جرائم وحوادث

جرائم التزوير من مهددات القطاع المصرفي


إنتشرت في الأونة الأخيرة ظاهرة التزوير في القطاع المصرفي وهي من أخطر الجرائم على القطاع المصرفي وتكمن خطورتها في تسببها لخسائر مادية جسيمة وتأثيرها على استقرار المعاملات المصرفية. وتخصصت عصابات محترفة في هذا الأمر وتقوم بارتكاب اصناف متعددة من التزوير من بينها تزوير شهادات البحث واستخراج مستندات الأراضي والعقارات ورهنها للمصارف وهي لاوجود لها على أرض الواقع ونجحت تلك العصابة في الحصول على مبالغ مالية ضخمة من القطاع المصرفي باستخدامها لوسائل التزوير والاحتيال المتعددة والتى اجادتها بتفكير اجرامي دقيق وتدبير شيطاني محكم… وقد راجت تلك الأساليب في فترة من الفترات ولكن بحمد الله تلاشت تلك الظاهرة بالقبض على افراد العصابة. وتناول المستشار القانوني ببنك فيصل الإسلامي الاستاذ بابكر عبد الرحيم جريمة التزوير في تقرير له مبينا ً ان المشرع السوداني افرد المادتين 122 و 123 من القانون الجنائي لعام 1991م لجريمة التزوير، وقد جعل القانون عقوبة الموظف العام أشد من عقوبة الشخص العادي لحساسية الوظيفة العامة مع العلم بأن الموظف في القطاع المصرفي يعد موظفاً لما نص عليه قانون تنظيم العمل المصرفي… ونص القانون (من يرتكب جريمة التزوير في المستندات يعاقب بالسجن مدة لاتجاوز خمس سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة فاذا وقع ذلك من موظف عام في سياق وظيفته يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز سبع سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة). وظهرت عصابة أخرى تخصصت في صرف التحاويل المصرفية عن طريق التزوير والاحتيال حيث تقوم بتقليد التوقيعات بصورة دقيقة بحيث لايستطيع موظف البنك في الغالب التمييز بين التوقيع المصطنع وتوقيع العميل الحقيقي. وقد تخصصت هذه العصابات بصرف تحاويل صادرة للبنوك من فروعها المختلفة فتقوم هذه العصابة بصرف التحاويل عن طريق احد أفرادها بدلاً عن صاحبه الحقيقي ويقوم افرادها بالتواجد في البنوك المختلفة دون أن يشعر بهم أحد حيث يترقب هؤلاء التحاويل المصرفية ويلتقطون اسم المحول والمحول له والمبلغ المالي المحول فيقوموا باصطناع بطاقة شخصية مزورة عليها اسم الشخص المحول إليه المبلغ المالي ومن ثم يقوم احد أفرادهم بصرف المبلغ المالي المحول مستغلاً وقت الذروة حيث يكون الموظفون منهمكين في العمل بسبب الضغط الجماهيري الكثيف وحينما ياتى بعد ذلك صاحب التحويل الحقيقى لصرف المبلغ المحول يجد أن هنالك من سبقه وقام بصرف المبلغ وهو يحمل نفس الاسم… وقد بذلت نيابة ومباحث مخالفات الجهاز المصرفي مجهودات كثيفة للقبض على أفراد هذه العصابة وذلك بعد تحرير عشرات البلاغات من المصارف والأفراد، ومازال اخرون بعيدون عن قبضة الشرطة يواصلون نشاطهم الإجرامي دون توقف وبعض من تم القيض عليهم قد حكم عليهم بالسجن وبعضهم يمارس ويمتهن التزوير وهو داخل السجن وبعضهم وبعد أن قضى فترة العقوبة عاد لممارسة نشاطه مرة أخرى. وبعد انتشار هذه الظاهرة الخطيرة على نحو مخيف اصدر بنك السودان المركزي جملة من الضوابط لكبح جماح هذه الظاهرة الخطيرة حيث وجه المصارف بعدم التعامل في التحاويل إلا بالبطاقة الشخصية الممغنطة مع تصويرها والاحتفاظ بصورة منها… وهنا يأتي دور موظف البنك حيث يقع عليه العبء الأكبر في التصدي لهذا الأمر ذلك أنه يتعين عليه ان يتأكد من الشخص الموجود أمامه لصرف التحويل حيث يجب عليه أن يتحقق من شخصيته ويتأكد تماما من مطابقة التوقيعات ويتأني في صرف المبلغ المالي الوارد عن طريق التحويل، وان امكن يتصل بصاحب التحويل حتي يستوثق تماما من الأمر. وقد استغل هؤلاء المجرمون التطور التقني في ارتكاب جرائمهم عن طريق استخدام الكمبيوتر في تزوير المستندات والبطاقات الشخصية وغيرها من الأوراق الثبوتيه، وأيضاَ استغلوا نظام التحويل الفوري v.b.s في ارتكاب العديد من الجرائم. ان محاصرة عصابات التزوير والقضاء عليها يتطلب مجهودات كثيفة من قبل الجهات العدلية ممثلة في نيابة مخالفات الجهاز المصرفي والشرطة ممثلة في مباحث مخالفات الجهاز المصرفي وفي اصدار الاحكام الرادعة من قبل المحاكم المختصة.

سونا