تحقيقات وتقارير

خبراء: على الحكومة عدم الرضوخ لضغوط الجنوب بتصدير نفطه عبر كينيا وأثيوبيا

[JUSTIFY]تساؤلات عديدة قفزت إلى السطح بعد تصاعد الخلافات بين الخرطوم وجوبا في ملف النفط الذي كان مدخلاً لتوقيع اتفاق السلام وطي ملف الحرب في جنوب السودان التي استمرت الى أكثر من عقدين، ووصول هذا التصعيد الى الدرجة التي دفعت بحكومة جنوب السودان الى اغلاق آبار النفط وايقاف الانتاج وتصدير النفط عبر الأراضي السودانية اثناء جولة المفاوضات بين البلدين بأديس أبابا الأخيرة، وانتقال هذا التصعيد الى اتهام السودان بسرقة نفط الجنوب، وتبادل الاتهامات بشأن حرب مرتقبة بين البلدين اللذين كانا الى وقت قريب بلداً واحداً.. وتتصدر قائمة هذه الاسئلة من وراء هذا التصعيد ولمصلحة من تتجه الاحداث، وما مدى حياد الوساطة الأفريقية في دفع الطرفين الى التوصل لاتفاق، وهل للوساطة دور في رفع درجة التصعيد بفقدانها هذا الحياد واختلاط مصالحها مع احد الاطراف، وترجيح مصالحها على مصالح الطرف الآخر، وما مصالح دول الوساطة الاقتصادية والسياسية مع الدولة الوليدة فى ترجيح الكفة لصالحها على حساب الدولة الأم، وما مغزى إعلان دولتي الوساطة (كينيا وأثيوبيا) عن اتفاقهما مع دولة جنوب السودان لعبور نفطها عبر أراضيهما في هذا التوقيت مع بداية المفاوضات بين السودان وجنوب السودان التي تبحث خيار عبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، هل الإعلان عن هذا الاتفاق مقصود به ضرب المفاوضات وإفشالها من قبل (نيروبي وأديس أبابا)، أم هو مناورة من دولة جنوب السودان للضغط على المفاوضات الجارية الآن بأديس أبابا، أم هو كشف حقيقي لمواقف دول منظمة الإيقاد غير المحايدة في هذه المفاوضات، وهل الحكومة السودانية ترى في (إيقاد) حياداً ، أم تعلم بمخططات ضرب المفاوضات والتقارب بين الخرطوم وجوبا وممارسة ضغوط عليها لمزيد من التنازلات.. هذه الاسئلة وغيرها سنحاول البحث عن ايجاد حلول لها وقراءة واقع المفاوضات بأديس أبابا وما يمكن أن تفضي عنه من نتائج وما البدائل التي يمكن أن تلجأ اليها الحكومة إذا انهارت المفاوضات لامتصاص تداعيات فقدان رسوم العبور في الموازنة الحالية والبالغة نحو (27%) من حجم إيرادات الميزانية أي نحو (5.6) مليارات جنيه.
فقدان الحياد
ظلت منظمة (الإيقاد) حريصة على حل مشكلة جنوب السودان التي استمرت لاكثر من عقدين من زمان سعت خلالهما إيقاد للتوصل الى حل تبلور في اتفاق نيفاشا للسلام فى يناير من العام 2005م، الذي احتفظت فيه إيقاد بمصالحها أي مصالح دولها بأن تنشئ دولة جديدة تحقق معها دول إيقاد مصالحها الاقتصادية والسياسية، وتترك قضايا خلافية بين الدولتين (الأم والوليدة)، بحيث تسمح هذه الخلافات لتدخل دول ايقاد من جديد لطرح وساطات للحل، وهذا المشهد او المسرح المرسوم من دول ايقاد تحقق بحذافيره الان بعد انفصال جنوب السودان وأصبح دولة ذات سيادة، بينما بقيت القضايا الخلافية او العالقة بين البلدين، ولم تلجأ إيقاد قبيل الانفصال للتدخل لحلها، وانما فضّلت التدخل بعد قيام الدولة الوليدة ليكون التدخل من حيث تعظيم مصالحها، واذا كانت هنالك مسميات كيانات سياسية أفريقية اخرى غير إيقاد ترى الآن المفاوضات الجارية بين السودان وجنوب السودان تحت مسماها اي (الآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي)، فان اللاعبين الاساسيين في دول الإيقاد هم اعضاء في الاتحاد الأفريقي ويرعون، بل ويتوسطون فى المفاوضات الجارية الآن بين البلدين بأديس أبابا وتحديدا (كينيا واثيوبيا)، ولكن يبدو ان لغة المصالح طغت على هاتين الدولتين لتوقعان اتفاقيات مع الدولة الوليدة (جنوب السودان) لتصدير نفطها عبر اراضيهما وفي هذا لكشف واضح (لفقدان حياد نيروبي وأديس أبابا) اللتين تدعيان انهما وسيطان لطي الخلافات، ولكنهما عملياً ينسفان جهود الوساطة الافريقية ويقدمان خيارات أو بدائل للحل، بل ويوقعان مذكرات تفاهم بذلك، ليصبح امام السودان وضع جديد من الضغوط المنظورة وغير المنظورة التي تنذر بنسف التقارب بين جوبا والخرطوم، كما يبدو ان حكومة الجنوب سعت الى استخدام هذه الخيارات الجديدة لتصدير نفطها كـ (كروت ضغط على الخرطوم) حتى تقدم مزيداً من التنازلات لجهة الوصول الى المسافة التى تريد ان تقف فيها جوبا، وبالتالي تحقق مصالحها في استخدام الخيار المتاح الآن بتصدير نفطها عبر الاراضي السودانية وتسعى الى الوصول الى الخيار الاستراتيجي عبر الاتفاقيات التى وقعتها مع كينيا واثيوبيا، ولكن قد تدرى جوبا او تتجاهل انها لا تدري ان هذا الحياد المفقود والمناورات والمراوغات وإضاعة الوقت وممارسة الضغوط كلها مكشوفة لدى الخرطوم التى تمتلك الخيار الافضل لتصدير نفط الجنوب عبر اراضيها، كما اثبتت ذلك الدراسات التى اجرتها دولة جنوب السودان قبيل الانفصال، وبالتالي مناورات جوبا مكشوفة للخرطوم، كما ان المصالح الاقتصادية لدول إيقاد أيضاً مكشوفة، وامام الدولة التي تبحث عن خيارات لتصدير نفطها ان تجاوب بشجاعة في أديس أبابا اي خيار ستختار هل الخرطوم ام تتجه نحو نيروبي واديس ابابا ومن ثم جيبوتي لتصدير نفطها..؟ الاجابة على هذا السؤال سهلة بالنسبة لدولة الجنوب بل متوافرة، ولكن الشجاعة صعبة الآن للمجاهرة بها في ظل التعبئة الداخلية للشعب الجنوبي التي مارستها الحركة الشعبية بإظهار الشمال أو السودان (كدولة سارقة) في نظر المواطن الجنوبي، الذي صعب اقناعه الآن بغير فرية السرقة أو إقناعه بتقبل عودة تدفق النفط كما كان، كما ان المناورة صعبة ايضاً الاستمرار فيها طالما أوقفت جوبا تدفق نفطها عبر الأراضي السودانية في محاولة لإظهار السيادية وقدرتها على اتخاذ القرار، إلاّ أنّ هذا القرار إنعكس سلباً على اقتصاد جوبا قبل الخرطوم.
مناورات الجنوب
ويبدو ان حكومة جنوب السودان مازالت مستمرة فى مناوراتها، بدليل سعيها لاعلان مواقف قديمة مع مواقيت انطلاق جولة المفاوضات بأديس أبابا، حيث أكدت حكومة جنوب السودان مضيّها قُدُماً في تنفيذ مشروع أنابيب نفط بديل عن خط السودان، وكشفت عن تلقيها عرضاً من شركة أمريكية مقرها تكساس لإنشاء خط أنابيب يصل جنوب السودان بميناء لامو الكيني، وقال الناطق باسم حكومة جنوب السودان برنابا بنجامين في مؤتمر صحفي أخيراً إن الشركة الأمريكية قدّمت عرضاً بإكمال خط الأنابيب المتفق عليه بين جوبا ونيروبي في (6) أشهر، كما أشار إلى مذكرة تفاهم وقّعتها بلاده مع اثيوبيا لبناء خط لأنابيب النفط يمر عبر أراضيها إلى جيبوتي.
يرى بعض الخبراء بأن تصريحات وزير الإعلام بدولة جنوب السودان فى هذا التوقيت مع بداية مفاوضات اديس ابابا مناورة من حكومة الجنوب ومحاولة للضغط على المفاوضين بأن لدينا خيارات اخرى لتصدير نفطنا، وبالتالي التّأثير على المفاوضات وتقديم مزيد من التنازلات، ولكن الوفد السوداني المفاوض يملك الرد على هذه المناورات بأننا الخيار الأفضل من حيث التكلفة والبديل السريع للاستفادة من النفط المنتج الان بدلاً عن إيقاف تصديره وما تتبع ذلك من أضرار مالية على دولة جنوب السودان التى تعتمد على البترول بنسبة (98%) من ايراداتها وبالتالى لا يمكن ان تصمد لثلاث سنوات حتى يتم إنشاء هذه الخطوط، التى تحتاج الى تمويل ضخ من سيتحمّله، هل كينيا واثيوبيا قادرتان على تمويل خطوط بهذه التكلفة العالية، كَما أنّ الإيقاف يشكل ضغوطاً اخرى على دولة الجنوب من الشركات المستثمرة في النفط.
خسائر جوبا
ويبدو أن الاقرار بهذه الخسائر جراء توقف تصدير النفط جاء بها الرد سريعاً من جوبا، حيث حذرت وزارة المالية في جنوب السودان من أن وقف الدولة إنتاجها من النفط يمكن أن يذكي التضخم المرتفع أصلاً في البلاد ويثير اضطرابات، إذا لم توجد مصادر تمويل بديلة عن النفط تساعد في دعم العملة الوطنية.
وقال ماريال أوو يول نائب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في جنوب السودان إنه إذا استمر إغلاق إنتاج النفط فقد تكون له مضاعفات خطيرة على الدولة التي تعتمد على النفط في جمع «98%» من إيرادات الحكومة، ونبه إلى أن جنيه جنوب السودان يعتمد على دعم جوبا للحفاظ على قيمته، وأن اقتصاد البلاد يعتمد بشكل شبه مطلق على إيرادات مبيعات النفط.
إذا فشلت المفاوضات بين الخرطوم وجوبا بشأن النفط، فإنّ المتضرر هو جنوب السودان في المقاول الاول، ومن ثم الخرطوم التي تبحث الآن عن بدائل جدية لفقدان رسوم عبور نفط الجنوب عبر أراضيها والتي تُشكِّل حوالي (27%) من إيرادات الميزانية اي نحو (5.6) مليارات جنيه.
غير مزعجة
ولكن ماذا ترى الخرطوم في مناورات جوبا وتلويحها بأن لديها خيارات لتصدير نفطها عبر أثيوبيا أو كينيا.. هل هذه مناورات بغرض ممارسة ضغوط على المفاوضات، أما هي مناورات مزعجة للخرطوم في توجهها الاستراتيجي نحو ربط اقتصاد الجنوب بالاتجاه شمالاً وليس الاعتماد على دول الجوار الافريقي الاخرى وبالتالي تخشى الخرطوم مواقف دول إيقاد غير المحايدة ومناورات جوبا المستمرة، وبالتالي تلجأ إلى تقديم تنازلات من اجل التوصل إلى حل وقطع الطريق أمام أطماع دول إيقاد أو كينيا وأثيوبيا، خاصةً وأن الخرطوم تعلم أن انفصال الجنوب انعش اقتصاديات هذه الدول بأرقام تراقبها الخرطوم عن كثب وبشئ من الدقة وبالتالي تراجع الخرطوم حساباتها السياسية والاقتصادية وتراهن على التكامل الاقتصادي المستقبلي بين جوبا والخرطوم…؟
وللإجابة على هذه الأسئلة يرى الأستاذ العبيد مروح المتحدث باسم الخارجية السودانية ما تطرحه كينيا وأثيوبيا وما تَتَحَدّث عنه جوبا عن تصدير نفطها بالأراضي الكينية والاثيوبية هو فعلاً خيارات وبدائل للاستغناء عن تصدير نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية، ولكن مروّح وصف هذه الخيارات بانها بدائل ليست جديدة لدولة جنوب السودان التى قال انها سعت منذ توقيع اتفاقية السلام فى يناير 2005م الى البحث عن بدائل لتصدير نفطها اذا جاءت نتائج استفتاء تقرير مصير جنوب السودان لصالح قيام دولته، وبالتالى عكفت جوبا على إجراء درسات عديدة للخيارات الكينية والاثيوبية، ولكن أثبتت نتائج تلك الدراسات أن استخدام الأراضي السودانية (أفضل بديل) لتصدير نفط الجنوب، وأردف: (على هذا الأساس تَمّ إعداد مقترح لعبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، ولكن يبدو ان حكومة جنوب السودان تسعى الآن الى ارسال رسائل للداخل الجنوبي والخارج بأن لديها خيارات اخرى بديلة خلاف التصدير عبر السودان، ولكن هذه البدائل غير مجدية، وتحدث عنها د. لوال دينق وزير النفط الاسبق قبيل الانفصال بان لديهم دراسات وخيارات لتصدير النفط عبر الاراضي الاثيوبية، ومن ثم جيبوتي او عبر الاراضي الكينية، ولكن حتى الآن رسمياً لم توقع حكومة جنوب السودان اتفاقاً مع كينيا أو أثيوبيا بتصدير نفطها عبر أراضيهما بتوقيع اتفاقية لإنشاء الخطوط، وانما وقعت مذكرة تفاهم فقط لدراسة إنشاء الخطوط، كما ان هناك عقبات تواجه اثيوبيا وكينيا وجنوب السودان فى توفير تمويل لإنشاء هذه الخطوط، التى تستغرق على الاقل ثلاث سنوات وفقاً لتلك الدراسات وتكلف مليارات الدولارات، ويبقى السؤال هل ستقدر حكومتا كينيا واثيوبيا توفير هذا التمويل وهل ستقدر جوبا على إيقاف النفط طيلة تلك السنوات، هذه الاسئلة طرحها العبيد مروّح، وطرح معها ايضاً سؤالاً آخر هل تقدر الخرطوم على توفير بدائل لفقدان عائدات رسوم عبور نفط الجنوب).
بدائل الخرطوم
ولكن مروّح أجاب على السؤال الذي يعنيه بصورة مباشرة وهو هل تقدر الخرطوم على توفير بدائل لفقدان عائدات رسوم عبور نفط الجنوب، أم ترضخ لضغوط جوبا ومناوراتها بهذه الخيارات القديمة المتجددة، حيث قال إن الخرطوم غير منزعجة بهذه الخيارات التي وصفها بأنها مجرد محاولة ضغط على مفاوضات اديس ابابا، خاصة وان اي مفاوض يبحث عن تحقيق مصالحه في تلك المفاوضات، كما انه من حق دولة الجنوب البحث عن الخيارات التى تناسبها لتصدير نفطها، ولكن من ناحية عملية فإنّ فكرة التصدير عبر كينيا أو اثيوبيا ليست عملية بالمنطق الاقتصادي، ولكن منطق السياسة أحياناً لا يغلب منطق الاقتصاد وفي كل الأحوال فان تصدير نفط الجنوب عبر الخيارات البديلة للسودان يستغرق على الاقل ثلاث سنوات وبالتالي يصبح الخيار عند جوبا هل ستقدر على إيقاف تصدير نفطها لثلاث سنوات، أما نحن فى السودان ندرس بدائل وخيارات اذا لم يتم تصدير النفط عبر الاراضي السودانية في كيفية الاستفادة من هذه الانابيب وتوظيف في مواقع نقل البترول بالحقول والمربعات الجديدة والاستفادة منها بالحقول المنتجة الآن أو الحقول المشتركة في الحدود بين البلدين من منطق اقتصادي وسياسي، خَاصّةً وأنّ عدم التوصل الى اتفاق حول تدفق نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية يحمل إشارات بعدم رغبة جوبا في تكامل اقتصادي مع الخرطوم.

رسائل للداخل

واستبعد مروّح أن تشكل مناورات جوبا بوجود خيارات لتصدير نفطها، ضغوطاً حقيقية على الوفد الحكومي المفاوض الآن بأديس أبابا ولكنها تبعث برسائل موجهة مباشرة للداخل الجنوبي الذي تمت تعبئته ضد الشمال بأن لدينا خيارات غير هذا الشمال في تصدير نفطنا عبر أراضيه.
خيار أفضل
وعضد الاستاذ اسحق بشير وزير الدولة بوزارة النفط من القول بأن الحديث عن خيارات بديلة لتصدير نفط الجنوب بغير الأراضي السودانية هو حق لدولة الجنوب بأن تختار خياراتها سواء عبر أثيوبيا أو كينيا أو السودان، كما انّ العلاقات بين الدول تُبنى على أساس المصالح والتعاون المشترك.
وأضاف الوزير في حديثه لـ (الرأي العام) أمس: الحكومة من ناحية دبلوماسية لا ترى اية حساسية فى ان تختار دولة الجنوب كينيا أو أثيوبيا، وانما لدى الجنوب مطلق الحرية في البحث عن خياراته التي تناسبه، ولكن هذه الخيارات لا تشكل ضغوطاً على السودان ومواقفه من بناء مصالح مع الجنوب، واردف: (ولكن يبدو أن الحديث عن هذه الخيارات الآن مجرد مناورات من حكومة الجنوب للضغط على سير المفاوضات لجهة الوصول للجهة التي يريدونها، ولكننا في حكومة السودان لدينا رؤية واضحة لاستخدام الجنوب لخطوط الأنابيب وموانئ التصدير ومراكز المعالجة، وتم طرح هذه الرؤية بوضوح من خلال المفاوضات بأن يدفعوا رسوم عبور وخدمات محددة، وهذه الرسوم مطروحة للتفاوض الآن، أما خياراتهم الثانية، فهم وشأنهم، فمن حقهم أن يبحثون عن بدائل وخيارات، ولكن في رأينا لن يجدوا خيارا أفضل لتصدير نفطهم خلاف الأراضي السودانية، والامر متروك لهم الآن ليقرروا بشأن خياراتهم).
سوق الخيارات
ويرى بعض الخبراء أنّ دول إيقاد غير محايدة في مواقفها تجاه المفاوضات الجارية الآن بأديس أبابا بين السودان وجنوب السودان، كما ان المصالح الاقتصادية لا حياد فيها، وبالتالي فإن الفوز في (سوق الخيارات) المطروحة الآن أمام حكومة الجنوب بشأن تصدير النفط لصاحب الخيار الاقتصادي والميزات التفضيلية، لتختار بذلك حكومة الجنوب هذا الخيار، الذي يرى الخبراء أنه من نصيب الخيار السوداني خاصةً وأنه أفضل خيار اقتصادي من حيث قيمة رسوم العبور وعنصر الوقت الذي يتدفق به النفط وعائداته، فضلاً عن كونه مجرب الآن وآمن، مُقارنةً ببقية الخيارات الكينية او الاثيوبية المطروحة، التى تستغرق وقتاً تفقد خلاله دولة جنوب سودان موارد لا يمكن تبريرها.
(حكى فاضي)
ويؤكد د. عز الدين ابراهيم وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق، أن الحياد له معنى سياسي، ولكن هذا الحياد ليس وارداً في المصالح الاقتصادية التي قال إنها لا تعرف الحياد، واعتبر د. عز الدين في حديثه لـ (الرأي العام) حديث حكومة الجنوب عن خيارات بديلة لتصدير نفطها عبر الاراضي الكينية أو الاثيوبية نوعا من المناورة وضربا من الأحلام، خاصة وأن إنشاء هذه الخطوط يحتاج الى وقت وتكاليف مالية، وبالتالي يخلو هذا الحديث عن ممارسة ضغوط على السودان لمنح تنازلات بشأن تصدير نفط الجنوب عبر أراضيه، بل اعتبره (حكى فاضي)، لكن المفاوض السوداني يعلم جيداً ماهية هذه الخيارات وفرص تحقيقها على الأراضي.
واستبعد د. عز الدين أن يؤثر حديث حكومة الجنوب عن توقيعها لمذاكرات تفاهم كينيا واثيوبيا لتصدير نفطها على المفاوضات الجارية الآن باديس ابابا، بل توقع د. عز الدين التوصل الى اتفاق بشأن تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية بأن يكون هذا الاتفاق في حدود ما توصل اليه البلدان فى المفاوضات السابقة التي فشلت بعد أن تم التوصل الى اتفاق بسبب ربط حكومة الجنوب للتوقيع على هذا الاتفاق بضرورة مناقشة كل القضايا العالقة كالحدود وأبيي.
التوصل إلى اتفاق
وعزا تفاؤله بالتوصل لاتفاق الى ما وصفه بالاختبار العملي لدولة جنوب السودان لمدى تحملها لفقدان عائدات النفط التي تعتمد عليها كلياً في إدارة اقتصادها والوعود التي أطلقتها لها بعض الدول بدفع موارد مالية لها، وفشلها في إصابة الاقتصاد السوداني بضرر حقيقي الذي قال انه تجاوز الأزمة التي ظهر حجمها صغيرا مقارنةً بالتوقعات بانخفاض الناتج المحلي الاجمالي وارتفاع كبير في اسعار الدولار الذى انخفض الآن بعد استقطاب قروض من بعض الدول الصديقة والشقيقة، فَضْلاً عن ان دولة الجنوب تواجه مشكلة تعويض الشركات المستثمرة في النفط جراء توقف تدفقه الآن، كما أن دولة الجنوب بحلول الشهر المقبل ستفقد موارد البترول عملياً بعد استلامها لآخر شحنات باعتها من النفط المصدر عبر الاراضي السودانية خلال هذا الشهر ما يشكل ضغط عمل على قدراتها لفقدان هذه الايرادات التي كانت تستخدمها في تسيير شؤون الحكم والدولة، وبالتالي فإن فرص التوصل الى الحل ممكنة الآن بعد هذا الاختبار العملي.
بدائل الرسوم
حول البدائل المتاحة أمام الخرطوم حال الفشل في التوصل الى اتفاق بأديس أبابا رغماً عن هذا التفاؤل الذي أبداها، قال د. عز الدين إن فقدان رسوم عبور نفط الجنوب يؤثر على الميزانية الحالية بنسبة (27%) من ايراداتها أي نحو (5.6) مليارات جنيه، ويمكن امتصاص هذا التأثير عبر معالجات داخلية لا تؤثر مباشرة على الصرف على الميزانية في الفصل الاول او التسيير، وانما يمكن تعطيل أو تجميد بعض مشروعات التنمية كمطار الخرطوم الدولي أو بعض المشروعات التنموية التى قال انها أحياناً تتوقف لاسباب عديدة غير اسباب التمويل، كما يمكن سد عجز الميزان الخارجي البالغ (2.5) مليار دولار أيضاً باستقطاب قروض ومنح خارجية بدأت تتدفق الآن الى بنك السودان، الى جانب زيادة الصادرات غير البترولية خاصة الذهب، كما يمكن زيادة إنتاج النفط وتصديره خلال النصف الثاني من هذا العام تقريباً في يوليو المقبل.
صراع المصالح
وحول احتدام صراع المصالح بين دول إيقاد في الاستفادة من اقتصاد الجنوب الناشئ وفرص تعطيل المصالح السودانية خلال مفاوضات أديس أبابا قال د. عز الدين ان الاقتصاد الكيني اكثر اقتصاد مستفيد من اقتصاد جنوب السودان الناشئ بنسبة (75%)، بينما يستفيد الاقتصادان الاثيوبي واليوغندي بنسبة (25%) الآن، خاصة وان التجارة بين الشمال والجنوب متوقفة منذ فترة، الى جانب توقف النفط الآن الذي لم تدفع حكومة الجنوب عائدات رسوم عبورها للسودان ما اضطر الحكومة لأخذ كميات عينية، وبالتالي هنالك صراع مصالح واضحة، ولكن اقتصادات هذه الدول غير قادرة على توفير احتياجات الجنوب، كما أنّ اقتصاد يوغندا وكينيا مع بعض لا يساويان اقتصاد ولاية الخرطوم ناهيك عن أثيوبيا، وبالتالي مصالح الجنوب الأساسية مع السودان الدولة الام التي اقتصادها لم يتضرر كما أرادت ذلك حكومة الجنوب وبالتالي عليها ان تلجأ الى بناء علاقات مصالح مع السودان.
عدم الرضوخ
وفي السياق، يرى د. عثمان البدري الأستاذ بمركز الدراسات الإنمائية بجامعة الخرطوم ان دول إيقاد لم تكن محايدة إبان حمل الحركة الشعبية للسلاح، وباتت الآن بعد الانفصال اكثر…. عدم حيال لان مصالحها مع الدولة الوليدة، وأضاف د. البدري في حديثه لـ (الرأي العام): ليس من مصلحة أثيوبيا أو كينيا أو يوغندا استقرار الأوضاع في السودان وجنوب السودان او بناء البلدين لعلاقات اقتصادية إستراتيجية بينهما، وبالتالي من مصلحتها عدم التوصل الى اتفاق في اديس ابابا، وان تكون مصالح الجنوب معها وتستفيد من رسوم عبور نفطه عبر اراضيها، الى جانب انسياب تجارته أيضاً عبرها.
ودعا د. البدري الحكومة الى عدم الرضوخ للضغوط التي تسعى حكومة الجنوب الى ممارستها على مفاوضات اديس ابابا بأنها وقعت اتفاقيات أو مذكرات تفاهم مع كينيا أو أثيوبيا لتصدير نفطها، مؤكداً ان الدراسات العملية أثبتت أن نفط الجنوب أفضل خيارات لتصديره عبر الاراضي السودانية، كما أن إنشاء الخطوط يستغرق وقتاً لا تقدر حكومة الجنوب على تحمله حتى إذا وجدت من يشتري النفط بعقود آجلة أو استخدام النفط كضمانات إئتمانية للحصول على قروض، فإن الخصائص الفيزيائية والكيمائية لنفط الجنوب تتأثر بتوقف الانتاج الآن وبالتالي تتأثر سلباً الآبار المنتجة الآن.
بدائل عديدة
وحول بدائل الحكومة إذا فشلت مفاوضات أديس أبابا في التوصل إلى اتفاق، قال د.البدري إن الحكومة لديها بدائل عديدة أهمها التوجه نحو الزراعة وتحديداً المشاريع المروية مع ربط أي إنتاج زراعي بالتصنيع من أجل تحقيق القيمة المضافة لهذا الإنتاج

[/JUSTIFY]

الراي العام – سنهوري عيسى

‫2 تعليقات

  1. يا سيد سنهوري المقال طويل ومكرر في نفسه وياريت تختصر في الحلقه القادمه وما في زمن لقرات مثل هذا؟ المهم فعلا كينيا واثيوبيا بيبحثوا عن مصلحه بلدهم في المقام الاول ومن الغلط تكون المباحثات في اديس ابابا وكانت مفروض تكون في دوله محايده مثل قطر او اي دوله عربيه اخري! وبعدين لانو الجنوب حاسد بيعمل كدا ويعني شنو لو سمحت بضخ البترول عبر الشمال مده الحياةعلي الاقل الخير هايمشي للاشقاء مشي الاغراب وغير ما تخسر في النهايه ما ها تلقي شئ وضياع الوقت والمال من اجل الحساده والمستفيد الغريب كينيا واثيوبيا وربما رد للجميل في ايؤاها زمن التمرد ودعمها بالمال السلاح:confused:

  2. [SIZE=5]اي رضوخ معناه ضياع الشمال لان الحركة من خلفها شركات البترول المسنوده من قبل دولها هي من تخطط ومن يهن سوف ينداس ويطحن طحين الشيء الاخر هل القضية قضية لحظة ظروف مالية ضيق اقتصادي اي كان اذا كان هنالك رضوخ مقابل مناطق او ابار هذا بيع وبقاء كراسي الغرض منه ولن ينتظر ولا يوم من يتخلى عن حقوقنا سوف نجتثاه من عروقه هذا مصير لا تلاعب لا نريد شخص ينظر للامور كقضية مالية تستقلها الحركة فقط هي تستقل هذه الظروف لبيع الشمال بالمجان بدون مقابل شبر لا تفريط من يخاف يقدم استقالته يمشي بيتهم نريد الصمود لا نريد تفكير ضيق نريد بعد نظر النظر لكل الحدود وما يوجد باطن الارض الموقع لا نريد اشخاص لا علاقة لهم بطبيعة الناس الارض مشاورة اهل الجلوجيا مشاورة اهل الامن مشاورة الرعاة مشاورة المزراعين لا نقع في خطا قاتل[/SIZE]