تحقيقات وتقارير
عُشر ورفاقه … مصير ينتظر التسوية
ورأى القاضي مدثرالرشيد، أن اسباب القرار تتلخص في الوقائع الجوهرية التي تشيرالى أن المتهمين قاموا بتشكيل تنظيم ارهابي اطلقوا عليه «حركة العدل والمساواة » واجمعوا امرهم على اقتحام العاصمة والاستيلاء عليها بعد ان اعدوا العتاد وتجمعوا في منطقة «جبل عيسى » وتقسموا الى عدة فرق وربطوا على ظهور السيارات مدافع بعيدة المدى ثم بدأوا الزحف عبر الصحراء حتى وصلت أم درمان ظهرالسبت العاشر من مايوالماضي.
وامرت المحكمة بتوقيع حكم الاعدام شنقا حتى الموت حدا على المتهم الاول الصادق محمد جبرالدار جابر بعد ادانته بجريمة الحرابة الحدية، واستندت المحكمة في حكمها على شهادة اثنين من شهود الاتهام اللذين شاهداه يلبس الكاكي وامامه قرنوف داخل السيارة وقتل ضابط برتبة عقيد من الجيش مستخدما بندقية كلاشنكوف، وخلصت لتوفرالركن المادي والمعنوي لجريمة الحرابة بقطع الطريق وارهاب العامة داخل العمران مع تعذر الغوث تحت ازيز المدافع وطرقعة السلاح جراء اندلاع المعارك.
ورأى القاضي ان الاخير لايستفيد من ميزة صغرالسن باعتبار ان القانون يحظر توقيع عقوبة الاعدام على من هم دون الثامنة عشرة أو تجاوزالسبعين في ماعدا جرائم القصاص والحدود . كما ان بينة القمسيون الطبي تؤكد ان المتهم بالغ الحلم ، بالاضافة لشهادة الميلاد التي تقدم بها ممثل الدفاع لإثبات ان المتهم بلغ 17 عاما، وبالتالي غير معفي من تنفيذ عقوبة الحرابة الحدية، بينما ذكر ان لا مجال لتطبيق العقوبة على بقية المدانين لعدم توفر البينات.
ناقش القاضي مبدأ قبول الاعتراف كبينة تؤسس عليها قرار الادانة، وأكد ان ذلك ممكن ان وجد التعضيد وفي حالة المتهم الاول على سبيل المثال عضد الاعتراف اقوال اثنين من شهود الاتهام اللذين تعرفا عليه داخل قفص الاتهام وفي طوابير الشخصية، واضاف ان قرينة الكلب البوليسي غير مردودة حسب شهادة الضابط الذي اشرف على الطابور،الذي اشار الى ان الكلب لم يكن شرسا او متوحشا وتعرف على المتهم بعد تمرير بنطلون يخص المذكور، مما يشير الى ان المتهم كان يرتديه في ميدان القتال، واعتبر القاضي بأن المتهم الثاني: عدول عن الاعتراف في مرحلة المحاكمة بلا قيمة لعجزه عن اثبات ادلائه به عن طريق الاكراه والتعذيب ، واضاف ان الوقائع التي تقدم بها اثناء المحاكمة يكذبها ظاهر الحال واقوال الشهود وقرينة المعروضات «الاوراق التي ضبطت على السيارات».
اما المتهم الثالث محمد بحر علي حمدين
فتمسك باعترافه القضائي بالانضمام لحركة العدل والمساواة لكنه انكر التحرك مع القوات للهجوم على أم درمان، وفراره مع محمد هاشم على عبده «المدان بالاعدام في بلاغ اخر»، والاختباء بمنزل احد اقرباء الاخير بمنطقة امبدة ثم الصالحة بأم درمان حتى تاريخ القبض عليه، ومضى يقول بأن المتهم عجز ايضا عن اثبات واقعة التعذيب والاكراه، فالمتهم كان يقف مع خليل يهتف «كل القوة خرطوم جوه،» كما اكدت المشاهد التي عرضت داخل المحكمة، بالاضافة لواقعة تدمير طائرات الانتنوف لسيارته بالصحراء، بجانب اقوال الشهود التي اثبتت مشاركته بالهجوم على أم درمان مع قوات الحركة .
واستطرد القاضي ، قد تثور كيفية قبول المحكمة لبينة الشهود من الاطفال؟ نقول بأن بينة الاطفال عضدتها مستندات الاتهام التي تحمل اسمه ،من بينها قرار تعيينه كنائب لخليل وامين لقطاع كردفان، جلبها المتهم معه وتركها مبعثرة عندما ولى هاربا عند انجلاء المعركة.
هذا بالاضافة لقرينة الاسلحة والذخائر« المعروضات »جميعها اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان المتهم كان احد قادة الهجوم.
أما المتهم الخامس فقرر القاضي قبول الاعتراف القضائي الذي تراجع عنه اثناء المحاكمة كبينة ضده باعتبار أن اقوال شاهد الدفاع عبده اسحاق عربي جاءت منافية للحقيقة وتناقضت مع اقوال المتهم نفسه، فالمتهم يقول انه عمل بالمخبز طوال شهر مارس فيما يقول الشاهد انه عمل يومين، كما أن الاثنين لا يعرفان اسم المخبز ولا اسم صاحبه لذا استبعدت الشهادة.
المتهم السادس حامد حسن حامد، قبلت المحكمة ايضا الاعتراف القضائي كبينة ضده لوجود قرائن معضدة، واعتبرت الشهادة التي جاءت لصالحه ملفقة وفيها تميز للمتهم لصلة القرابة.
المتهم السابع: بشير آدم عُشر قبلت المحكمة الاعتراف القضائي كبينة ضده لوجود عدد من ارانيك صرف السلاح بخط يد المتهم وتوقيعه بشهادة خبير الخطوط ، واعترف بمشاركته في الهجوم، وكان ضمن فصيل الامداد بمؤخرة الجيش، شهادة شقيقه تستبعد لشبهة التمييز والمصلحة .
اما المتهم الثامن عبدالعزيز نور عُشر فضيل اعترف لمرحلة التحقيق واثناء المحاكمة بالانضمام للحركة والدخول لأم درمان في العاشر من مايو ، غير أنه انكر مشاركته في الهجوم، اعمالا بمبدأ تجزئة الاقوال والمضاهاة باقوال الشهود والقرائن بما يسمح بتشكيل عقيدة المحكمة على النحو الصحيح، فتجد المحكمة أن اثنين من الشهود اثبتا ان المتهم كان ضمن القوات المهاجمة، وعُشر نفسه اعترف بالحضورلكنه تعمد اخفاء الجانب الآخر من الحقيقة بالمجئ مع قواته ، لكن بينة شاهدي الاتهام التاسع والحادي عشر اثبتت مشاركته في الهجوم، وانه كان قائدا من القيادات الفاعلة لحركة خليل، وشارك في التخطيط والتدبير لغزو أم درمان والاعتداء على الجنود والضباط من القوات النظامية والمواطنين وتخريب الممتلكات العامة.
وانتهى القاضي الى أن الحركة تنظيم ارهابي عمدت لإثارة الحرب ضد الدولة وارهاب المواطنين في كردفان ودارفور ما تسبب في نزوح المواطنين، قبل أن يتواثقوا اخيرا على غزو العاصمة والاستيلاء عليها وجلبوا العربات وقطعوا كبائنها وقاموا بطلائها وتحركوا من الحدود التشادية السودانية قاصدين اثارة الحرب ضد الدولة الذي تحقق بالاشتباك مع القوة النظامية بالاسلحة والذخيرة الثقيلة والخفيفة، وقرر ادانة كل المتهمين بكل اطمئنان ومما لا يدع مجالا للشك تحت المواد 21 ، 24 ، 50 ، 51 ، 51 ، 60 ، 63 ، 65 ، 182 من القانون الجنائي والمواد 5 ، 6من قانون مكافحة الارهاب و26 ، 44 من قانون الاسلحة والذخيرة والمفرقعات .
ورفض ممثل الدفاع المحامي كمال الجزولي تقديم ظروف مخففة للحكم.
وشهدت القاعة تشاورالجزولي لدقائق قليلة مع المتهمين وراء القضبان قبل العودة سريعا ليقول للقاضي في صوت متهدج ونبرات مشحونة بالأسى
« مع احترامنا للمحكمة يود موكلونا أن يعلنوا انهم ليست لديهم رغبة في تقديم اسباب مخففة للحكم ».
بعدها طلب القاضي رفع الجلسة لعشر دقائق قبل النطق بالحكم ، عاد بعدها لتلاوة قرارالاعدام تباعا على المتهمين الصادق محمد جبرالدار ، تاج الدين محمود عبدالرحمن علي ، محمد بحرعلي حمدين ، الطيب عبد الكريم ادم ، مالك ادم أحمد ، حامد حسن حامد ، بشيرادم عُشر فضيل ، عبد العزيز نور عُشر فضيل وسط هياج المتهمين الذين رددوا شعارات باصوات قوية .
واعلنت هيئة الدفاع استئناف الحكم، وذكرالمتحدث الرسمي لهيئة الدفاع المشتركة المعز حضرة أن الحكم جاء مخالفا للدستور، وحمل العديد من المغالطات القانونية، مؤكدا أن القاضي رفض النظرلبينات مباشرة وواضحة لشهود دفاع دون مسببات مقنعة، لكنه عاد وأكد ان الهيئة ستتقدم باستئناف في غضون اليومين المقبلين .
وأكد القاضي أن الطعن بدستورية قانون مكافحة الارهاب لا يدخل في اختصاص المحكمة، وان ما انيط بها يتمثل في نيل المتهمين محاكمة عادلة حسب القواعد التي اصدرها رئيس القضاء ، مستشهدا بأن محاكمة قادة انقلاب مايو في اعقاب انتفاضة ابريل كانت امام محكمة خاصة، غير أن حضرة رفض حيثيات القاضي، لافتا أن عقد مقارنة بين المحكمة الحالية ومحكمة المايويين أمر مختلف ولايوجد ثمة وجه للمقارنة باعتبار ان الاخيرة لم تكن خاصة انما متخصصة ،كما كانت تطبق القانون الجنائي والاجراءات الجنائية والاثبات، بينما تكتفي المحاكم الخاصة الحالية بتطبيق القواعد الخاصة التي اصدرها رئيس القضاء بالتشاور مع وزيرالعدل .
خالد فتحي :الصحافة [/ALIGN]