اللوحة الزاهية
الأصابع توصف بالذهبية لأنها ماهرة جداً في تحريكها عبر الرسم ومزج الألوان مع بعضها وإخراج أجمل اللوحات.إن الحديث يصدر عن المرئي من الأعضاء وليس عن المحسوس غير الظاهر لعيوننا، فالأصابع تنسب لها الفضل دون الإشارة إلى وجود عضو آخر في مكان آخر معلوم لنا داخل الجسد يسمى بـ(المخ) او الدماغ..ونخلص في النهاية إلى عقل الإنسان.. المهم ما علينا.
أعمل هذا خياله الخصب وأختار الألوان المناسبة لتشكيل لوحته بالشكل الذي يريد،كانت الألوان جميلة واما الشكل الذي رسمه في خياله فهو أجمل كثيراً، ليس من الذين يقال أنه يجهل إستخدام خلط الألوان مع بعضها فهو بارع جداً في هذا المجال.
جاء باللوحة التي أختار مادتها بعناية خاصة مساحتها الكبيرة،كانت مستطيلة الشكل.سطحها أملس بيضاء.جلس أمام مرسمه والجو يبدو مقبولاً عنده فهو لم يتململ أو يتحرك متضجراً من الطقس، بل كان سعيداً ومرحاً يبديهما غناؤه وهزة راسه بين حين وآخر طرباً بنغمات صوته ووقوفه للرقص على أنغام ما يتغنى به من مقاطع موسيقية يستخدم فيها براعته في التصفير مرة وتارة تقليد صوت الآلات الأخرى…….
تحركت الفرش بين اصابعه تفعل ما يريده الرسام فهذا اللون يوضع هنا وذاك في الموضع التالي وهذا يمزج مع هذا لينتج لوناً آخر وليس مهماً له توفر كل الألوان لتشكيل لوحته فيكفي أنه خبير في خلط الألوان مع بعضها…..
…هذا الأصفر عند خلطه مع الأزرق يعطيان اللون الأخضر… والأزرق مع الأحمر يعطيان البنفسجي..بينما الأصفر مع الأحمر ينتجان لنا البرتقالي وهكذا ميلان كفة لون واحد على نظيره الآخر يتوقف على نسبته عند خلطه مع اللون الآخر.
لم تكن قطعة قماشية تلك التي يرسم عليها في ذلك اليوم، إنما لوحة بروازها خشبي في الأطراف المحيطة وأما المساحة الحقيقية المخصصة للصورة المرسومة فمكونة من مادة قالت صاحبتها التي طلبت من الفنان إجراء اللازم نحوها بأنها مادة قوية تقاوم الحرارة حتى لو تعرضت للنار العادية الناتجة عن إحتراق مواد مثل الأخشاب.
الأمثال صارت تضرب بروعة اللوحة ولم تنقطع الإشادات بها،هذا كان سبباً كافياً لصاحبتها في الإحتفاظ بزهوها وتفاخرها بما عندها من مقتنيات غالية الثمن وثمينة جداً ومحط الأنظار.
في أحد الأيام صبت الأمطار بغزارة وامتلأت المجاري بالمياه والأرض صارت رطبة جداً.تكسرت بعض الجدران وتهاوت الكثير من المنازل المحيطة ولم تسلم من ذلك بعض أجزاء منزل مالكة اللوحة فكان عليها تحريك اللوحة الثمينة من مكانها إلى مخزن مخصص للأشياء الثمينة حتى لا تتعرض للسرقة فاللصوص دائماً ما ينتظرون مثل هذه الكوارث لتكون فرصة لا تعوض بالنسبة لهم.كان المخزن مغلقاً جيداً لكن تسرب جزء من الماء إلى الداخل، وفي الداخل تفاعلت بعض المواد الموجودة مع الرطوبة والمياه وبعض الأشياء التي أدخلت في وقت الإستعجال عندما تكسرت الأعمدة.
لم يعرف هذا الحدث إلا عندما فتح المخزن ليجدوا اللوحة وقد فقدت بريقها وروعتها بل لم تكن هناك لوحة اصلاً فقد تفاعلت مادتها مع التفاعلات الكيميائية وافسدت الرسم. عندها فقط إكتشف الناس بأن مادة اللوحة لم تكن مناسبة ابداً رغم الألوان الزاهية ومتانة اللوحة.
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 984- 2008-08-10
الكلمات الرنانة مرات بضيع جميل المعاني والشاي البزيد سكرو بضيع طعمو وكيفو:confused: