وبين القوات الحكومية، تم حسمه لتعود الأوضاع إلى سيطرة الحكومة.
وتحركات العدل والمساواة في مناطق كردفان لم تبدأ الأسبوع الماضي، ويبدو انها لن تنتهي به، فالحركة تتخير المواسم المناسبة لأية تحركات في المنطقة، فقد اختطفت في أكتوبر من العام الماضي (9) مهندسين صينيين يعملون بحقل الستيب بمحلية أبيي الواقعة في جنوب كردفان قتل خمسة منهم لاحقا، وفي النصف الأول من شهر ديسمبر الماضي كثف الجيش انتشاره الإحترازي في جنوب كردفان تحسبا لقيام الحركة باية تحركات في المنطقة، مما اكد وقتها أن الحركة بدأت مجددا الإعداد لحمل كردفان إلى حرب شبيهة بما وقع في دارفور نظرا لوجود بيئة مناسبة لخلق تفلتات في منطقة بها توترات عرقية وشكاوى من اهمال الحكومة، وإن كانت لا ترقى لمستوى الصراع الذي دار في دارفور، ثم عادت الحركة مجددا عقب قرار محكمة التحكيم الدولية حول قضية أبيي لواجهة أحداث كردفان حيث اشتبكت مع الجيش في جنوب كردفان ، وهي محاولة لتوسيع نشاطها خارج دارفور والذي كان أكبر شواهده محاولة غزو الخرطوم في مايو العام الماضي بعد ان ألمحت كثيرا لهذا المسار، ودار القتال قرب بابنوسة، وأكد قائد مسيري ان القوات الحكومية انتصرت وسيطرت على المنطقة.
وبحسب بعض الوكالات فإن خليل ابراهيم زعيم الحركة أكد ان قوة كبيرة من حركته كانت تتحرك في المنطقة لزيارة ما وصفه بمواقع عسكرية تابعة لهم حين تعرضت للهجوم.
وكان اهتمام الحركة بكردفان باديا ومتماشيا مع تطورات الأحداث حيث بادرت إلى إصدار بيان بشأن قرار التحكيم الدولي حول أبيي وأعلنت ترحيبها به، لكنها نبهت لبعض النقاط التي من اهمها أن يقضى على التهميش الذي قالت انه يمارس على أهل المنطقة بصورة سافرة ويحرمهم من أدنى حقوقهم في المشاركة في الانتاج والإفادة من العائد. ووجه رسالة للمؤتمر الوطني بأن يعلم أن أهل المنطقة لن يرضوا بعد الآن أن يؤتى بكل العمالة من خارج المنطقة ويكون نصيبهم من مواردهم تلويث بيئتهم وتطمينهم بوعود تنمية جوفاء، وعد مراقبون البيان محاولة اولى لمخاطبة مشاعر جيوب الحركة ومن تسعى إلى استقطابهم في خطوتها القادمة.
ورغم ان مسؤولين في قبيلة المسيرية صرحوا من قبل بأنه ليست هناك مواقع مهمة لحركة العدل والمساواة في المنطقة، إلا أن مصدرا عليما أبلغ «الرأي العام» الأسبوع الماضي بأن الحركة نشطت عقب قرار المحكمة حول أبيي في تجنيد بعض ابناء المسيرية واستغلال بعض المواقف الرافضة لقرار التحكيم، بتقديم إغراءات وأموال لهم للإنضمام إليها، وان لها جيوبا في منطقة المجلد، وهو امر يشير إلى أن الحركة مهتمة بإقليم كردفان والإستثمار في أزماته لتوسيع قاعدتها ونشاطها لتقوية مواقفها وإحراج الحكومة بمزيد من الصراع، خاصة وان نائب رئيس حركة العدل والمساواة لقطاع كردفان محمد بحر بيد السلطات السودانية بعد القبض عليه في أحداث مايو العام الماضي، وكان بحر قد كون قبل أكثر من عامين حركة شهامة في كردفان، التي نسقت واتفقت لاحقا مع العدل والمساواة لتصبح جزءا منها.
لكن هل العدل والمساواة قادرة على التغلغل وسط المسيرية وتحقيق أغراضها، الإجابة عند الامير الحريكة عز الدين حميدة رئيس مجلس أعلى المسيرية هي لا، ويقول لـ «الرأي العام» أنه لا يمكن للحركة أن تحقق هدفاً بهذه الطريقة ، ويؤكد ان المسيرية بكافة مستوياتهم الثقافية والفكرية لا ينجرفون في عمل مع العدل والمساواة، وقادرون على الوصول لمعالجات لقضاياهم، التي لن تكون سببا لإستغلالهم من قبل الحركة والإستفادة منهم في عمل تخريبي، ويضيف: المسيرية ليس لديهم استعداد ولا تفكير بهذا المستوى، وليسوا بهذه البساطة في الفهم. ويستطرد: هناك من لديهم تحفظات على بعض الأجزاء في الحكم، وهم شاركوا في المحكمة وبالتالي الحكم حول أبيي ليس قضية يمكن ان تجر المسيرية لمثل هذا التصرف وليسوا في حاجة إليه، ويكمل: المسيرية سيجدون معالجات لكل القضايا في إطار التعايش القديم والأصيل بينهم وبين الدينكا كجزء واحد.
لكن مع ذلك فإن هناك من يرى ان تحركات العدل والمساواة الأخيرة تثبت مقدرتها على التحرك بمرونة كبيرة مع الأحداث وباستراتيجية خطيرة قد تمكنها من إحداث إختراقات. ويؤكد د. عبده مختار موسى استاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الإسلامية ان العدل والمساواة وجدت المناخ السياسي لإحداث اختراق في منطقة مواتية فيها بترول وأزمة يشجعها في ذلك امتعاض واستنكار بعض أبناء المسيرية من تجاهل الحكومة لهم بعد أن فقدوا ولايتهم ولم يجدوا التعويض المناسب، ويضيف أن العدل يمكن ان تستميلهم كرد فعل لمترتبات إتفاقية نيفاشا، ثم التحكيم حول أبيي، ويشدد على انها قادرة على الإستقطاب ما لم تتحرك الحكومة لمعالجة التظلمات بالسرعة المطلوبة. لكن د. عبده يعود فيؤكد ان الحركة لن تجني فوائد من تمددها في كردفان لان الأمور تسير سيرا حسنا في دارفور بشهادات المبعوث الاممي وقائد اليونميد، واي تمدد للحركة سيعني فقدان الحركة مصداقيتها ويؤكد أنها ليست حريصة على السلام، لكن د.عبده يعود مرة اخرى ليحمل الحكومة مسؤولية تلافي إنجراف كردفان نحو الحرب ويرى أنها يجب أن تتحرك بسرعة لجبر الضرر عن أبناء المسيرية والإستجابة لمطالبهم، وسد الثغرات من خلال التنمية والخدمات العاجلة، والأهم هو الإستماع لأبناء المنطقة ولمن يمثلهم تمثيلا حقيقيا.
عوض جاد السيد :الراي العام