وجدي الكردي

جهاز الكشف عن كلب


[ALIGN=CENTER]جهاز الكشف عن كلب[/ALIGN] يؤسفني أن أعود بعد غياب يتبعني (كلب)، يعيش أهله ورفاقه هواناً هذه الأيام في السودان على مشارف العكاكيز والسواطير والعصي وبنادق الجند وعسس الحكومة (الرايحة ليها الدرب)، وإفتراءات خلق الله من المذعورين في اللا شيء و(الما عندهم موضوع).
لقد حار العالمين في تفسير المحنة التي تعيشها كلابنا هذه الأيام من حفدة (كلب عبد الجليل)، أتذكرونه؟!
هو أول كلب راح ضحية للتهور وسوء الظن، حسبما لقنتنا مناهج الدراسة أيام السودان القديم، وها نحن نعتذر لسلالة (كلب عبد الجليل) الوفي بالتقتيل والتشريد و(شيل الحال)، حتى لم يبق بين ظهرانينا كلب مطمئن يهش بذيله على أعتاب البيوت، بعدما (قطعنا قلبو) وصار يلهث الثرى من العطش وبطش الصبية وعكاكيز عطالى الحلة وصراخ عذارى الحي.
لقد إتخذت المؤامرات ضد الكلاب في تراثنا مناهج شتى، منها ما إرتكبه الخليفة المتوكل العباسي حين أنشده الشاعر (علي بن الجهم) شعراً رصيناً يمدحه به كان عماده الكلب حين قال: (أنت كالكلب في الوفاء وكالتيس في قراع الخطوب)، ولأن الخليفة كان عضواً سرياً في جمعية مكافحة الكلب، مارس على الشاعر تغريباً ومسحاً لذاكرته البدوية البريئة بعد أن أسكنه قريباً من جسر (منشية الزمن داك)، وملأ عليه دنياه بالحسان والقيان والغلمان والخمر وحفلات الــ (دي جي) حتى تنكر الشاعر لبيئته حين قال نكاية في الكلب والتيس: (عيون المها بين الرصافة والجسر)..!
من يومها والكلاب في محنة وتشريد، حتى جاء (عبد الجليل) بعكازه ليهشم بها رأس كلبه الوفي قبل أن يتبين براءته من التعرض لطفله الذي كاد أن يفتك به ثعبان لئيم لولا كلبه الوفي الذي راح مبكياً على شبابه (الهوْ)..!
وربما أتحف عبد الجليل يومها صحف تلك الأيام بتصريح قال فيه بأن كلباً متوحشاً كاد يفتك بطفله لولا أن عاجله بعكازه، متناسياً (عشرة الأيام).
حكي له الصديق محمد عبد القادر أن شقيقه صلاح بكى حين فقد كلبه الوفي وإسمه (كلاش) الذي راح ضحية للإشاعات و(سمعة الكلاب الكعبة) التي إجتاحت البلاد هذه الأيام، وبسخرية عميقة عددّ لي الصحفي محمد عبدالقادر مزايا كلب شقيقه صلاح بأنه كان لصيقاً بأهله وفياً وأميناً و(يوصّل الضيوف لغاية آخر محظة ويقرّب يدفع ليهم حق المواصلات)..!
منذ متى صارت كلابنا ضالة وما عندها أهل، وكأنما كانت حكومتنا الميمونة (خصصت ليهم قبل كدة بيوت في الإسكان الشعبي)، وباعتها لفقرها.
وأية حكمة تجعل مسؤولاً يزعم بأن (كلاب اليومين ديل) جاءت من صحراء نهر النيل هاربة من ضجيج الباحثين عن الذهب هناك عبر أجهزة الكشف عن المعادن، فهل سنضطر نحن أيضاً لإستيراد أجهزة شبيهة مهمتها التنقيب عن الكلاب (الما كويسة) في الشوارع قبل إبادتها، كأن نقول للكلب بعد أن نطلب منه فتح فمه: (قول هاو)، على طريقة قول (أح) التي يطلبها العسكر للسكران؟!

آخر الحكي – صحيفة حكايات
wagddi@hotmail.com


تعليق واحد

  1. يقولون أن الكلآب اياها تناسلت مع كلآبنا البريئة يعني هي كلآب حاملة للجينات المتوحشة وستظهر عليها أعراض التوحش ولو بعد حين.. يعني بعد شوية ماحتلقي ليك كلب حايم بعد أن نطالب وبشدة بابادتهم . ثم تعال جاي النسألك الكلآب ولا البشر ؟؟

  2. ويوصل الضيوف لغايه اخر محطه ويقرب يدفع ليهم حق المواصلات . ياسلام يامبدع والله ضحكتنى شديد