اقتصاد وأعمال

زيادة الطلب على لبن الإبل رغم ارتفاع سعره


كثر في الآونة الأخيرة الإعلان عن بيع لبن الإبل في المحلات التجارية المتفرقة مما يؤدي في القريب العاجل إلى أن يغير المستهلك ثقافته من الألبان المصنعة المتوفرة بكميات وعلامات تجارية مختلفة إلى الإقتداء بالسنة وما توصل إليه العلماء مؤخراً بأنه من أفضل الألبان المجربة للتداوي من الأمراض. ويحتوى لبن الإبل على أقل نسبة دهون 9 , 2 % ، وهذه النسبة تبلغ 7.6% في لبن الجاموس ، و 5.5% في لبن الضان، و 4.9 في لبن الأبقار ، 3.8% في لبن الماعز ، مما يعطيها ميزات غذائية مهمة

وازداد وعي المستهلك وزاد الطلب على لبن الإبل رغم استعمال الكثيرين منهم كميات من الألبان المصنعة وحليب الأبقار والماعز بكميات في ساعات مختلفة من اليوم. وتنتشر هنا مزارع الأبقار التي تربي خصيصاً لحلب الألبان ويتراوح سعر ثمنها ما بيم 5-7 جنيهات ويباع الرطل للمستهلك بحوالي 1 جنيه أو ما يزيد حسب دخول الوسطاء والسماسرة ، وتقل مزارع الماعز لإنتاج الألبان وتحتكر تجارة ألبان الابل في يد قلة. ورغم كثرة استخدام لبن الأبقار ، فهي تأتي من ناحية القيمة الغذائية في درجة ادنى بعد ألبان الغنم والماعز والإبل على التوالي إذ يحتوى لبن الإبل على كمية فائقة من فيتامين (ج) وبديلاً غذائياً للفواكه والخضروات وبه مواد تقاوم السموم والبكتريا ونسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض ، خاصة أمراض التهابات الأمعاء ويتفوق حليب الإبل بمحتواه العالي من أملاح الكالسيوم والماغنسيوم والبوتاسيوم والصوديوم بالإضافة إلى أنه غني بأملاح الحديد والمنجنيز والنحاس والزنك. ألبان الإبل تحتوى على أعلى نسبة من سكر (اللاكتوز) وتتفوق في ذلك على سائر الحيوانات الأخرى، وهذا السكر يتم امتصاصه في الأمعاء الدقيقة للإنسان ويتحول بفضل إنزيم الإكتيز إلى سكر الجلوكوز الذي يعد غذاءا مهما للمخ والجهاز العصبي ، ومصدراً حيوياً للطاقة. وأكدت الدراسات والأبحاث بأن التركيبة الكيماوية لحليب الإبل يشبه حليب الأم أكثر مما يشبه حليب البقر. وألبان الإبل تختلف تماماً في الطعم وفي التركيب عن ألبان الأبقار ، سهلة الهضم بالنسبة لأولئك الذين يعانون (الحساسية لسكر اللبن) ومن نقص الأنزيمات اللازمة لتكسير السكر في ألبان الأبقار. ويرى الباحثون إن قيمة حليب النوق تكمن في التراكيز العالية للحموضة وبخاصة حمض اللينوليك وأحماض متعددة غير مشبعة والتي تعتبر ضرورية من اجل تغذية الإنسان ، ومن أهم مزاياه أيضا امتلاكه مركبات ذات طبيعة بروتينية كالليزوزيم ومضادات التخثر ومضادات التسمم ومضادات الجراثيم والأجسام المانعة وغيرها والتي تعتبر ضرورية من اجل تغذية الإنسان وخصوصاً الأشخاص المصابين بامراض القلب. ويعد حليب الإبل غني بفيتامين (ج) أو ما يسمى بحمض الأسكوربيك ولذا ينصح بإعطاء حليب الإبل للنساء الحوامل والمرضعات والمصابين بمرض الاسقربوط ، ومن أهم مزايا حليب الإبل أنه يتميز دون غيره من الألبان الأخرى بامتلاكه لمركبات ذات طبيعة بروتينية كالأزوزيم ولذا فحليب الإبل أقل إصابة بالحمى المالطية من كل أنواع الحليب الأخرى. وأفضل الألبان التي تؤخذ للعلاج هي التي بعد الولادة بأربعين يوماً وأفضله ما اشتد بياضه وطاب ريحه ولذ طعمه وكان فيه حلاوة يسيرة ودسومة معتدلة واعتدال قوامه في الرقة وحلب من ناقة صحيحة معتدلة اللحم محمودة المرعى والمشرب. وقد ورد في الحديث الشريف أهمية لبن الإبل كدواء لبعض الأمراض ، فقد ورد أن أناساً أتوا الرسول صلى الله عليه وسلم وكان بهم سقم فبعثهم لذود له ليشربوا من ألبانها فصحوا. وأظهرت الأبحاث العلمية الحديثة أن في لبن الإبل وبولها فوائد صحية وغذائية كثيرة، وهذه الاكتشافات الجديدة تثبت الإعجاز العلمي في قوله الله عز وجل في كتابه الكريم : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلفت (الغاشية 17). يحافظ حليب الإبل على الصحة العامة للإنسان ، ويقي من هشاشة العظام وتآكلها لدى المسنين، وكذلك الكساح عند الأطفال، ويعالج الحمى والتهاب الكبد الوبائي وفقر الدم والأمراض الباطنية كقرحة المعدة والقولون ويساعد في علاج مرض البول السكري ، إضافة إلى أنه سائل منظم يخفض ما هو مرتفع ويرفع ما هو منخفض لمرضى السكر والضغط.. وفي الهند أنشئت عيادات خاصة يستخدم فيها حليب الناقة لعلاج السكر والتهاب الكبد والربو وفقر الدم. وأظهرت دراسة علمية إمكانية تطوير مضاد حيوي من حليب الإبل يقضي على حمي الوادي والإيدز والسل وداء الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض ويعد الإبل من الحيوانات الوحيدة التي تملك جهاز مناعة شاذ ومميز عن القاعدة الأساسية لنظام المناعة المتعارف عليه لدى الحيوانات الأخرى ويحتوى جهاز مناعة الإبل على حقل مناعي واحد وهو السلسلة الثقيلة ويخلو من السلسلة الخفيفة. ويرى الباحثون أن حليب الإبل يحتوى على خلاصات تنشط الكبد وتحرض على خروج المادة الصفراوية من الحويصلة الصفراوية. ويعتبر لبن الإبل قلوياً ولكن سرعان ما يصير حامضاً إذا ترك فترة من الزمن ويتفاوت مذاقه من شدة الحلاوة إلى فاتر ومالح ، ويحتوى لبن الإبل على مواد بروتينية بنسبة ما بين 2.5 إلى 4 ومواد صلبة ما بين 10-15 ودهون وبالأخص في أول فترة الإدرار ما بين 2 إلى 3 ، ومواد سكرية وبالأخص اللاكتوز مابين 3 إلى 6 وكلوريد الصوديوم ما بين 14 إلى 27 كما يحتوى على معادن مثل الحديد والكالسيوم والفوسفور وعلى فيتامينات مثل فيتامين بـ 2 و ج ، ولاشك أن كثيرا من قبائل البدو يشهدوا بهذه النتائج من واقع حياتهم وأسلوب معيشتهم الذي لا يخلو من العلاج بحليب الإبل وأبوالها والتي استمدوا من الهدي النبوي المصحوب مع الفتوحات الإسلامية لهذه البلاد. ويعتبر لبن الإبل الغذاء الرئيسي للبدو في الصحراء ويعتبرونه أفضل الألبان قاطبة ويفضلونه طازجاً في معظم الحالات ، ولبن الإبل يتدرج في فوائده وفي مكوناته فالوارثة لها دور في ذلك ومرحلة الإدرار وعمر الناقة ونوع الطعام الذي تتغذى عليه وكذلك كمية الماء المتوافر للشرب. والعرب قد استفادوا من لبن الإبل في علاج كثير من إمراضهم كالجدري والجروح وأمراض الأسنان وأمراض الجهاز الهضمي ومقاومة السموم. ويقول البدو أن لبن الإبل يدخل ولا يدخل عليه أي انه يكفي عن غيره من الأغذية التي لا حاجة لها بعد تناولهم اللبن ومن أمثال البدو في ألبان الإبل قولهم ( قرطوع يطرد الظمأ والجوع ) كما يقولون أيضا عن اللبن ( المشبع المروي المقيت) أي يغني عن الماء فيرويهم وعن القوت فيشبعهم وعندما يقدمون اللبن يقولون (عطه در واكفه الشر).

صحيفة السوداني
أماني قندول