في صالون الراحل سيد أحمد الخليفة: الحكومة والمعارضة قصة مواجهة ساااخنة
كاد الدخان أن يتصاعد وفكر البعض في استدعاء سيارات الإطفاء تحسبا للمواجهة الملتهبة التي دارت أمس (السبت) بصالون الراحل “سيد أحمد الخليفة” بالخرطوم، مواجهة توزعت بين الحكومة ممثلة في وزير الدولة برئاسة الجمهورية والقيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر والقيادي بتحالف المعارضة والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر بالإضافة إلى وكيل وزارة العدل عصام عبد القادر وكادت المواجهة تكتمل بوجود الناطق باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد لولا اعتذاره الطارئ عن الحضور.
الصالون الذي تقسم الحوار فيه لقسمين الأول تناول قضايا الحركة الإسلامية والمذكرات التي أصبحت تضج هذه الأيام في دور قطبي الحركة الإسلامية (الوطني، الشعبي) وتناول في محوره الثاني قضايا الفساد ودور وزارة العدل في هذا الملف المثير للجدل خاصة أن الصحافة تخوض هذه الأيام معارك متعددة في محور الفساد، ووجهت أسئلة صعبة لمولانا عصام عبد القادر لدرجة أن أحد الحضور طالبه بأن يقدم إقرار ذمة على الهواء مباشرة ونشر ممتلكاته للرأي العام .
كمال عمر وقصة الكتاب الأسود
منذ التحية المتحفزة بعض الشيء بين القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر والقيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر عرفت أن النقاش عندما يفتح ستبدأ معركة الرجلين وهذا ما كان ولكن اللغة المستخدمة كانت بمعنى “إياك أعني”.
في البدء تحدث كمال عمر عن قضية المذكرات في الحركة الإسلامية التي اعتبرها ظاهرة قديمة تعبر عن مستوى الديمقراطية داخل هذه الأطر التي تطرح فيها هذه المذكرات، مشيرا إلى أنها تحولت مؤخرا لتشكل لوبيات ضغط تتخطى اللوائح التنظيمية والأطر القانونية.
وفي حديثه رجع عمر قليلا لقضية انقلاب الجبهة الإسلامية على الديمقراطية في 1989م مشيرا إلى أن قرار الانقلاب في ذلك الوقت كان موضوعيا ولم يكن ضد الديمقراطية وإنما ضد هيمنة العسكر الذين حاولوا إقصاء الجبهة الإسلامية بأي طريقة لو لم تنقلب الجبهة عليهم لنالوا “رقاب” قادة الحركة الإسلامية، وأشار إلى أن الاتفاق كان يحدث انفتاحا وديمقراطية وهذا لم يحدث لذلك جاءت المفاصلة التي اعتبرها قاصمة الظهر وأدت لانفصال الجنوب وإشعال قضية دارفور وأن الإثم يتحمله الذين يوجودون في السلطة الآن، مشيرا إلى أن هنالك خلافا حقيقيا وجوهريا ما يزال قائما بينهم والمؤتمر الوطني وهو على “فكرة وليس سلطان” وأشار إلى أن الزمان لو عاد بهم للوراء لما فكروا في الانقلاب على الديمقراطية متوقعا إذا جاءت ثورة وبعدها انتخابات لصعدت القوى الإسلامية مثلما حدث في مصر وتونس، مشيرا إلى أن الحل الآن يتمثل في إقامة حكومة انتقالية قومية ترتب لانتخابات.
مذكرة الشعبي
نفى عمر بشكل قاطع وجود مذكرات داخل حزبه مرجعا الأمر لأن لا أحد داخل المؤتمر الشعبي يريد الانقلاب على الأمين العام د. حسن الترابي وهنا رد عليه أمين حسن عمر بالقول: “الخلاف ليس في تفكير الترابي وإنما في تدبيره” نافيا أن يكون حزبه عنصريا، مشيرا إلى أن البعض يتهم المؤتمر الشعبي بكتابة “الكتاب الأسود” إلا أن هذا الأمر غير صحيح مشيرا إلى أن أغلب من وضعوا الكتاب هم عضوية الآن في المؤتمر الوطني .
كما وجه عمر انتقادات حادة للمؤتمر الوطني واصفا إياه بأنه مصاب “بعمى الألوان” ويسد كافة الطرق أمام المعارضة التي اعتبرها الآن قد رتبت صفوفها لإسقاط النظام واتفقت على إعادة هيكلتها وأنها أعدت الترتيب حتى للفترة الانتقالية.
د. أمين حسن عمر: “نحن دافننو سوا ”
القيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر الذي انشغل أثناء حديث عمال عمر بتدوين العديد من الملاحظات على جهاز “آي باد” أرجع انقلابهم في 89 لأن البعض حاولوا أن يردوا عليهم بالقوة فبادروا وقتها باستخدام تلك القوة والاستيلاء على السلطة، مشيرا إلى أن بعض قادة الشعبي الآن عارضوا بعدها قضية إتاحة الحريات وقضية انتخاب الولاة مشيرا إلى أن حديث د. حسن الترابي وكمال عمر عن توبتهم عن الانقلاب غير صحيح بدليل محاولة الانقلاب في 2003م وأضاف موجها الحديث لكمال عمر “نحن دافننو سوا” .
وأشار أمين إلى أن قضية المذكرات موجودة داخل المؤتمر الوطني وقديمة وأن أول مذكرة قدمت عام 1992م قدمها فتحي خليل وتحدثت عن عودة الحركة الإسلامية مشيرا إلى أن في مذكرة العشرة التي مهدت للمفاصلة اتهمه البعض بالانحياز لمعسكر الترابي ورفضه لقرارات رمضان وبسبب ذلك أخرج من الوزارة مشيرا إلى أنه لم يكن يختلف حينها مع الترابي كليا ولم يتفق معه أيضا بشكل كامل مشيرا أن قبل مذكرة “الألف أخ” قدمت مذكرة من نواب مشيرا إلى أن البعض داخل المؤتمر الوطني قد انزعج من هذه المذكرات واعتبر أنها قد تكون مؤامرة من المؤتمر الشعبي إلا أنه أشار إلى أن قيادة المؤتمر الوطني ليست منزعجة من هذه المذكرات كاشفا عن تشكيل خمس لجان عقب تقديم المذكرة ووضع ورقة عمل بعنوان “رؤية جديدة”.
كما اعتبر د. أمين حسن عمر حزب المؤتمر الشعبي أحد العوامل الرئيسية التي أدت لتوسيع قضية دارفور وعدم التوصل لحل فيها إلى الآن وأن له علاقة بحركة العدل والمساواة وأشار إلى أنه التقى د. خليل إبراهيم خارج البلاد عندما كان في المؤتمر الشعبي وقال له إن المؤتمر الشعبي يريد أن ينشئ حركة باسم العدالة بإقليم دارفور” مرجعا أحد أسباب عدم توحد الحركة الإسلامية من جديد عدم وجود ثقة بين القيادات في الطرفين مشيرا إلى أن أنهم لا يحتكرون اسم الحركة الإسلامية ويمكن حتى تغيير اسمها لأي شيء آخر.
إجماع ما في
كما شن أمين حسن عمر هجوما عنيفا على قوى الإجماع الوطني وأشار إلى أنها أبعد بكثير من دلالات هذا الاسم خاصة وأن حزب الاتحادي الأصل الآن في الحكومة وحزب الأمة “رجل في السرج ورجل على الأرض- على حد قوله، مشيرا إلى أن النظام الذي تتحدث قوى الإجماع الوطني عن إسقاطه ليس “بيضة” من الساهل إسقاطها وتكسيرها معتبرا أنه إذا أراد تغيير الحكومة فهذا أمر اعتبره سهلا ويتم عبر الرفض الشعبي لهذه الحكومة والتعبير عن ذلك بالمظاهرات إلا أنه إذا أريد إسقاط النظام بمعنى الدستور والمؤسسات فهذا أمر آخر مشيرا إلى أن القوى المعارضة “انتهازية” وتستخدم الشعب “درقة” للوصول للسلط .
د. أمين حسن عمر الذي كان ممسكا بملف مفاوضات الدوحة أشار إلى أن الاتفاق يعول على أهل دارفور وليس الحركات المسلحة مشيرا إلى أن الظروف الاقتصادية ستؤثر على اتفاق الدوحة إلا أنه توقع أن مؤتمر المانحين الذي ترتب له دولة قطر سيكون كافيا بالإضافة للأموال الموجودة أصلا ستعمل على تجاوز الثلاث السنوات القادمة، وحول خروج نائب رئيس حركة التحرير والعدالة وعودته للحرب مجددا أشار عمر إلى أن عبد الشافي أراد أن يكون واليا في زالنجي ولكن نسبة للظروف السياسية وأن رئيس السلطة من قبيلة الفور لا يسمح بأن يكون أيضا الوالي في زالنجي من ذات القبيلة ولكنه لم يتفهم الأمر واعتبر أن إسقاط النظام أقرب إلى أن تحقيق رغباته، وأضاف: “عبد الشافي خرج من حركة التحرير والعدالة مثلما تخرج الشعرة من العجين ليس معه أحد” مشيرا إلى أن حركة العدل والمساواة مثل المؤتمر الشعبي لا تريد التفاوض وإنما إسقاط النظام وهذا أمر غير قابل للتفاض وأضاف: “إذا أرادوا إسقاط النظام فليأتوا لإسقاطه”.
وكيل العدل: السيوف مشرعة على الفساد ولكن (…)
الضلع الثاني من المواجهة بالأمس كان بعيدا بعض الشيء من السياسية ولكنه قريب أيضا منها بشكل أو بآخر وهذا ما جعل وكيل وزارة العدل مولانا عصام عبد القادر حضورا في جلسة الأمس ووجه إليه العديد من الأسئلة والاتهامات وصلت لمطالبته من أحد الحضور بأن يقدم إقرار ذمة جماهيري إلا أنه رد بهدوء على تلك الاستفهامات واعتبر أن المتحدثين عن الفساد ثلاثة أنواع منهم من لديه معلومات بها شيء من الصحة وليس لديه أجندة خاصة في هذا الأمر ومنهم من لديه توجهات جادة في محاربة الفساد وثالث يريد فقط استخدام قضايا الفساد وإثارتها لمحاربة الدولة، واعتبر الأخير هو الأعم مشيرا إلى أن الحديث عن الفساد والتعدي على المال العام ليس بحجم “الضجة المثارة حوله”.
كما اعتبر مولانا عصام عبد القادر أن محاربة الفساد عبر ثلاثة محاور: وجود تشريعات كافية لضبط الفساد بجانب وجود آليات لإنفاذ هذه التشريعات وأن تكون قابلة للتنفيذ بالإضافة لضرورة توفر إرادة سياسية من الدولة لمحاربة الفساد، وأشار إلى أن كل هذه المطلوبات الآن متوفرة وأن المعايير الموضوعة لمحاربة الفساد مطابقة للمعايير العالمية مشيرا إلى أن حالات الفساد بحسب آخر تقرير للمراجع العام وصلت إلى (39) حالة بمبلغ وصل إلى (5,308) مليون جنيه وأشار إلى أن (8) من هذه الحالات حسمت قضائيا وصدرت بها أحكام وأن (11) قضية استرد المال المنهوب خلال مرحلة النيابة “تسوية”، بجانب (7) حالات قيد النظر أمام المحاكم و(7) حالات قيد التحرير أمام النيابة و(3) من القضايا التي لم يقبض فيها على المتهمين و(3) قضايا شطب البلاغ فيها لعدم كفاية الأدلة، مشيرا إلى أن هنالك جدية في محاربة الفساد وأن مؤسسة في الدولة استثنيت من المراجعة من قبل المراجع العام هذا العام.
ونفى مولانا عبد القادر وجود قصور في تأهيل منسوبي وزارة العدل إلا أنه أشار لوجود مشروع لهيكل إداري جديد مشيرا إلى أن بالوزارة (800) مستشار قانوني إلا أن أكثر من 60% منهم موجودون في الخرطوم إلا أنه أشار إلى أن هؤلاء المستشارين سيوزعون على الولايات.
السوداني – تقرير: خالد أحمد
سؤال يطرح نفسه من الذى اخرج هذه المعلومات ولماذا خرجت حتى اصبحت تقرا فى الصحف وما هى الرساله الذى خرجت من اجلها