تحقيقات وتقارير

العقيد عبد الرحمن الصادق .. تقليل المناورات


عبارات رئاسية مقتضبة حملت مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي لأصعب المقاعد وأكثرها تعقيداً فى الساحة السياسية كمسؤول عن ملف علاقات السودان بالجنوب ، الأمر الذي عده الكثيرون محاولة من الحزب الحاكم للهرب من حرج تعقيد الملف وربما الفشل الملازم له.
قرار تعيين نجل المهدي للملف جاء متزامناً مع ما كشفه وزير الخارجية علي كرتي عقب لقائه برئيس الجمهورية مطلع الشهر الجاري عن سعي الدولة لوضع إستراتيجية جديدة في التعامل مع الجنوب ، ويبدو أن القرار فرض جملة من الاستفهامات فى الساحة السياسية عن حجم الاختراق الذي يمكن أن يحققه المساعد الشاب ومقدار ما سيصيبه من حظ ..
مساعد رئيس الجمهورية علق على قرار تعيينه بعبارات وصفت بالحكيمة ولسان حاله : (إني أمد يدي من خلف القفــار نهــرا مـن الأحـــلام دهرا من نهـــار.. للناس للبسطاء أبناء شعبـــي الطيبين من ينبشون الأرض بحثا عن يقين) فأعلن أنه سيعكف على دراسة الملف مع الجنوب وسيسعى لمعالجة الخلافات عبر المباصرة لا المواجهة ، موضحاً بأنه كلف بملف العلاقة مع الجنوب لكنه لا يزال يدرس الملف وسيسعى لمعالجة الخلافات مع الجنوب عبر الحوار المباشر، ووضع كل القضايا محل الخلاف على الطاولة ومناقشتها بصراحة وتسويتها.. الأمر الذي خلق حالة من التفاؤل حيال الطريقة التي قرر من خلالها معالجته بها..
محللون يربطون بين امكانية النجاح فى ملف الجنوب بالقدرة الذاتية وشخصية الرجل المسمى من الطرف الحكومي ، ويراهنون على أن النجاح فى ادارة الملف وتحقيق اختراق فيه ، يرتبط بطريقة تفكير المسؤول وقدرته على تفكيك التعقيدات الملازمة للملف بالاضافة لثقافته والإلمام بأدق تفاصيل الملف ، كذلك المرونة لتذليل المعوقات التى يمكن لها أن تعترض طريق العلاقات الجيدة والطبيعية..
وطبقاً لمحللين فان العقيد عبد الرحمن المهدي ذو ثقافة لن تمكنه من تحقيق نقلة نوعية في ملف الجنوب ، كونه جاء للمنصب محمولاً على خلفيته العسكرية حيث تم استيعابه في القوات المسلحة بعد اجتيازه لمعايناتها بكفاءة ليعمل بمناطق العمليات في الناصر وكبويتا وأكوبو والرنك وبحسب مصادر مقربة من أسرة العقيد فان الجنود والضباط الذين عملوا معه في تلك الفترة شهدوا بشجاعته وتواضعه وبسالته، إنه استقال من الجيش بعد انقلاب 1989م.. لكن ثمة انطباعات كرس لها الرجل في مخيلة الحاضرين أواخر الأسبوع في اللقاء التفاكري بمركز دراسات المستقبل حيث قدم مشروع رؤيته في معالجة الملف رؤية اتصفت بـ (بالحمامية) لرجل يرتدي بزة (الصقور)، داعياً في الوقت ذاته لسرعة تبني إستراتيجية تحتوي الجنوب قبل السقوط في براثن إسرائيل..
بيد أن المحلل السياسي د. مهدي دهب يرى أنه لا يملك مقومات كافية وخبرات تؤهله لاستلام الملف الأكثر تعقيداً فى الساحة ، ويؤكد أن سقف خبرة مساعد الرئيس تقف عند حدود خلقه لصلات وثيقه بقيادة الحركة منذ قيادته لجيش الأمة بأرتريا واقامته معهم بالمعسكرات بالإضافة لاشتراكه معهم في عمليات الشرق ، ما يجعل ثقافته ثقافة حربية ولغته لغة عسكرية أكثر من كونها سياسية. ويضيف المختص فى الشئون الدولية د. أسامة زين العابدين أن تشبع نجل المهدي بالثقافة العسكرية يكمن فى نشأته العسكرية بالكلية الاردنية التي تنتهج النظام الانجليزي المعتمد على الانضباط الكلي في كليتها الحربية ، وهو ما يقلل من سقف المرونة التي يمكن أن تتمتع بها شخصيته وهو ما لا يحتاجه ملف الجنوب.
آخرون يرون أن جملة الاسباب السابقة هي التي يمكن لها أن تخلق النجاح في المهمة الملقاة على عاتقه ، ويؤكدون أن الثقافة العسكرية المضبوطة تلك تجعل مسؤول الملف العقيد عبد الرحمن مباشراً وصريحاً مع الطرف الآخر وهو ما ينمي الثقة حتى مع وجود الاختلاف في وجهات النظر، وهو ما يمكن أن يضاف لرصيد الثقة السابق بسبب المعرفة والاحتكاك في الجبهة مع القيادات الجنوبية..
مصدر قيادي بحزب الأمة فضل حجب اسمه لـ (الرأي العام) رجح أن تكون تسمية العقيد عبد الرحمن للملف جاءت للاستفادة من زخم علاقات عمه مبارك الفاضل بالوسط الجنوبي كونه من كبار المستثمرين بالجنوب ومن ثم له القدرة على توظيف ذلك لصالح تحقيق علاقات ايجابية بين الدولتين.
لكن الخبير بمركز الدراسات الدبلوماسية د. عبد الرحمن أبو خريس قطع لـ( الرأي العام) بأن تسمية مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي خطوة ذكية سيكون مصيرها النجاح وشرح رؤيته بقوله : ( نجاح نجل المهدي لن يكون نجاحاً للحكومة فقط بل نجاحاً لحزب الأمة ايضاً ، لذا فإن حزب الأمة سيعمل بكل طاقاته لانجاح مهمة المساعد فى الملف المعقد) ، ونوه أبو خريس للعقبات التى يمكن ان تواجه مهمة مسؤول الملف فى توتر العلاقات بين حزب الأمة من جهة وبين المعارضة ككل وبين حزب الامة والحركة الشعبية من جهة أخرى، إلا أنه استدرك بقوله : ( ذلك سيجعل حزب الامة حريصاً على تحقيق نقاط تفوق بتحسين علاقته بالحركة وحكومة الجنوب من خلال توظيف قدراته وعلاقاته لصالح مهمة مسؤول الملف). ولم يستبعد الخبير الدبلوماسي أن تكون تسمية عبد الرحمن جزءاً من الإستراتيجية الجديدة التي تهدف الدولة بها تحسين العلاقات بدولة الجنوب.
بيد أن مصدر دبلوماسي يرى أن نجاح نجل المهدي يتوقف على عوامل أخرى منها مخرجات التفاوض بأديس أبابا والتوصل لتفاهمات بشأن القضايا العالقة ، الأمر الذي يجعل مهمة الرجل ترتبط بشكل أو بآخر بفريق نيفاشا المفاوض حالياً بأديس.
عبارة مساعد الرئيس مسؤول الملف عبد الرحمن الصادق المهدي : (ليس من مصلحة الجنوب دعم المتمردين وأن الحكومة لو عاملت الجنوب بالمثل فإن ذلك سيؤدي الى عدم استقرار الدولتين) ، تدعم الفرضية الأخيرة وتؤكد حرص الحكومة على تسمية المعروفين لدى الحركة والجنوب ، للتقليل من الفائض الزمني للمناورة وهو الأمر الذي لا يمكن أن يثمر في حال تمسك حكومة الجنوب بمناوراتها السياسية التي تطلقتها بدلاً من المواقف التفاوضية الحقيقية كما يحدث في أديس هذه الأيام ، ويضيف المحلل السياسي د.مهدي : ( الجنوب في هذه المرحلة يحتاج للتعامل الحصيف والحكيم ، وهو ما يتسق مع تسمية شخصية عسكرية تخضع للتعليمات وتحظى بالثقة من كل الأطراف وينطبق ذلك على نجل المهدي ، بالإضافة لشخصية سياسية ومعروفة ايضاً من خلال رحلة نيفاشا التفاوضية).
ناشط سياسي معارض يرى أن المعارضة يجب أن تدعم اختيار نجل المهدي للملف كونه لا ينتمي للحزب الحاكم ، وقال لـ( الرأي العام) : (بالرغم من رفض المعارضة لمشاركة عبد الرحمن فى الحكومة إلا أن نجاحه في ملف الجنوب يعد هدفاً من أهداف المعارضة باعتبار أن تحسين العلاقات بين الشمال والجنوب ظلت تردده وتنادي به قيادات المعارضة ، من ثم فإن محاولة التقليل من قدرة نجل المهدي على تحقيق اختراق أو محاولة وضع عراقيل تعني عدم مبدئية المعارضة تجاه أهدافها).. وأضاف : (الحكومة أيضاً مستفيدة من تسمية مساعد الرئيس فى شأن أصبح دولياً كملف علاقات الجنوب كونه ينتمي لحزب آخر، إذ يؤكد للمجتمع الدولي انفتاح الحكومة على الأحزاب الأخرى)..
بغض النظر عما يمكن تحقيقه على يد مساعد الرئيس الشاب إلا أن المراقبين يجمعون على أن سوء العلاقات وتعقيدها لن يبلغ مستوى اندلاع الحرب ، ويراهنون على قدرة المجتمع الدولي والمحاور الفاعلة فيه على كبح جماح أي انفلات متوقع بين الطرفين ، كما أن الارادة الدولية تتجه لتبريد بؤر التوتر التي من شأن انفجارها زيادة التكاليف الإنسانية في وقت يعاني فيه العالم من تعدد الأزمات ، لكن الثابت فى سياق المشهد هو دخول العقيد المهدي للتاريخ من أوسع الأبواب سواء أكان مصيره النجاح أو غير ذلك.
الراي العام
تقرير: عمرو شعبان

تعليق واحد

  1. بإختصار كدا ، التلميع دا كلو دايرين يبقوهو الرئيس القادم ، الرماد كال حماد ،، والترابة في خشم السودانيين كوووولهم ، خمو وصروا

  2. لم أر فى حياتى شعب بليد كالشعب السودانى وشعب أهبل مثله ، شعب حاقد بالفطره ، ملىء بالحقد على كل ماهو ناجح ومن هو ناجح ولذلك شعب فاشل لن تقوم له قيامة ولن يتوقع أحد لتلك البلاد أن تتطور فى يوم من الأيام. كنا فى يوم من ألآيام نعتقد بأن جامعات السودان تقوم بتأهيل الطلاب علمياً حتى يتمكنوا من قيادة البلاد فى أحلك الظروف ولكن للأسف فجامعتنا وخاصة جامعة الخرطوم والإسلامية وغيرها أفرزت قادة السودان على مر العصور بعد الإستعمار فكانو كلهم مجرد صفوة مريضة غير قادرة على تسيير يوم من ايام الحكم فى السودان وخاصة فى فترة الإنقاذ المشئومة. نحن شعب لايعرف شيئاً ولن نعرف شيئاً لاننا فى الجانب الآخر منافقون ومدعوون ونتحدث أكثر مما ينبغى وأيضاً شعب كسول لاهم له سوى التنظير وخاصة مع ظهور “الموبايل” فى السودان فأى سودانى الآن يعتقد جازماً بأنه أهم من الآخر لانه يمتلك موبايلاً وهذا تطور دون ترتيب منطقى حيث تسبق تلك الموبايلات تطورات إقتصادية تجعل من الإنسان أكثر رفاهية حتى يصل الى تلك الخدمات وبالتالى يمكن أن نصف الشعب السودانى بالمستهلك البليد.
    واصولا حقدكم وتنظيركم والدول من حول فى أفريقيا تتطور وتتنظف اليوم بعد الآخر وجيرانكم المصريين يدخلون البلاد بفيزا مزارع!!!! تخيلو إنعدام المزارعين فى السودان ولان الكيزان بعد أن سرحوا ومرحوا فى البلاد بدأووا فى بيعها للمصريين لانو الشعب جبان ووسخ وزى ماقال أحد السعوديين عن السودان “ان البشير كتير على السودان” ولكننى لا أتفق معه حيث أعتبر بما عرفته عن السودانيين ان شلة ولصوص الجبهة هى الحكومة المناسبة لهذا الشعب وليتهم يستمرون لاكثر من عشرين سنه أخرى لانكم شعب وسخ وجبان وحاقد.
    تحياتى