تحقيقات وتقارير

عندما قال وردي : أنا لو عارف الجبهجية ديل بحبوا الغُنا كان جيت من زماااان

يُحكى أنّ الفنان الراحل محمد وردي عندما عاد إلى أرض الوطن الذي هجره لمدة (13) عاماً بعد مجئ الانقاذ، تفاجأ برحابة الاستقبال وكرمه من الرئيس البشير ووزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين وقيادات أخرى في الدولة والحزب الحاكم، فعلق على ذلك بطريقة لاذعة عندما قال، والعهدة على الراوي: (أنا لو عارف الجبهجية ديل بحبوا الغُنا كان جيت من زماااان).
لكن في الواقع ليس قادة (الجبهجية) وحدهم مَن يحب وردي بالضرورة، فهناك القادة الشيوعيون والاتحاديون وغيرهم الملايين من عامة الشعب الذين اختلفوا في كثير من القضايا إلاّ أنّهم – وعلى اختلافهم – اتفقوا على وردي إلاّ قليلاً فيما يبدو، فقد كان الراحل صاحب فكرة ومشروع، ولم يكن محض مغنى يطرب الناس ثم يمضوا إلى حال سبيلهم من غير أن يحدث فيهم أثراً ويحفر عميقاً في دواخلهم.
ولعل المفارقة الجديرة بالإشارة هنا، أن كلمات وردي العذبة طاردت حتى أذني الشيخ الراحل محمد هاشم الهدية الرئيس السابق لجماعة أنصار السنة، فعلّق ذات مرة في برنامج (أسماء في حياتنا) التلفزيوني على أغنية المستحيل بصورة تندر معها البعض عندما زعم بأن وردي هو فنان أنصار السنة، رغم موقفهم العقدي من الغناء والمعازف، فقد اعتبر الشيخ الهدية وقتها أغنية المستحيل من الأغاني التي تحمل في جوفها قدراً لافتاً من التوحيد والتسليم بالقضاء والقدر، خاصة في هذا المقطع الذي يقول:
(لو بإيدي كنت طَوّعت الليالي
لو بإيدي كنت ذللت المحال
والأماني الدايرة في دنياي ما كانت محال
دي الإرادة ونحن ما بنقدر نجابه المستحيل
دي الإرادة والمقدّر ما بنجيب ليه بديل
دي الإرادة أجبرتني في هواكم من قبيل)
علاقة الرئيس البشير مع الفنان محمد وردي وأغانيه غير منكورة، بل ربما تكون فيها شئ من الخصوصية كتلك العلاقة التي جمعت الراحل وردي مع الفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع، فالرئيس – حسب مقربين جداً منه – يسمع وردي كثيراً كما يسمع الفنان الراحل عثمان حسين كذلك ولعل حبهما لهذا الثنائي الإبداعي تجلى في الصلاة على جثماني الفقيدين والوقوف على مواراتهما الثرى قبل أن يعود مغبراً بالأحزان.
علاقة الرئيس، تعدت مجرد الاستماع إلى الغناء معه في جلسة خاصة كما ظهر في إحدى الصور المتداولة على نحو واسع.. لكن البشير في حبه لوردي لم يكن إستثناءً فيما يبدو، فقد تقاسم معه ذلك الحب قيادات ذات وزن سياسي ثقيل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
الأستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني من أشد المعجبين بالفنان الراحل محمد وردي، وليس في الأمر عجبا، فقد كان وردي رفيق نضال وسجون ومغنى منذ تهجير النوبيين في عهد عبود، وإلى أن تخلى عن إنتمائه الحزبي الضيق واتجه إلى رحابة الوطن الفسيح يثرى وجدانه ويلهب حماسه ويقدم في كل يوم دروساً مجانية في اللحن والنغم الفريد.
الفنان عبد الكريم الكابلي يمكن أن يطلق عليه فنان الإمام السيد الصادق المهدي، وربما أسرته كذلك فهو أكثر من يسمعه الإمام، لكن الإمام يسمع كذلك للفنان محمد وردي، والذي يبحث في عربته سيجد (أشرطة كاسيت) للفنان الوردي. تعامل الإمام مع الأستاذ وردي كفنان وكإنسان كذلك كان يسأل عن أحواله باستمرار ويزوره في مشفاه، وكان حاضراً معه في مشواره الأخير بمقابر فاروق.

270314331058481 وردي السياسي، طغى على وردي الفنان في بعض الأحيان، فالتف حوله الكثير من القيادات، أو اقترب منهم أو اقتربوا منه بعد أكتوبرياته الخالدات مثل قصيدة محمد مفتاح الفيتوري التي يقول مطلعها:
أصبح الصبح… فلا السجن ولا السجّان باق
وإذا الفجر جناحان يرفان عليَ
وإذا الحزن الذي كحل هاتيك المآقي
ثم حدثت جفوة بينه وبين كثير من القيادات السياسية خاصة على أيام نظام نميري الأولى عندما كان يمجِّد مايو وقائدها على حساب التعريض بالأحزاب من قبيل: (إنت يا مايو الخلاص يا جداراً من رصاص)، و(يا فارسنا وحارسنا.. يا بيتنا ومدارسنا.. كنا زمن نفتش ليك.. وجيتنا الليلة كايسنا). ثم كفّر وردي عن أغانيه تلك عندما قال بعد انقلاب هاشم العطا في العام 1971م للنميري: (لاك حارسنا ولا فارسنا يا القفّلت مدارسنا). وبالتالي، لم يكن مستغرباً أن يتسم موقف الرئيس الراحل نميري الفني من وردي بالتذبذب بعد أن تأثر كثيراً بموقف وردي السياسية المتقلبة، حسبما أكد لي أحد المقربين من الراحل.
د. جون قرنق دي مبيور رئيس الحركة الشعبية السابق، كان من أكثر القيادات السياسية حباً وسماعاً لوردي، فقد كان لا يكف عن المجاهرة بسماع أغانية وترديدها أحياناً في مجالسه الخاصة، وربطت بينه ووردي على أيام التجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا علاقة يمكن وصفها بالصداقة، حتى ان قرنق قد قام بزيارة للفنان وردي إبان أيامه المعدودات التي قضاها بالخرطوم ودعاه لزيارة رومبيك للغناء هناك.
الحديث عن غناء وردي في الجنوب ربما يشكل مدخلاً مناسباً لعلاقة وردي بالدكتور حسن الترابي، فقد كان الترابي أحد حضور الحفل الذي أحياه وردي بأحد مسارح جوبا في يوليو الماضي بمناسبة حفل إعلان الدولة. وقتها لم يكتف بالحضور، وإنما صعد لخشبة المسرح و(يُبشر) أمام وردي وبقي للحظات لم يترجل فيها عن المسرح فور (تبشيره) وإنما وقف بمحاذاة وردي وهو يُلوِّح بكلتا يديه للجمهور قبل أن يلتقط فيما بعد صوراً تذكارية.
صعود الترابي إلى خشبة المسرح و(التبشير) أمام وردي ربما يشير للوهلة الأولى لخصوصية علاقة الترابي بوردي والجنوبيين الذين هنأهم الترابي بدولتهم الجديدة، ولكن عندما تحدثت مع السيدة وصال المهدي بالأمس، نفت لي أن يكون زوجها من الذين يسمعون الأغاني سواء أكان الفنان وردي أو غيره، أما هي فقد أكدت أنها تستمع أحياناً إلى أغاني الحقيبة الرصينة، ولكنها لم تستمع لوردي منذ أن هاجمهم في بدايات مايو بأغنياته التي يقول فيها: (يا مايو يا سيف الفداء المسلول.. نشق أعداءنا عرض وطول).
مهما يكن من أمر، فإن الفنان الراحل محمد وردي كان كبيراً في كل شئ فيما يبدو، وبالتالي ليس غريباً أن يحبه الكبار بصورة لا ينافسه فيها أحد من الفنانين، كما هو الحال مع العامة والمثقفين كذلك. ففي ثراء فنه وتنوع أغانيه من الرومانسية والعاطفية والتراث النوبي والأناشيد الوطنية والثورية ما يكفي لحبه، حب فنه بالطبع. وإن اختلف البعض مع آرائه السياسية الجريئة، ولكنهم يتفقون معه فنياً، فاختلاف الرأي لا يفسد لـ (الغناء) قضية
الراي العام
فتح الرحمن شبارقة

‫5 تعليقات

  1. [B][FONT=Arial Black][FONT=Arial][SIZE=5][SIZE=5][B][B][B][SIZE=7][SIZE=3][FONT=Arial]الله يرحمك ياوردي قدمت للسودان اغلي الاغاني واسمي المعاني واعزب الالحان ولكل اجل كتاب والحمد لله علي كل حال لكن موت وردي بمثابة كل القضايا الكبيرة التي تخص السودان مثل الانفصال او البترول [/FONT][/SIZE][/SIZE][/B][/B][/B][/SIZE][/SIZE][/FONT][/FONT][/B]

  2. بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم : ياحنان يامنان ياواسع الغفران اغفر له وارحمة وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس

    اللهم : أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار

    اللهم : عامله بما انت اهله ولا تعامله بما هو أهله

    اللهم : ان كان محسنا فزد فى حسناته وان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته

    اللهم : أدخله الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب

    اللهم : انزله منزلا مباركا وانت خير المنزلين

    اللهم : انزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

    اللهم : أجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار

    اللهم : أفسح له قبره ومد بصره وأفرش قبرة من فراش الجنة

    اللهم : أعذه من عذاب القبر وجاف الأرض عن جنبيه

    اللهم : أملأ قبره بالرضا والنور والفسحة والسرور

    اللهم : قه السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته

    اللهم : أغفر له فى المهديين واخلفه فى عقبة فى الغابرين واغفرلنا وله يا رب العالمين وأفسح له فى قبره ونور له فيه

    اللهم : اجعل عن يمينه نورا وعن شماله نورا ومن امامه نورا ومن فوقه نورا حتى تبعثه آمنا مطمئنا فى نور من نورك

    اللهم اغفر لى وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات يوم يقوم الحساب

  3. [COLOR=#FF003E][B][SIZE=3]
    سؤال للأخوة الزوار ** لو كان وردي يعلم أنه قد تبقى له في الحياة أربعون يوماً ** وسمع كلام الإمام الذي نصحة بترك الغناء وقضاء ما تبقى له من أيام في عبادة الله ؟؟؟ ماذا كان سيكون رده وماذا كان سيفعل ، وماذا كان سيفعل أي واحد منكم .
    وقد جاء في الأثر أن الإنسان عندما يتبقى له أربعون يوماً في الحياة تسقط ورقته من (سدرة المنتهى ) وفيها كافة بياناته وأجله فتأخذها الملائكة ( حتى جاء أجله توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) فنسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة [/SIZE][/B][/COLOR]

  4. يا سلالالالالالالالالام … ياهو دا لسودان وياهو ديل السودانيين … شعب فريد ومتفرد شعب أصيل والسماحة متأصلة فيهو … شعب سمح ومتسامح …الفنان الراحل كان عدو الإنقاذ الأول وفي الإنتخابات الرئاسية الأخيرة دعم عدو السودان الأول النكرة ياسر عرمان في مواجهة البشير !!!وبالرغم من ذلك يجد الاستقبال والتكريم من قادة الإنقاذ عند عودته من منفاه الإختياري والطوعي … بل وعند مماته يتقدم قادة الإنقاذ الصفوف للصلاة على جثمانه … يا سلالالالالالالالالام أصيل ياالبشير.. ياأخوانا عليكم الله تعالوا نتعاهد جميعا كسودانيين أن لا نترك مثل هذه الصفات السمحة تضيع مننا بسبب وسخ الدنيا … نعم نتناقش ونختلف لكن لا نتباعد ونتباغض ونتخاصم ونتحارب …نعم نختلف ثم نأتلف … وملعونة أبو السياسة … رحمك الله ياوردي وغفر لك … اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة …اللهم وسع مدخله واجعل سورة الملك منجية له ومحاججة عنه في قبره يا رب العالمين .

  5. (انا لله وانا اليه راجعون) اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وانزل السكينه والصبر والسلوان علي ذويه ومحبيه واجعل البركه في ذريته …
    حقيقة وردي هو فنان السودان الاول بل فنان افريقيا ورفع اسم السودان عاليا في المحافل الدولية فنسال الله بقدر مااحبه جمهور السودان عامه ان يبدله بدار خير من داره وان يغسله بالثلج والماء والبرد وان ينقه كما ينقاء الثوب الابيض من الدنس ..