ذكريات مع.. النميري
*وأخونا في الله.. وفي الصحافة.. وفي الإبداع..
*إسحق أحمد فضل الله وقبل ثلاثة أيام..
*نطالع له في عموده (آخر الليل) بالغراء (الانتباهة)..
*ونزعم أنه يكتبه وهو يستمع إلى الفنان شرحبيل وهو يردد: (الليل الهادي يذكرني)..
*وإسحق يروي تلك الرواية عن الخرطوم التي تحكي قصة المذيع السوداني..
*الذي يقدم حفلاً أيام النميري.. ويرحب بـ(الفريق) النميري..
*والنميري يومها كان يحمل رتبة (مشير)..
*والنميري الرئيس يعبر.. ويجذب المذيع من أذنه ويهمس له:
*(رتبة المشير دي ما عاجباك.؟!)..
*وبعدها يندفع الجميع نحو المذيع ويسألونه عما أسر به النميري إليه..
* فيقول المذيع لهم: (قال لي.. تمر بالبيت أمس وما تدخل للغدا.؟!!)..
*وحكاية (آخر الليل) تلك.. تذكرنا بذاك الليل الهادئ وأمسية شتوية في ديسمبر من العام 1980.
*والرئيس النميري على خشبة المسرح يوزع أنواط الجدارة والميداليات الذهبية..
*على ثلة من مبدعي بلادي في ختام ذاك المهرجان الثقافي..
*وكان شخصي الضعيف من بينهم ..
*وأمام (الريس) وقفت.. وكانت موضة الشباب وقتها..
*”الفنايل الداخلية” (الشبك) والقمصان (السكروته) الشفافة التي تظهر ما خلفها..
*وكان هو (الزي) الذي حضرت به المناسبة الفخيمة.. بالرغم من البرد القارس..
*وحينما أمسك (الريس) بطرف أعلى من قميصي ليعلق عليه نوط الجدارة والميدالية..
*همس في أذني: (هسع القميص الرهيف دا.. بشيل الميدالية دي ولا تقوم تقع لينا من طولك على المسرح.؟!)..
*فخرجت مني نصف ضحكة إنه الريس وأردفت قائلاً:
*(القميص جديد يا ريس وإن شاء الله يتحمل الميدالية)..
*ووزير الثقافة آنذاك الدكتور إسماعيل الحاج موسى يتابع مشهد ذاك الهمس.. وعند التهنئة سألني عما قاله لي النميري..
*فـأطلقت النصف الآخر من الضحكة.. وفي صف المبدعين المكرمين جلست..
*والسؤال يتواصل منهم: (ماذا قال لك الريس؟)..
*بالطبع لم أكن أملك تلك القدرة والبراعة في (التدليس) مثلما فعل ذاك المذيع في إجابته: (قال لي تمر بالبيت أمس.. وما تدخل للغدا.!؟)..
*وهل كنت أمتلك غير أن أقول لهم حكاية القميص الرهيف والميدالية الثقيلة.؟!
*نعم لم أكن أملك تلك الشجاعة في الكذب والتحمل.. وكان يمكنني أن أجيب عليهم:
*(الريس قال مبسوط مني وعازمني بكره غدا في بيته.!!)
* ألا رحم الله أب عاج (النميري) وأطال الله عمر كاتبنا إسحق أحمد فضل الله..
*و.. لم تتبق لنا في هذا العمر سوى (ذكريات) الليالي الهادئة.
[/JUSTIFY] صورة وسهم – صحيفة اليوم التالي