عالمية

القذافي وقصة “فخ صدام” ضد الثوار

ما أن أعلن الجيش الأمريكي عن نشر قوات جوية وبحرية في محيط ليبيا ، إلا وحذر كثيرون من أن تلك الخطوة تشكل فرصة ذهبية للقذافي لإجهاض الثورة مبكرا بل وتأليب كافة القبائل ضدها أيضا .
ولعل التقارير حول صعوبة فرض منطقة حظر جوي وأن أمريكا قد تضطر لتوجيه ضربة عسكرية أولا للدفاعات الجوية لنظام القذافي تضاعف من المخاوف في هذا الصدد .
فقد كشف ضباط أمريكيون في مطلع مارس أنه رغم التهديد المتكرر من البيت الأبيض وزعماء الاتحاد الأوروبي بإقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا فإن مثل هذه العملية المعقدة يمكن أن تتطلب مئات الطائرات وحملة قصف مركزة لتحييد نظام الدفاع الجوي الليبي.
ونقلت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية عن الجنرال الجوي المتقاعد مايكل دن نائب المدير السابق للخطط الإستراتيجية والسياسة العامة لهيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” قوله :” إن كل شيء ممكن عمله، لكن حقيقة الأمر البسيطة هي أنه ليس هينا”.
وتابع أن تنفيذ دوريات فوق المجال الجوي الليبي على مدار الساعة سيتطلب من أمريكا وحلفائها مئات الطائرات بما في ذلك المقاتلات وطائرات إعادة التزود بالوقود .
وأضاف الجنرال الأمريكي أنه إذا تم تطبيق منطقة حظر طيران فإن أكبر مخاوف المخططين الأمريكيين هي بطاريات صواريخ أرض/جو الليبية على طول ساحلها وخاصة ما يعرف بصواريخ “اس اي 6 ” التي ما زالت رغم تصميمها منذ سنوات طويلة من قبل الاتحاد السوفيتي السابق قادرة على إسقاط المقاتلات الأمركية والأوروبية.
واستطرد ” لتقليل زمن الطيران إلى ليبيا، سيكون من الحيوي أن تكون هناك وسيلة وصول إلى القواعد الجوية في جنوب إيطاليا، بما في ذلك تجهيز كبير في نابولي، وقد تسعى أمريكا إلى استئذان اليونان أو مصر أو تونس أيضا “.
ورغم أنه لم تعرف بعد ردود أفعال الدول السابقة على مثل هذا الأمر ، إلا أن ما يجمع عليه كثيرون أن الخيار العسكري هو أمر غير مرغوب أو مرحب به من الأساس بل إن هناك وجهات نظر في الغرب ترفض تلك الخطوة تماما وتربط تنفيذها فقط بإقدام القذافي على شن هجمات جوية واسعة النطاق ضد شعبه أو استخدام أسلحة كيميائية ، ولعل هذا ما عبر عنه بوضوح رئيس معلقي قسم السياسة الخارجية في “صحيفة الفايننشال تايمز” البريطانية جدعون راتشمان عندما أكد في مقال له في مطلع مارس أنه من الأفضل أن يعتمد الشعب الليبي على نفسه في تحرير بلاده من قبضة القذافي.
وعلل راتشمان وجهة نظره بأن دروس التاريخ القريب تثبت أن الاعتماد على التدخل الخارجي لتحقيق مطلب شعبي داخلي دائما ما يفقد ذلك المطلب شرعيته لينتهي إلى مزيد من الفوضى وسفك الدماء.
وضرب الكاتب مثلا على ذلك بحرب العراق حيث أكد أنه على الرغم من أن صدام حسين لم يكن له الكثير من الموالين خارج إطار عشيرته فإن تغييره بواسطة قوات عسكرية أجنبية لم تمتلك التفويض الأممي أفقد “العراق الجديد” شرعيته وما زال حكام العراق الجدد يعانون من عدم الاعتراف الكامل بأهليتهم للحكم، ناهيك عن سفك الدماء والفوضى التي ما زالت الولايات المتحدة متهمة بارتكابهما أو بالتسبب فيهما.
وقائع على الأرض
ويبدو أن وجهة نظر راتشمان لا تنبع من فراغ ، فما أن ترددت أنباء حول احتمال التدخل العسكري إلا ونفى وزير العدل الليبي المستقيل مصطفى عبد الجليل في 28 فبراير صحة ما أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حول إجراء اتصالات مع معارضي القذافي في المناطق الشرقية ، مشددا في تصريحات لقناة “العربية” على أن الليبيين يرفضون أي تدخل عسكري أجنبي في بلادهم .
أيضا ، فإن التطورات على الأرض تؤكد أن الثوار يسيطرون يوما بعد يوم على مناطق جديدة داخل ليبيا وخاصة في معقل القذافي في الغرب ، وهو الأمر الذي يرجح أن الأمر بات قوسين أو أدنى لإعلان نجاح الثورة في التخلص من نظام القذافي .
بل وهناك من رجح أن تكون مظاهرات يوم الجمعة الموافق 4 مارس في طرابلس هي بداية النهاية لنظام القذافي خاصة في حال شارك فيها حشود كبيرة جدا ونجح الثوار في التدفق على طرابلس من الشرق والغرب .
ورغم أن القذافي سخر في مقابلة مع شبكة “ايه بي سي” الأمريكية في 28 فبراير من سؤال حول احتمال مغادرته ليبيا ، إلا أنه ترددت تقارير صحفية في مطلع مارس حول أن سيف الإسلام بدأ اتصالات مع الغرب لتأمين خروج آمن لوالده وعائلته وهو ما انعكس سريعا في إعلان البيت الأبيض في 28 فبراير أن المنفى قد يكون أحد الخيارات المتاحة أمام القذافي .
وبصفة عامة ، فإن العرب لهم خبرة سيئة جدا مع واشنطن فيما يتعلق بتحركها لدعم الشعوب ليس فقط لتغطيتها على مجازر إسرائيل وإنما لأنها كانت فرضت أيضا منطقة حظر جوي في شمال وجنوب
العراق في التسعينيات وسرعان ما تطور الأمر لاحتلال بشع أعاد بلاد الرافدين لعقود للوراء ولعل المظاهرات التي خرجت في الأيام الأخيرة في عدد من المدن العراقية هي أصدق مثال على حقيقة المزاعم الأمريكية حول نشر الديمقراطية والرخاء عن طريق القوة العسكرية.
وأمام ما سبق ، فقد طرح البعض عدة خطوات لإثبات صدق نوايا واشنطن تجاه الشعب الليبي وعدم اصطيادها في المياه العكرة كالمعتاد وهي التركيز على تقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة النازحين والتشويش على الرادارات لمنع وصول الأوامر من القذافي لقيادات قواته الأمنية ، بالإضافة إلى محاولة تعطيل الاتصالات لمنع الزعيم الليبي من إذاعة أي تصريحات دعائية .
والخلاصة أن شعب عمر المختار الذي قهر الاستعمار الإيطالي وقدم نماذج تاريخية في التضحية من أجل الوطن هو الوحيد القادر على التخلص من نظام القذافي الليبي.

محيط

تعليق واحد

  1. أي تدخل خارجي أكان غربي أو من الشيطان سيجهض ثورة المضطهدين لأربعة عقود ، والشعب الليبي قادر على فرض التنحي على القذافي وسيكون ذلك طال الزمن أو قل.
    وصار واضحاً الان للشعوب العربية بأن حكامها هم الذي يسلبون الحياة منهم ويكنزون المال لأنفسهم ويعيشون حياة مخملية باذخة فكلهم لصوص على رؤس الأشهاد يجب إزالتهم ومحاكمتهم على أي مليم سرقوه.