الموت يغيب وزير الثقافة والإعلام السعودي الأسبق محمد عبده يماني
توفي مساء الإثنين الدكتور محمد عبده يماني، وزير الثقافة والإعلام السعودي الأسبق، وسيشيع جثمانه ويصلى عليه بعد ظهر الثلاثاء في المسجد الحرام ويدفن في مقابر المعلاة بمكة المكرمة.
وكان الدكتور يماني قد أصيب بجلطة خلال حضوره مجلس أمير منطقة مكة مساء الأحد نقل على إثرها إلى المستشفى.
والدكتور يماني من مواليد مكة المكرمة في العام 1359 هجرية الموافق 1940 ميلادية، ونال الدكتوراة في الجيولوجيا من إحدى الجامعات الأمريكية، وعمل محاضراً بعدد من الجامعات السعودية ثم مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز ووزيراً للإعلام خلال الفترة من 1395 إلى 1403هـ، وله 35 مؤلفاً، بعضها باللغة الإنجليزية، تناول من خلالها مواضيع علمية ودينية وثقافية مختلفة.
مسيرة حافلة
وبعد تركه وزارة الإعلام شغل الراحل رئاسة العديد من مجالس إدارة مؤسسات وشركات تعنى بمجالات الثقافة والنشر والصحة والعلوم والتعليم والتنمية والاستثمار، بعضها محلية وأكثرها عربية وعالمية. كما كان عضو في مجالس إدارات عشر مؤسسات عربية وبنكية وأدبية وخيرية.
وحصل الراحل على العديد من الجوائز والأوسمة منها:
وشاح الملك عبدالعزيز.
الميدالية التقديرية من حكومة أبوظبي.
الميدالية التقديرية من حكومة قطر.
براءة وسام الكوكب الأدرني من الدرحة الأولى.
براءة وسام الاستحقاق الوطني درجة ضابط أكبر، من رئيس جمهورية فرنسا.
وسام إيزابيل لاكوتولييكا الكبير مع براءته من جلالة ملك إسبانيا.
وسام (مهابوترا أوبيروانا) مع براءته من جمهورية إندونيسيا.
وسام برتبة قائد (كوماندوز) من جمهورية موريتانيا.
مؤسس الإعلام السعودي الحديث
الدكتور يماني يوصف بمؤسس الإعلام السعودي الحديث
الدكتور يماني يوصف بمؤسس الإعلام السعودي الحديث
وتحدث عدد من الإعلاميين السعوديين لـ”العربية.نت” عن مآثر الراحل، حيث أكد رئيس تحرير جريدة “شمس” خالد دراج على أن الراحل كان علامة فارقة في الإعلام السعودي.
وقال “عندما أتحدث عن الدكتور محمد عبده يماني كإعلامي فهو من وضع الإعلام السعودي في مفترق طرق كمؤسس للإعلام الحديث في السعودية، وهو شخصية إعلامية لها مواقف مهمة في صناعة تاريخ الصحافة السعودية الحديثة سواء في دعم رؤساء التحرير أو على مستوى إعادة تنظيم لوائح المؤسسات الإعلامية السعودية”.
ويتابع متحدثاً عن محمد عبده يماني الإنسان: “كان الدكتور رحمه الله من الشخصيات الإجتماعية التي أثرت العمل الخيري بعد تقاعده من العمل الحكومي وله العديد من المؤسسات الخيرية والأعمال التي يشهد بها كل قريب منه، الكثيرون يعرفون أياديه البيضاء على الكثير من الجمعيات الخيريه وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وكانت آخر كلماته هي الدعوة لتماسك جمعيات تحفيظ القرآن في مكة المكرمة”.
ويتابع دراج: “يعتبر الدكتور رحمه الله من الشخصيات النادرة التي تحولت بعد التقاعد لعمل أقل، فبعد تركه الوزاره عاد إلي جامعة الملك عبدالعزيز في جدة ليعمل أستاذاً للجيولوجيا فيها، وكان أول من يحاضر بعد تركه الوزارة، وأمام كل هذه المواقف نعزي الوطن في أحد رجاله الأوفياء”.
أفق واسع.. وإنسانية عالية
سليمان العقيلي
سليمان العقيلي
من جهته، يؤكد نائب رئيس نادي الاتفاق وعميد المدربين السعودين خليل الزياني أن الدكتور محمد عبده يماني كان أحد أهم الشخصيات التي دعمت الرياضة السعودية. وقال لـ”العربية.نت”: “خبر وفاة الدكتور محزن للرياضة السعودية بكل المقاييس، فهو من الذي دعموا الرياضة السعودية كرئيس لأعضاء شرف نادي الوحدة، يلمس أبناء مكة بوضوح ما قدمه الدكتور للنادي من دعم مادي ومعنوي كبيرين”.
ويتابع: “ظل الدكتور يعمل حتى بعد تقاعده من الوزراة، وهو مربٍ فاضل لا يمكن أن ينكر أحد أنه من أعمدة هذا الوطن التي خسرناها”.
يتذكر رئيس تحرير جريدة الوطن السابق سليمان العقيلي، الكثير من المواقف التي جمعته مع الدكتور الراحل محمد عبده يماني ويقول في حديثة لـ”العربية.نت”: “كان (رحمه الله) فقيداً للثقافة والإعلام السعودي قاطبة، دخلت المجال الإعلامي خلال عهده كوزير للإعلام وكان يتسم بروح الإنسانية المثقفة إضافة إلي إدارته الإعلامية الناجحة”.
ويتابع: “أذكر موقف مهم له عند وفاة الملك خالد رحمه الله في عام 1982، كان الصحفيون والمراسلون متواجدين في المطار في استقبال الوفود المعزية، وكان هو شخصياً حريص على تأمين الوجبات للصحفين ويشرف على ذلك بنفسه، حرصاً منه على دورهم المهم في وقت كانت الوفود السياسية تصل على مدار الساعة، وكنت أنا أقف وأنظر إليه وهو يؤمن كل احتياجات الإعلاميين دون أن يترك هذا الأمر للعاملين معه”.
ويشدد العقيلي على أن للراحل الكثير من المواقف التي لا تنسى ويقول: “له كثير من المواقف الإنسانية فهو يتمتع بحس إنساني رهيب وحس إعلامي وثقافي كبيرين”.
ويتابع: “في إحدى المرات كنت أعمل مراسلاً لوكالة الأنباء السعودية وكنت أقوم بتغطية محاضرة له، وبعد نهايتها سألته هل أكتب المواقف التي تحدثت عنها، فأبدى موافقته الفورية دون تحفظ ولم يثقل على كاهلي بالتوجيهات أو القيود حول طريقه نشر ما قال، وترك لي الثقة وحرية قول ما أشاء مع أنني كنت في بداية عملي الإعلامي في بداية الثمانينات الميلادية”.
ويضيف: “لم أعمل إلي جانبه ولكني أعرف أنه إنسان متفتح الذهب وسلس في إدارته، وله الكثير من المواقف الإنسانية يكشف فيها عن أفقه الواسع الذي كان الإعلام السعودي بحاجة له في ذلك الوقت”.
قصة المقال الأخير
خالد المالك
خالد المالك
من جهته، يشدد رئيس تحرير جريدة الجزيرة خالد المالك على أن السعودية خسرت واحداً من أهم رموزها الثقافية والاجتماعية، ويقول في حديثة لـ”العربية.نت”: “من خلال عملي معه عندما كنت رئيساً لتحرير الجزيرة وكان فقيدنا الغالي محمد عبده يماني وزيراً للإعلام، كان يتمتع بالنبل والخلق والتواضع ومساعداً للصحفيين والصحافة السعودية على تجاوز كل ما تعرضت له من أزمات. وكان ذو عقلية مثقفة للغاية وكان يعرف جيداً أهمية التعاون بين وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية”.
ويتابع: “كل من التصق بالدكتور رحمه الله وتعامل معه كان دائماً ما يجد فيه البشاشة والروح العالية التي تطغى على حديثة في مختلف المجالات”.
ويشدد المالك على أن السعودية خسرت واحداً من رموزها المثقفة ويقول: “فقدنا رمزاً ثقافياً مهماً، فهو كان أستاذاً في جامعة الملك سعود قبل أن يتحول إلي وزير للمعارف ومن ثم مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز في جدة قبل أن يكون وزيراً للثقافة والإعلام، فهو وجه إعلامي بارز حتى بعد أن ترك العمل في الدولة كوزير للإعلام وتفرغ للأمور الإجتماعية ومساعدة الناس والمحتاجين من خلال تقديمه الشفاعة لكل من يطلب مساعدته”.
ويتابع: “كان الدكتور صاحب قلم رشيق وفكر نير ومؤلفات كثيرة وحضور اجتماعي دائم ونحن بعد أن فقدنا قبل أشهر الدكتور غازي القصيبي ها نحن نخسر رمزاً ثقافياً آخر ولكن هذه هي سنة الحياة”.
ويحكي المالك قصة الاتصال الذي دار بينه وبين الفقيد في اليوم الذي ترك فيه وزارة الإعلام، ويقول: “أذكر أنه اتصل بي في ظهر اليوم الذي صدر فيه قرار إعفائه من منصبة كوزير للإعلام وأبلغني بالخبر وأنه صدر الأمر الملكي بإعفائه من الوزارة وودعني بصوت كان يحمل الكثير من التعثر، وودعنا بالكثير من الذكريات التي مرت علينا خلال عمله في الوزارة، ونذكر أنه من بين الأعمال التي قام بها أنه كان صاحب فكرة الإعلان عن قرارات مجلس الوزراء للناس، ففي السابق وقبل أن يتولى الوزارة لم تكن قرارات مجلس الوزراء يصرح بها أو تنشر”.
ويتابع: “من المصادفه أنه قبل يوم من وفاة الراحل محمد عبده يماني أرسل لي مقالاً لنشره في الصحيفه، أرسله صباح أمس وتعرض للأزمة القلبية في نفس اليوم من المساء وتوفي في اليوم التالي، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة”.
روايات مؤثرة
أشرف إحسان فقيه
أشرف إحسان فقيه
من جهته، أشار القاص والكاتب الصحفي أشرف إحسان فقيه إلى أن وفاة الراحل هي طي صفحة من مرحلة. وقال لـ “العربية.نت”: “بالنسبة لجيلي فإن أثر يماني الوزير لم يكن حاضراً بقدر أثر يماني الكاتب والمثقف والمؤرخ والمربي. روايتاه الأثيرتان لدي: “اليد السفلى” و”مشرد بلا خطيئة”. الأولى من بواكير الأعمال الأدبية التي رصدت تساؤلات الحداثة والعدالة الاجتماعية بالمملكة النامية. والثانية تقدم رؤية إنسانية لحقائق الصراع العربي الإسرائيلي في فترة سبقتنا ولم نعرفها”.
ويضيف فقيه: “من المدهش أن المؤلف كان له مؤلف هام ورصين حول ظاهرة الأطباق الطائرة، كان من أهم ما نمى اهتمامي نحو أدب الخيال العلمي. وأخيراً هناك كتاباته الباهرة في أدب السيرة وتراث الحجاز والحرمين التي يصعب أن يحل محله أحد فيها. رحمة الله عليه”.
كان مهتماً بالقضايا الاجتماعية
الدكتور فهد العقران
الدكتور فهد العقران
وفي اتصال مع “العربية.نت” عبر رئيس تحرير جريدة المدينة الدكتور فهد العقران بحزن عن أن وفاة الدكتور محمد عبده يماني هي فقد للوطن بشكل عام، وللساحتين الإعلامية والثقافية بشكل خاص. وقال: “كان الراحل شخصية بارزة، وهو غني عن أن نذكر محاسنه، لأن محاسنة لا تحصى، سواء على المستوى الإعلامي أو الثقافي، أو على المستوى الاجتماعي والعمل التطوعي والخيري”.
ويضيف العقران: “لقد فقدنا شخصية من أهم الشخصيات في المملكة العربية السعودية، فقد قدم الدكتو يماني للوطن الكثير والكثير من الإنجازات، ويصعب علينا في هذه اللحظات أن نعبر عن مشاعرنا وأن نتحدث عن كل مآثره، وكل ما نطلبه الآن أن يدخله الله فسيح جناته”.
وعن مقالاته في صحيفة المدينة، والتي كان ينشرها الفقيد بين فترة وأخرى يقول العقران: “كان رحمه الله مهتماً بالشأن المحلي والاجتماعي، وكان حريصاً على متابعة كل ما يدور في الساحة الاجتماعية، وأن يبدي حولها بعض الآراء والأفكار عبر مقالات ينشرها في جميع الصحف”.
ويشير العقران إلى أن للفقيد مقالاً نشرته “المدينة” قبل عدة أسابيع، وكان من المفترض أن يتسلم جائزة عنه بعد موسم الحج كأفضل مقال عن الحج، ويعلق: “لكن الله تعالى لم يكتب له أن يتسلمها”.
العربية نت