تحقيقات وتقارير

بعد فشل البندول في تسكين الأوضاع .. هل يعود كاشا والياً لجنوب دارفور؟!

سوء الظن من حسن الفطن .. حكمة تغيب في بعض الأحيان عن مخيلة الخرطوم في نظرتها وتعاملها مع أطرافها الممتدة بين (عدو وانتماء).. لتكون الخرطوم دوما وبحكم (مركزيتها) محل دهشة المراقبين والمتابعين لردود فعلها في التعامل مع منحنى الأحداث السياسية. لكن الخرطوم تقف عند ذات الحد مترددة بين القفز على حاجز الدهشة لتصيغ خياراتها من جديد.. وبين النكوص لتستند الى (حائط مبكاها) في سياق وقائعها المبنية على ردود الفعل لا الفعل في سيناريو غياب المبادرة وعجز القراءات بسبب تعدد جبهات الاستهداف، ليكون (الإنهاك) سبباً في قصر النظر، وربما لاستبعادها دوماً لسوء الظن.
عواصم أخرى من جنس (نيالا) حاضرة جنوب دارفور، يبدو أنها استشعرت (الغيرة) مؤخراً من الاهتمام المنصب على (ذات الأضلاع الثلاثة)، فأخذت تبحث عما يلفت الأنظار، ويحاصرها بالعيون، فلا تجد نيالا سوي الرصاص و(ربطة) أزمات تحت عنوان (نعم لكاشا) الذي جاء في ابريل من العام 2010م ببصمة 301.767 شخصاً بعد أن تقدم عليه منافسه السابق على محمود محمد في عدد الأصوات التي حصل عليها داخل المؤتمر الوطني عندما دفع وطني جنوب دارفور بخمسة مرشحين للجلوس على مقعد الوالي.
وترفض بعض نيالا (الإذعان) معلنةً احتفاءها باستقبال واليها الجديد (بديل كاشا) سخطاً وانفجاراً، مصنوعاً أحياناً، مهرته (زخات) الرصاص و(نكهة) الدم ، لتفرض نفسها على واجهة الأحداث، بعد أن وقف بداخلها ما (كان) من الحركات، والفضل موصول (للدوحة)..
اعتراض نيالا (العنيف) أرجعه المراقبون كمحاولة للضغط على المركز في قرار تبديل الولاة، وإعادة كاشا لمقعده الوثير، حقناً للدماء وإيقاف استنزاف الولاية، وجرها للاستقطاب بمحددات أخرى، ويرون أن ذلك يبدو الاحتمال الأضعف، لجهة أن الخرطوم لم تسجل سابقة تراجع عن قرار اتخذته من قبل.. آخرون يرون أن الاحتجاجات مصنوعة، وتقف خلفها أياد كثيرة مدفوعة بمصالحها وعلاقاتها المتقاطعة مع كاشا، وان الهدف منها تأكيد وإبراز عضلات كاشا، غض النظر عن نتائجها..
الناشط الدارفورى ناصر بكداش يرى أن أحداث جنوب دارفور انعكاس طبيعي لعدم تبصير وتوعية المواطنين بحكمة القرارات المتخذة، وقال لـ(الرأي العام) ذلك يسهل لأصحاب الأجندات استخدام وتوظيف المواطن الدارفورى لصالح مآربه، وأضاف: (الخرطوم لم يسبق لها التراجع عن ترتيبات تنظيمية أو حكومية، خصوصاً وأن زيادة عدد الولايات في دارفور لم يكن وليد اليوم أو أمس، وإنما ظل لفترة طويلة محل نقاش).
ويرى أن القضية بالتالي تمت شخصنتها وليست اعتراضاً على موضوع الولايات، لكن مصدرا مقربا من رئيس السلطة الانتقالية – فضل حجب اسمه- أكد لـ(الرأي العام) أن قدوم وال جديد أو بقاء القديم لا يغير من البرامج الموضوعة لخدمة وتنمية الولايات الخمس بالتنسيق ومتابعة السلطة الانتقالية، وما تم استحداثه هو استجابة لأولى توصيات ملتقى كنانة.
داعمون لعودة كاشا للولاية يرون أن الخرطوم يمكنها أن تتراجع عن تعيين الوالي الجديد وإعفاء كاشا، ويستندون الى شرعية الصندوق الانتخابي الذي أتى به، وهو الأمر الذي استبقه رئيس السلطة الانتقالية السيسي في تصريحات سابقة وقال (حل حكومتي جنوب وغرب دارفور والشروع في اقتطاع جزء من مساحتيهما لتكوين ولايات جديدة بالإقليم، يعني فقدان جزء من الكتلة الانتخابية التي فوض بموجبها الولاة ما يحتم إعادة تكوين هياكل جديدة). بكداش يرى إمكانية تجاوز المركز لقراراته والتراجع عنها مبرراً ذلك بالاستناد الى القاعدة القائلة (الاتفاقيات لا تنسخ الدستور) مالم يكن الوضع في حالة طوارى كما هو واقع الحال في ولايات دارفور الخمس.
مؤشرات عديدة تنسف إمكانية التراجع لدى الوطني أو القيادة السياسية للدولة، تستند الى ملف تقديم المرشحين من داخل الحزب الحاكم أو إعفائهم هو شأن تنظيمي، ما يجعل الأمر بيد قادة الحزب، الذي قال نائبه للشؤون الحزبية د. نافع علي نافع في سياق تعليقاته على ظروف احتجاجية مماثلة (المغبون سيمنح البندول). فالرجل يعرف عنه أنه مستمع جيد ومتفحص لكل التقارير التي ترد إليه، وبالرغم عن أنه قد يطيل النظر ويستغرق وقتاً، إلا أنه في نهاية الأمر يصدر قراره الذي لا رجعة فيه، ما يجعل المراهنة على التراجع (أوهن من خيط العنكبوت)ويزيد ناصر ( حدوث سابقة تراجع كهذه ستشجع دوائر أخرى وهو الأمر الذي لن يرضى به الوطني)..
050314331152521 لكن عضو مجلس التحرير الثوري للتحرير والعدالة ورئيس المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان بالسويد د.عبد الناصر سلم قطع لـ(الرأي العام) بتراجع الخرطوم عن قراراتها حال استمرت الاحتجاجات التي أشار إلى انتقالها خارج نيالا، مبدياً تخوفه من تلبيسها أجندات سياسية تطالب بإسقاط النظام. وقال (لن يكون أمام الحكومة سوى خيار إقالة حماد إسماعيل من جنوب دارفور وتعيينه في شرقها الأمر الذي سترفضه الولاية الجديدة، لكن استمرار الاحتجاجات الحالية لعشرة أيام فقط من شأنه إعادة كاشا بلا شك خصوصاً وأن قرار المركز بإقالته يرتبط بإحساس تحوله لكاريزما في الولاية) مؤكداً تواجد حماد وكاشا بالخرطوم.
تحليلات أخرى ترى أن الاحتجاجات ليست بهدف إعادة كاشا بقدر ما هي رسالة للمركز عن مدى قدرة الرجل الجماهيرية والشعبية ومدى ما يمكن أن يضيفه للحزب الحاكم من زخم بحكم هذه القاعدة، ما يدفع المركز لإعادة استيعابه في مناصب أخرى تعيده ربما إلى القصر مستشاراً كما الشرتاي جعفر عبد الحكم..
وغض النظر عما ذهبت إليه هذه التحليلات أو تلك، إلا أن الثابت هو تحول كاشا لظاهرة وصفها دارفوري ساخر بقوله (بشوكة حوت لا تنبلع لا تفوت) ما يجعل نيالا قاب قوسين أو أدنى من تكسير قواعد الخرطوم في عدم التراجع عن وال رشحته، فهل يعود كاشا وتسجل الخرطوم سابقة جديدة بعد فشل البندول في تسكين الأوضاع؟!!
الراي العام
تقرير: المحرر السياسي

‫3 تعليقات

  1. [SIZE=5] زمان قلت ليكم كاشا
    هو الوجه الاخر لعقار وامثاله
    الحكومة اصبحت شخصيتها ضعيفة
    فهي ترضخ لضغوط الافراد
    في تحقيق اهدافهم الشخصية ومصالحهم[/SIZE]