القرضاوي: لا إجهاض لجنين الاغتصاب إذا أتم 4 أشهر والدية والكفارة واجبة على من أسقط
شدد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال إجهاض الجنين إذا أتم أربعة أشهر إلا في حالة كون بقاء الجنين خطرًا على صحة الأم، لأن الحفاظ على الأصل في هذه الحالة أولى من الفرع.
وأوضح العلامة القرضاوي أن إسقاط «جنين الاغتصاب» جائز خلال الأربعين يوما الأولى، كما يجوز ذلك مع التشدد طالما أن الجنين لم يكمل 120 يومًا، أما بعد ذلك فلا يجوز المس به، لأنه أصبح إنسانًا كاملاً نفخت فيه الروح، معتبرًا ذلك دليلاً على احترام الإسلام لحياة الإنسان حتى ولو جاء من طريق غير مشروع.
هذه الأحكام، كما أشار القرضاوي، تنطبق أيضًا على الجنين المشوه، حيث لا يجوز إسقاطه إذا ما أتم 120 يومًا، لافتًا أن التشوه درجات، وليس كل تشوه يبيح الإجهاض، كما أن تقديرات الأطباء في هذا الأمر ليست يقينية.
كما تطرق العلامة القرضاوي، في حلقة الأمس من برنامج «فقه الحياة» الذي يبث يوميًا على قناة «أنا» الفضائية (تردد 12226 أفقي نايل سات) ويقدمه أكرم كساب، إلى الحكم الشرعي للإجهاض المتعمد دون عذر شرعي، موضحًا أنه في هذه الحالة تجب الدية والكفارة، حتى ولو كان الفاعل هو الأب أو الأم.
…………………………………………………………………………………………………………………….
?? الإجهاض أمر معلوم، وقد بدأ ينتشر في هذه الآونة خصوصًا مع وجود حالات اغتصاب، فما التوصيف الشرعي للإجهاض؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا، وإمامنا، وأسوتنا وحبيبنا، ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد..
فإن من مقاصد الشريعة الأصلية الخمسة، أو الستة، حفظ النفس وحفظ النسل، بمعنى حفظ أنفس الجيل الحاضر وأنفس الأجيال الحاضرة، فالنسل معناه الحياة المستمرة حتى يبقى النوع الإنساني في هذه الأرض، يعمرها ويؤدي حق الله فيها ويؤدي حق الاستخلاف؛ ولذلك كما نهى الله عن قتل النفس (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) نهى أيضا عن قتل الأولاد (وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ)، (وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) (وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)، (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) وهذه تنديد بجاهلية العرب الذين أحلوا الحرام، بقتل الأولاد، وحرموا الحلال في الأنعام والحرث وغير ذلك.
ولذلك كان من المهم حفظ النسل، ومن أجل ذلك شرع الزواج، فالزواج شرع من أجل إيجاد النسل، ثم الحفاظ عليه (والله جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) وهذا هو النسل.
فإذا حملت المرأة، وكانت هناك إرادة لإسقاط حملها قبل أوانه إسقاطًا متعمدًا فهذا هو الإجهاض، والأصل أن الحمل يحفظ ويحمى، ولا يجوز الاعتداء عليه، حتى إن المرأة إذا حملت يرخص لها الشرع أشياء، مثل الفطر في رمضان؛ من أجل هذا الجنين، كما يرخص لها الفطر من أجل إرضاعه إذا ولد. وهذا الجنين ليس ملكًا لها ولا لأبيه، فهو ملك الله، وهو عطية وهبة ونعمة من الله سبحانه وتعالى، فيجب الحفاظ عليه.
?? ما حكم الإجهاض قبل أن تنفخ الروح في الجنين؟ على اعتبار أن النفخ في الروح يكون بعد الأربعين الثالثة كما جاء في حديث ابن مسعود، وهل هذه مرحلة متفق عليها عند الفقهاء؟
الخلاف قائم بين الفقهاء من قديم حول متى يجوز الإجهاض؟ بل أقول إن الخلاف موجود حتى فيما تعلق بما قبل الحمل، فهناك من منع العزل، أي أن يعزل الرجل عن زوجته، بمعنى لا ينزل المني في موضعه، وبعضهم اعتبره الوأد الخفي.
وبعض الفقهاء يقول إنه إذا حصل الالتقاء بين مني الرجل وبويضة المرأة وتمت عملية التلقيح، أو ما يسمى «العلوق»، فإنه بذلك يولد مشروع إنسان لا يجوز المس به، والبعض يقول إنه قبل الأربعين يومًا لا بأس بذلك، وبعد الأربعين يكون أشد، أما بعد المائة وعشرين يومًا، أي ثلاثة أربعينات التي جاء فيها الحديث الصحيح المعروف، فهذا أصبح إنسانًا نفخت فيه الروح، وأصبح إنسانًا كاملاً.
الأم أم الجنين؟
?? هل هناك إجماع على أنه لا يجوز الإجهاض في هذه الحالة؟
لا يجوز الإجهاض في هذه الحالة إلا في حالة واحدة، وهي حالة الخطر على حياة الأم، فإذا كان بقاء هذا الجنين ولو نفخت فيه الروح، ولو بلغ أربعة أشهر فأزيد، خطرًا على أمه، فهنا لا يجوز أن يضحي بالأصل من أجل الفرع، والأم هي الأصل فلا نضحي بها من أجل الفرع، ثم إن الأم حياة كاملة، وهذه حياة لا تزال ناقصة، وبعضهم يقول إنها حياة موهومة، وهي على كل حال لا توازي الحياة الحقيقية لأمه، ففي البداية نحاول الحفاظ على الروحين، الأم والجنين، ثم لابد من الترجيح، وهنا نرجح حياة الأم على حياة الجنين.
?? العلم الحديث تطور الآن في موضوع الأجنة، والأجهزة تكشف عن الجنين في داخل بطن أمه إذا كان مشوهًا أو غير مشوه، فهل إذا تيقن الطبيب بوجود جنين مشوه يؤثر كما ذكرتم على حياة الأم، فهل هنا ترجع الأم إلى المفتي؟ أم أنها تأخذ بكلام الطبيب وتنزل على رأيه؟
هنا عدة وقفات: الوقفة الأولى هي متى عرفت الأم ذلك؟ المعروف الآن أنه لا يعرف حقيقة التشوه في الجنين إلا بعد الأشهر الأربعة ، وقبل ذلك لا تعرف الأم هذا بيقين فهي تخمينات، وكما قلنا إنه بعد الأشهر الأربعة أصبح الجنين إنسانًا، حتى أن ابن حزم قال لو أن أحدًا ضرب امرأة في بطنها بعد الأشهر الأربعة وسقط هذا الجنين حيًّا، ثم مات، فهو قاتل عمدًا يجب أن يقتص منه، والآخرون يقولون: لا، قتل خطأ وعليه دية.
فالمشكل في هذه المسألة أن التشوه لا يعرف إلا بعد الأشهر الأربعة، ثم من ناحية أخرى هذا التشوه ما قدره؛ فليس كل تشوه من أجله نسقط الجنين، فالإنسان قد يولد أعرج، قد يولد أعمى، وقد يولد ناقصًا في بعض الأشياء، والحياة مليئة بهؤلاء الناس، وكم من أناس ولدوا عميًا لكنهم كانوا عباقرة، ويعوضهم الله بأشياء أخرى، ويؤثرون في الحياة، وهكذا فليس كل تشوه يجوز من أجله إسقاط الجنين.
وهناك نقطة ثالثة تتعلق بثبوت التشوه، فالتشوه لا تستطيع أن تثبته إلا بعد الأشهر الأربعة، ومع هذا كثيرًا ما لا يكون ذلك يقينًا، وأذكر حينما كنت في سنة ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين في ألمانيا، من أجل عملية الانزلاق الغضروفي في الظهر، وكان معي أخ قطري، وكانت امرأته حاملاً فكانت الطبيبة التي تشرف عليها تقول لها: ابنك هذا معرض لتشوه، لأن رأسه كبير جدًّا، وعندما سألوني، قلت هذا لا يكفي لإسقاط الجنين، وولدت المرأة ونحن في ألمانيا، وجاء الولد سليمًا، كذلك أحد الأخوة كان في أمريكا ومعه زوجته، فقال له الأطباء إن الحمل سبعين في المائة سيكون مشوهًا تشوهًا خطيرًا، فسألته: كم الحمل الآن، قال لي في الشهر الخامس، قلت له: في الشهر الخامس انتهى الموضوع، فأنت دع الأمر لله، وسلم في هذه القضية؛ لأنه أصبح إنسانًا كاملاً، وسلم الأمر لله ونسيت أنا الموضوع وبعد خمسة أو ستة أشهر وجدته يرسل لي صورة جميلة، وكتب على لسان الطفل: عمي العزيز أشكرك لأن فتواك أنقذتني من مشارط الجراحين، وهكذا فإن تصورات الأطباء أحيانًا يكون مبالغًا فيها، ولا تكون مبنية على علم حقيقي، فيدخل فيها الظن والتخمين، ولذا من الصعب أن نبني عليها حكمًا بأن نقتل هذا الإنسان.
تنظيم النسل
?? ما الحكم لو أن البعض أراد أن يقوم بعملية الإجهاض مخافة الفقر، ربما لأن عنده عددًا كبيرًا من الأولاد، وهذا الولد سيكون عبئًا أو حملاً ثقيلاً عليه؟
نحن لا نجيز العزل من أجل الفقر، أي إذا كان الفقر وحده هو السبب فنحن لا نجيز هذا، ونقول إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتكفل بأرزاق الناس (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وقبل أن يخلق الله الناس خلق لهم في الأرض معايش، كما قال عز وجل (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ)، (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ) ونحن في هذه الحالة نقول إنه لا بأس من أن يجعل الإنسان فترة ما بين الولد والآخر.
?? تقصد التنظيم؟
بعضهم يسميه «تنظيم النسل» وليس «تحديد النسل»، وهذا ما ذكرته من قديم في كتابي «الحلال والحرام»، وذكرت الدليل عليه من الأحاديث النبوية، فهذا ممكن، وهو ليس اعتراضًا على القدر، ولا على تقسيم الأرزاق، وإنما هو مراعاة لسنن الله عز وجل، فإذا كان الإنسان معيشته محدودة ودخله محدود؛ فلا داعي أن يكثر من الأولاد، لأن هذا ربما يدعوه إلى أن يرتكب ما ليس بحلال من أجل أولاده، ولا يقف عند حدود الله في الحلال والحرام، ويمد يده إلى الآخرين، بل ربما مد يده ليأخذ ما لا يحل له، وحتى لا يدخل في هذه المضايق فلا مانع من أن ينظم نسله.
?? في حالة إجهاض الجنين المشوه، ألا يعتبر ذلك نوعًا من أنواع الاعتراض على قضاء الله وقدره؟
نحن تناولنا هذه القضية في حلقة التداوي، وذكرنا أنه ليس كل ما يعتبره الناس اعتراضًا على القضاء يعد كذلك، كما قلنا إنه يدفع قدرًا بقدر، وشيخ الإسلام ابن تيمية نقل عن الشيخ عبد القادر الجيلاني، صاحب الطريقة الصوفية المعروفة، كلمة وكان معجبًا بها وهي: ليس الرجل من يستسلم للقدر إنما الرجل من ينازع القدر بالقدر.
?? تقصد أن هذا الإسقاط قد يكون قدرًا، أو هو من قدر الله سبحانه وتعالى؟
هو قدر بقدر، وكما قال الدكتور محمد إقبال، فيلسوف شاعر الإسلام في الهند: المؤمن الضعيف يحتج بقدر الله وقضائه، والمؤمن القوي يعتقد أنه قدر الله الذي لا يدفع، وقضاؤه الذي لا يرد. كما رد المغيرة بن شعبة على أحد قواد الفرس الذي سأله من أنتم؟ وما الذي جاء بكم؟ فقال له: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا وابتلانا الله بكم، فلو كنتم في سحابة لارتفعنا إليكم أو لهبطت إلينا، فهذا نظرة المؤمن للقدر.
جنين الاغتصاب
?? إذا حملت المرأة بعد تعرضها للاغتصاب، هل يجوز لها أن تجهض نفسها؟
بعد الأشهر الأربعة انتهى الأمر وأصبح إنسانًا، أتقتل إنسانًا؟
?? ونظرة المجتمع لها؟
إنه إنسان نفخ فيه الروح، وكأننا نبيح لها أن تقتل، وإنما قبل هذا يمكن أن نتسامح حتى بعد الأربعين، وهي إذا تعرضت للاغتصاب يجب أن يشغلها هذا الأمر، ولا تنتظر حتى تمر أربعة أشهر.
?? الخوف من أن يعلم الناس، وأن يشهر هذا الأمر، ربما يجعلها تتكتم على هذا، خصوصًا إن كانت فتاة؟
لكن إذا فاتت الأشهر الأربعة أصبح هذا الإنسان من حقه أن يعيش، فما ذنبه أن يقتل بغير حق؟
?? أليس حفاظ الإسلام على هذا الجنين، حتى وإن كان من طريق غير مشروع، يعد سبقًا للإسلام في الحفاظ على روح الجنين، كما في حالة الغامدية مثلاً؟
هذا مما نذكره دائمًا في حفاظ الإسلام على الحياة، واحترام الإسلام لحياة الإنسان، حتى ولو جاء من طريق غير مشروع، والفقهاء أجمعوا على أن المرأة إذا ارتكبت قتلاً عمدًا، ووجب عليها القصاص وكانت حاملاً يؤخر القصاص منها حتى تضع الحمل، بل البعض يقول: حتى يستغني الطفل بالفطام، وهذا ورد فيه الحديث الشهير المعروف بحديث المرأة الغامدية حينما جاءت تطلب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يطهرها بالرجم، وقال لها اذهبي حتى تلدي، وبعد الولادة، قال لها اذهبي حتى تفطميه، فإن كان لنا سبيل عليك، فليس لنا سبيل على ما في بطنك. فمن احترام الحياة، أن هذا المخلوق لا ذنب له حتى يقتل بغير حق.
?? إذا تمت جريمة الإجهاض بغير سبب يدعو إليها، هل هناك عقوبة محددة، سواء على المرأة التي قامت بهذا أو على الطبيب الذي قام بهذا الفعل، أو على ولي الأمر الذي يجبر المرأة على هذا الأمر؟
هناك في كل قتل دية وكفارة، وأحيانًا يكون فيه قصاص، وكما ذكرنا فإن ابن حزم يرى أن من يقتل من أكمل الأشهر الأربعة، أي أكمل الأربعينات الثلاثة، عمدًا يجب أن يقتص منه، إنما جمهور الفقهاء يقولون فيه الدية، وإذا نزل حيًّا ثم مات فيه دية كاملة وكفارة، أي عتق رقبة، ثم (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) .
وبالنسبة لكونه هل فيه إطعام ستين مسكينًا أم لا، فهناك خلاف بين الفقهاء، الجمهور يقول إن القرآن لم يذكر إطعام ستين مسكينًا، كما ذكره في كفارة الظهار، وكما جاء في الحديث عن كفارة الجماع في نهار رمضان.
على كل حال فيه كفارة هي حق الله عز وجل، ودية حق الورثة، وإذا كانت الأم هي التي قتلته فلا ترثه؛ لأن عندنا من القواعد؛ أنه لا ميراث لقاتل، كما أنها تدفع الدية ولا تنال منها شيئًا، ولو كان الأب هو الذي قتله فلا يأخذ من الدية شيئًا.
أما إذا كان ذلك قبل الأشهر الأربعة، أي نطفة أو علقة أو مضغة، ففيه الغرة، وهي عشر الدية، والدية الأصل فيها أنها مائة من الإبل، ثم قدرت بعشرة آلاف درهم، أو باثنى عشر ألفًا، وفي عصرنا تختلف الدية باختلاف قيمة العملة، فالعملة الورقية تتناقص قيمتها أحيانًا، وأنا أول ما ذهبت إلى قطر كانت الدية ستة عشر ألفًا، والآن أصبحت مائتي ألف.
التغسيل والتكفين
?? ماذا عن أحكام التغسيل والتكفين لهذا الجنين الذي أجهض، وهل تجب الصلاة عليه أم لا؟ وهل يجب تسميته أم لا؟
إذا كان بعد الأربعينات الثلاثة التي ذكرناها، فهو أصبح إنسانًا كاملاً، وإذا نزل من بطن أمه، يجب أن يغسل، وأن يكفن، وأن يصلى عليه، وأن يدفن في مقابر المسلمين.
هل يشترط أن يستهل صارخًا؟ البعض يشترط أن تحدث منه صرخة أو شيء يدل على أنه كان حيًّا، والبعض يقول إنه ما دام أكمل الأشهر الأربعة، نصلي عليه. أما قبل الأشهر الأربعة فذلك ليس لازمًا، ربما يستحب هذا.
?? هل يسمى؟
نعم يسمى، حتى ولو كان سقطًا ميتًا.
?? هل تشرع العقيقة عن هذا السقط؟
لا، العقيقة تشرع بعد الولادة بأسبوع، فما دام لم يولد ولادة طبيعية، ولم يعش لمدة الأسبوع فلا عقيقة عليه، وحتى لو ولد ومات قبل الأسبوع فليس عليه عقيقة، فالعقيقة تسن أو تستحب، أو تجب عند من يوجبها، في اليوم السابع للميلاد.
?? من المعروف أنه بعد الولادة ينزل دم النفاس، فهل ما ينزل على المرأة بعد الإجهاض، أيضًا يعد نفاسًا؟
نعم دم نفاس؛ لأن الدم يتعلق بنزول كائن من رحم المرأة، فهو حكمه حكم النفاس، وهو يمنع الصلاة والصوم والجماع حتى ينقطع.
?? والطواف بالبيت الحرام؟
والطواف بالبيت الحرام، وكل الأحكام المتعلقة بهذه الأمور.
?? الطبيب الذي يقوم بعملية الإجهاض ما حكمه؟ وما حكم تكسبه من هذه العمليات؟
الطبيب المسلم، الملتزم بالإسلام، عقيدة وفكرًا، وشريعة وسلوكًا، يفترض أنه لا يقدم على عمل من الأعمال إلا إذا اعتقد أنه مشروع، وأنه حلال، فأما الحرام فلا يجوز الإقدام عليه، والحلال بين والحرام بين وبينهم أمور مشتبهات، فإذا كانت الأمور مشتبهات يحاول أن يسأل فيها حتى يتبين له هل هي من قسم الحلال أم من قسم الحرام، وإذا اشتبه عليه الأمر فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
?? ماذا لو أجبر الطبيب على هذا الأمر، فأحيانًا تذهب امرأة ومعها بعض الرجال إلى عيادة طبيب ويجبرونه تحت تهديد السلاح على إجراء هذه العملية؟
المكره له حكمه، فالإسلام في أخطر الأمور، وهو الكفر، الله تعالى يقول: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ) أي على الكفر (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) والإكراه نوعان: إكراه ملجيء، وإكراه غير ملجئ، والملجئ هو الذي يلجئك بقوة السلاح إلى أن تفعل الشيء، فلو أن جماعة اكرهوا طبيبًا أن يفعل هذا، فإن الله وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وهذه أمور تقدر بقدرها، إنما يحاسب الإنسان على ما فعله قصدًا، أي بإرادته الحرة.
مسائل وأحكام
?? هناك حالة وقعت وكانت السائلة تسأل إنها حملت في حملٍ سابق، وفي أثناء هذا الحمل، أصيبت بصمم في أذنها اليمنى، ثم منَّ الله ـ عز وجل ـ عليها بحمل آخر، والطبيب المعالج يقول إن هذا الحمل سيترتب عليه ذهاب سمع الأذن اليسرى، وأنها في حالة الحمل لا تستطيع أن تأخذ دواءً حتى لا يؤثر على الجنين، في مثل هذه الحالة، كيف نوازن؟
إذا كان قبل الأربعين، تتخلص بسهولة من هذا الحمل، أما بعد الأربعين يصبح الأمر أشد، وإذا كانت قبل الأربعينات الثلاثة، قبل مائة وعشرين يومًا، يمكن في مثل هذه الحالة أن نجيز لها، لكن بعد الأشهر الأربعة يكون حدث الحاجز الحصين الذي لا يجوز بعده الإجهاض، وعليها أن ترضى بقضاء الله وقدره، والمفروض أن النساء اللاتى يصبن بهذا يكونون حذرين من الحمل هن وأزواجهمن، فلابد أن تتحرك قبل أن تصل إلى الأشهر الأربعة.
?? هناك حالة أخرى الفحوصات أظهرت أن الجنين رأسه رأس إنسان، لكن البدن عبارة عن جسد سمكة، في مثل هذه الحالة ماذا نصنع؟
المعروف في مثل هذه الأحوال أن الجنين لا يعيش، إذا نزل إما أن ينزل ميتًا، وإما أن يموت بعد مدة قليلة، وهذا هو المعتاد في هذه الحالة، فالأطباء لا يجدون في مثل هذه الحالات مشكلة؛ لأن القدر يحل الموضوع حلاً سريعًا، دون أن يحوج الناس إلى شيء.
?? تقصد أن تبقى المرأة على ما في بطنها من جنين؟
نعم لأنه سيموت.
?? البعض يقول إن اللولب، وهو وسيلة من وسائل العزل ومنع الحمل، لا يقوم بمنع عملية التكوين لكنه يقتل البويضة، فهل في هذا شيء؟
الإسقاط أو الإجهاض يحدث بعد أن يستقر الجنين، أي بعد أن تستقر البويضة الملقحة في جدار الرحم، والقرآن سمى ذلك (قرارًا مكينًا)، (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) بعد القرار المكين هذا مساس بالجنين يصبح اعتداء عليه، أما في حالة اللولب فإنه لم يدخل في هذا «القرار المكين»، فلا يعتبر هذا من نوع العدوان على الجنين.
?? أثناء عملية الولادة، قد يموت الجنين نتيجة خطأ من الطبيب، فما الحكم؟
هناك الحديث الذى رواه أبو داود: «من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن» بمعنى أنه إذا دخل شخص على علم الطب، وهو ليس أهلاً له، أي ليس طبيبًا، أو طبيب دخل في غير اختصاصه فهو ضامن.
إنما إذا الطبيب المختص أخطأ من غير تعمد ولا إهمال، فليس ضامنًا، لكن إذا كان هناك ما يسمونه «الإهمال الجسيم»، وهو الذي لا يقبل من الطبيب أن يقع فيه، هو يتحمل المسئولية.
?? ماذا لو اضطر طبيب ليس متخصصًا في الولادة إلى هذا الأمر، بمعنى أن هناك حالة ولادة وليس هناك من يولدها، فقام بذلك فأخطأ؟
إذا كان مضطرًا، فمثلا قديما كانت المرأة تلد في البيت على يد الداية، لكن أحيانًا لا توجد داية، فتأتي زوجة الجار أو واحدة من النساء الخبيرات، ويقومن بهذه العملية، وهذه أحكام الضرورة، والضرورات لها أحكامها، بحيث تقدر بقدرها.
المصدر: صحيفة الراي العام
اعتمد الفقهاء في تحديد اللحظة التي يتحوّل فيها الجنين إلى إنسان حيّ بعد تسويته ونفخ الروح فيه على حديث البخاري الذي يتحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم على مراحل تخلق الجنين في بطن أمّه فاعتبروا أنّ الجنين يمضي في بطن أمّه 120 يوما أي حوالى أربعة أشهر قبل أن تنفخ فيه الروح .لكن العلم الحديث أثبت الآن خلاف ذلك باعتبار أن الجنين يتحرك وتكتمل وظائفه الحيوية بمجرّد بلوغه 42 يوما فقط .الأمر الذي أوقع الفقهاء والمحدّثين في حرج كبير مما دفع بأحد الباحثين إلى التثبت في لفظ الحديث وقد لاحظ سقوط عبارة “كذلك” بعد كل أربعين من لفظ البخاري في حين أثبتها مسلم في صحيحه وقد أنجز في ذلك بحثا مطولا نال به جائزة المنتدى العالمي للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والحديث النّبوي…
أمّا قضيّة الإجهاض للضرورة فإنّ الضرورات تقدر بقدرها ولا علاقة لها بعمر الجنين والفتاة التي تحمل جنينا من سفاح ولا يمكنها تحمّله نفسيّا قد تصاب بأمراض خطيرة جدا وينشأ المولود كذلك نشأة غير سويّة ….
أرجو من السادة الفقهاء الاجتهاد في هذا الأمر وكذلك في نسب المولود من سفاح لفتاة بكر …