حوارات ولقاءات

الشيخ الصادق عبد الله المجاهد في حوار الجزور والبزور: نميري أول رئيس إعتقل الأخوان المسلمين و الإسلاميون بكوا كثيراً

[ALIGN=JUSTIFY]بكى الإسلاميون كثيراً في مؤتمرهم الصاخب بسبب الترابي
إختيار إسم للحركة كان بداية الإنقسام في صفوف الأخوان
الفريق عبود كان مهذباً ولم يمس أحداً من الأخوان
يحفل تأريخ السودان بعيده وقريبه بالعديد من الشخصيات المهمة التي لعبت أدواراً مؤثرة على الأصعدة المختلفة وخلال حقب متباينة، ولكن الكثير منا يجهل الجوانب الاخرى في حياة هذه الشخصيات، وأعني هنا الجوانب التي لم تكن مرئية للآخرين من حياتهم الممتدة، وما لايحمد له أننا شعب لايهتم كثيراً بالتدوين والتوثيق رغم أهميتهما ولا يزال الكثير مما مايستحق توثيقه في صدور الرجال والنساء أيضاً، وبالرغم مايبذل هنا وهناك إلاّ أنه يظل في إطار الجهد الفردي وليس المؤسسي.
(السوداني) تفتح ملف التوثيق لحياة الشخصيات العامة في بلادنا عبر حوار البذور والجذور لمعرفة الجوانب المختلفة في حياتهم والوقوف على تجاربهم والإستفادة منها، كان البدء مع المراقب السابق للأخوان المسلمين الذي يعتبر من اوائل المؤسسين لحركة الأخوان المسلمين في السودان وهو الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد، جلسنا إليه عدة جلسات لإجراء هذا الحوار الذي إمتد لأيام لكثافة المعلومات التي كان يسردها على نحو ممتع وبترتيب تأريخي لم يعرف النسيان طريقه إليه (متعه الله بالصحة والعافية)، وكانت بداية الحوار..
* إذن كيف بدأ الأخوان المسلمون نشاطهم في السودان؟
ــ مثلما ذكرت سابقاً فقد ارسل الشيخ حسن البنا وفدين إلى الخرطوم زارا عدداً من المدن للتبشير بحركة الأخوان المسلمين، كان في الوفد الأول جمال الدين سنهوري وهو من اوائل الأخوان، من مدينة دنقلا كان خطيباً مؤثراً توفي قبل عام رحمه الله، و في الوفد الثاني سكرتير الأخوان عبد الحكيم عابدين وهو شاعر قصائده منتشرة حتى الآن، وطاف الوفدان معظم المدن الكبيرة ونجحوا في تثبيت أرضية لحركة الأخوان في السودان ولكن أعابهم أنهم لم يتركوا مهاماً لاشخاص في السودان،
من هنا كانت بداية النشاط لحركة الأخوان في السودان، بدأ أعضاؤها مخلصين مؤمنين بالفكر (الأخواني) إلى حد كبير، ولأن البداية كانت في أوساط الطلاب في المدارس الثانوية ــ (وادي سيدنا، حنتوب، خور طقت، بورتسودان) ــ الذين كانوا أكثر حماساً وفعالية بدأت الحركة تحقق نجاحاً وأخذت في الانتشار،، وفي عام 1952م زار وفد مصري السودان بقيادة عبد البديع صقر إنضممت له أنا وعبد الباقي عطية زرنا حنتوب والمدهش أن معظم الطلاب كانوا يعرّفون أنفسهم بأنهم أخوان مسلمون منهم جعفر شيخ إدريس، عثمان خالد مضوي محمد قسم السيد، الحماس كان بادياً عليهم، إستقبلنا جعفر شيخ إدريس في (البنطون)، وكان عبد البديع أكثر دهشة لأن مدير المدرسة كان إنجليزياً والأدهى من ذلك أن الوفد أمضى ليلته في المدرسة ولم تعلم الادارة بذلك العمل كان يتم بسرية تامة.
* إطلاق إسم (الإخوان المسلمين) كان سبباً لأول إنقسام في صفوف الحركة ما صحة ذلك؟
ــ ماحدث أنه في عام 1954 زاد عدد الأخوان في العاصمة والقرى كان فتحا مبيناً واصبح بعض الأخوان يتولون الدعوة في المناطق المختلفة
تطور الأمر بعد ذلك، وأراد الأخوان أن يطلقوا إسماً على المجموعة،
وعقد إجتماع كبير في نادي الخريجين بامدرمان الثقافي ضم كل الأخوان العدد كان كبيراً جداً وطرح الإسمان في الإجتماع وخضع الأمر للتصويت ففاز إسم الأخوان المسلمين باغلبية، أراد بابكر كرار إطلاق إسم (الجماعة الإسلامية) التي سميت فيما بعد الحزب الإتحادي الإشتراكي كان من أعضائه ميرغني النصري، عبد الله محمد أحمد (السفير)،وبعدها إنسحب بابكر كرار لعدم فوز الإسم الذي إختاره ومعه مجموعة صغيرة وكونوا الجماعة الإسلامية، بابكر كرار كان قيادياً وذا كلمة مسموعة، إستمر الامر بهذا الاسم حتى عام 1966 م وخلال هذه الفترة وقع انقلاب كان له أثر سلبي على الحركة.
* واجه دخول الأخوان المسلمين للبرلمان بعض المواقف التي أثرت في مسيرته أرجو أن تحدثنا عن ذلك؟
ــ أول دخول للاخوان في البرلمان كان عام 1968م في هذا الوقت كان للحركة وجود كبير على الساحة واجريت انتخابات شارك فيها عدد من الاخوان منهم الدكتور الترابي الذي فاز في دوائر الخريجين ودخل البرلمان خمسة من اعضاء الحركة، ثم حل البرلمان لاسباب سياسية واجريت انتخابات أخرى عام 1969م ودخل البرلمان عدد من الاخوان.
عندما برزت فكرة خوض للانتخابات دعا الاخوان لاجتماع كان الترابي مسئولأً عن هذا العمل بين الاخوان الذي كان يتسم بصفاءالنية وحسن القصد، وتم بالفعل عقد اجتماع موسع، وكان رأي الترابي أن لا يتم الترشيح للانتخابات باسم الاخوان المسلمين وانه لابد من تغيير الاسم وبعد أخذ ورد في الإجتماع تم الاتفاق على اسم جبهة الميثاق الاسلامي وإتخذت لها داراً في امدرمان بداية شارع العرضة وانشأت صحيفة بهذا الاسم واستمرت مايقارب العام ونصف العام ونزل الاخوان الإنتخابات وظلوا داخل البرلمان عاماً كاملاً من مايو 1968 الى 25 مايو 1969 حتى تم حل البرلمان بانقلاب جعفر نميري.
الانقلاب كان للشيوعيين صلة كبيرة ومباشرة به، نميري لم يكن له أي فكر سياسي كان مجرد عسكرياً التف حوله الشيوعيون، وفي يوم 26مايو أي بعد يوم واحد من الانقلاب كان الاخوان المسلمون اول من أدخلهم نميري سجن كوبر كانت القوائم جاهزة ومعدة وكان هذا اول اعتقال سياسي، ولم يكن هناك اي اعتقال في عهد عبود كان مهذبا ولم يمس احد من الاخوان.
* من هم أبرز الذين إعتقلهم نميري؟
ــ يسن عمر الامام،ربيع حسن احمد، الشفيع ابراهيم سعيد، حسن الترابي، عبدالرحيم علي، عبد الجليل النذير الكاروري، توفيق طه، مبارك قسم الله، عبد الرحيم حمدي، أحمد زين العابدين، مصطفى أبكر.
كان عدد الاخوان المعتقلين كبيراً، وظللنا في المعتقل من مايو 1969 الى عام 1972 م، الاعتقال كان بدون منطق، بعدها جرت تنقلات لبعضنا، وبصورة مفاجئة تم نقلي وعبد الرحيم حمدي الى سجن مدني بعد عام واحد أمضيناه في كوبر، وبعد فترة قصيرة أعادوا حمدي الى كوبر وأعادوني بعد ثلاثة أشهر، وفي اليوم المحدد لعودتي للخرطوم لاحظت أن السيارة التي ستنقلني تتبع لسجن كوبر وكنت مندهشاً لذلك فسألت الضابط المشرف على نقلي لماذا احضرت سيارة من الخرطوم ولماذا لايتم نقلي بسيارة سجن مدني، لم يجب الضابط على سؤالي وكان الأمر محيراً بالنسبة لي، ولكن بعد وصولي سجن كوبر عرفت أن السيارة التي أقلتني كان بها الترابي وتم تحويله الى مدني، والطريف أنه وضع في الغرفة المجاورة للغرفة التي كنت بها ولو نظرت بداخلها وانا خارج منها لعلمت بالامر.
* ولكن قيل أن جعفر نميري طلب مقابلتكم فيما بعد للاعتذار لكم هل كان هذا صحيحاً؟
ــ نعم هذا صحيح، نميري بعث الي شخصي برغبته لزيارتي في منزلي فأخبرت الحبر يوسف وجاويش وبالفعل زارني نميري بحضور هؤلاء الاخوان وكان حضوراً ايضاً عبد المطلب بابكرالذي حكم نميري عليه بالاعدام في حادثة الامام الهادي المهدي إذ كان مرافقاً له في هجرته الى الحبشة مع بعض الاخوان وهم الوحيدون الذين ساندوه وكان قد تم القبض عليهم في الحدود عند مدينة الكرمك بعد أن علم نميري بالأمر وارسل قوة من الضباط وراءهم واعدم الهادي في لحظته، وفي اللقاء الذي تم بمنزلي قال نميري أنا حكمت على عبد المطلب بابكر بالاعدام والمفارقة أن الاخير أصبح سكرتيره لاحقاً.
* ماقصة المؤتمر الذي عقد قبل انقلاب نميري؟
ــ انعقد مؤتمر في منتصف أبريل عام 1969 في الخرطوم بحري إستمر ثلاثة أيام بلياليها، إحدى جلساتها استمرت اربعاً وعشرين ساعة، كان مؤتمراً صاخباً، كان تقييم الترابي أنه يدل على حالة صحية للجماعة،كان رأيه ضربة قاصمة للحركة لأن عدم الروح الاخوانية في المؤتمر كان عكس تقييمه، المؤتمر بالفعل كان صاخباً وأبكى الكثير من العيون
الترابي كان جالساً نهاية القاعة ومعه مجموعة من الاخوان.
* من كان معه من الاخوان؟
ــ كان معه عبد الرحيم حمدي، ربيع حسن أحمد، عبد الله حسن احد واخرون، عندما جاء وقت الترشيح لرئاسة الحركة قرر الأخوان ترشيحي لها وكان من المؤكد فوزي بها واذكر بالخير هنا الأخ جعفر شيخ ادريس إذ كان داخل الاطار الترشيحي، ولكن مجموعة الترابي خرجت بمبادرة تقول (اذا لم ينتخب الترابي سننسحب من المؤتمر) وحرصاً على الوحدة تم أنتخابه مسئولاً عن الحركة
* الأخوان المسلمون شاركوا في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية 1948 م ما تفاصيل ذلك؟
ــ الأخوان المسلمون كان لهم دور كبير في حرب الفلسطينيين ضد إسرائيل، إنضم بعض الأخوان في الجيش المصري وذهبوا الى فلسطين وقاتلوا الاسرائيليين واستشهد البعض منهم حينها أنباء المعارك كانت تملأ الدنيا وعرف الناس أسماء بعض من الأخوان الذين كانوا يقاتلون مع الفلسطينيين الى أن إنعقدت الهدنة التي قام بها عبد الرحمن عزام ووقف القتال وطلب من الجيوش العربية أن تعود الى بلادها وعاد الجيش المصري وكان الضابط الذي أمر بعودتهم هو جمال عبد الناصر بعد ذلك إضطر الأخوان للعودة وقبل وصولهم القاهرة أخذوا الى معتقلات كانت مجهزة لهم وكان هذه المرة الأولى التي يعتقل فيها الأخوان وخرجوا منها ليعتقلوا مرة أخرى.
السوداني[/ALIGN]