سياسية
الحكومة والمعارضة.. الاتفاق على عزف الأغاني الوطنية ..لا صوت نشاز في معركة هجليج
ولأجل الوطن، أكّد بروفيسور إبراهيم أحمد عمر، مستشار رئيس الجمهورية القيادي بحزب المؤتمر الوطني، على أهمية التقارب والتواصل بين القوى السياسية دعماً لمساعي القوات المسلحة التي وصفها بـ (يد وساعد الأمة) في طَرد قوات الجنوب الغازية لأراضي هجليج رغماً من إدراكها – أي قوات الجنوب – بعدم دخول المنطقة المليئة بالنفط والغاز ضمن المناطق المتنازع عليها بين دولتي السودان الخلف والسلف في تناسٍ واضح لكل المواثيق والعهود، وفي جحود بَيِّنٍ لكل تنازلات الخرطوم القاسية في بحثها المضني عن السلم والاستقرار حَد باتوا يوصفون معه بالمتراخين والمتساهلين، ونادى القوى السياسية كافة بمؤازرة الجيش رداً على عنجيهة دولة الجنوب المسنودة بقوى ومخططات خارجية غايتها تفتيت السودان وتعمل منذ منتصف القرن الماضي، قاطعاً بأنّ الوقوف مع قوات الشعب المسلحة، وقوفٌ مع الوطن وترابه وكرامته، وقال: الوقوف مع الجيش لا يصغر أحداً ولا يسجل نقطة ضده، كما لا يعني التخلي عن البرامج والأُطروحات السياسية، وإنما هو وقفة لاسترداد الأرض والكرامة قبل أن يحث على بناء جسور الثقة بين مكونات الساحة الداخلية ارتكازاً على ظهر – أو جسر – الجيش القومي ولكنه في المقابل ? والحديث لا يزال لعمر- على المؤتمر الشعبي تناسي شعاراته القاضية بإسقاط النظام، كما على بعض من دهاقنة الاتحاديين التوقف عن تعاطي سياسة (رِجل جوّه ورِجل برّه) التي ينتهجونها تماشياً مع المرحلة.
الظهور الأول
وفي ظهوره الأول في فاعلية سياسية ببزّة الأمين العام لحزب الأمة القومي، عاد د. إبراهيم الأمين إلى جذوره الأكاديمية بتوصيف ما تَمّ في هجليج على أنه مُحاكاة لما يطلقه الجسد من آلام يفرزها على هيئة أعراض في رحلة البحث عن التطبيب والتداوي من مرضٍ ما، وليدعو بعدها بصفتيه نطاساً وسياسياً لاتخاذ آلام هجليج مدخلاً لمعالجة المشاكل التي ألّمت وتلم بالوطن، وقال: لتكن هجليج دعوة لوقفتنا جميعاً مع الذات، وأضاف: إن لم نتصد للمخطط الرامي لتفتيت البلاد وفرّطنا فيها بعدم جلوسنا بكل شجاعة لحلحلة قضيتها بمنأى عن تصنيفات الحكومة والمعارضة فتلك سبة في جبينا.
هذا عن الحاشية، أمّا في المتن فطَالَبَ د. إبراهيم بحل مشكلات النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور عبر طاولة الحوار دون السماح للأجنبي بدس أنفه الطويل في الشأن الداخلي، ودون تطرف وتمترس في المواقف يؤدي إلى شَق النسيج الوطني، واختتم حديثه بثقته في قدرة القوات المسلحة على إعادة هجليج لكنف الوطن، وقال: نحن مع تحرير هجليج، وهي قضيتنا جميعاً وليست قضية المؤتمر الوطني.
حديث الشعبي
ومن نهاية حديث الأمين، انطلق اللواء محمد الأمين خليفة القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، لينزع جبة العقل والدين والوطن عمن تسوّل له نفسه كشف ظهر القوات المسلحة في دفاعها عن حياضه، وقال: دي قضية منتهية، وأبان عن عدم ممانعتهم الاستجابة لدعوات الدولة بالمشاركة في حوار حول هجليج، لكنّه عَاد وحَضّ على تسوير تلك القيم بأشجار وغرس الحرية، ونوّه لعدم قدرة شخص أو كيان – كائناً من كان – على احتكار الوطنية وحجرها عن الباقين، ولفت إلى تَوافر خام الشجاعة المادية بكثرة لدى أفراد الشعب السوداني فيما حاجة الجيش الماسة في تلك الآونة للدعم المعنوي، وقال: ذلك يحتاج الحرية، كما أنّ القضايا الكبرى لا تحتمل الحلول السهلة.
الواجب الأخلاقي
وفي ذات قضبان رفاقه، سَارَ د. علي السيد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بالدعوة لاسترداد وإلغاء غزو هجليج من قِبل دولة الجنوب، وقال: ذلك واجبٌ أخلاقي ووطني وديني، ويتطلب دعم وتأهيل القوات المسلحة وإعادة النظر في بعض الأخطاء العسكرية، بعدها رفع عقيرته بأهمية توحيد الجبهة الداخلية، داعياً المؤتمر الوطني لتقديم تنازلات حقيقية تُصب في مجرى المصالحة الوطنية، بجانب الكف عن تَخوين المعارضين ونعتهم بالطابور الخامس أو اتهامهم بالترويج لأزمة نفطية أو بممالاة حركات التمرد أو الاستقواء بقوى خارجية عبر آلية واضحة لضبط خطابه الإعلامي، مبيناً أن اللغة الآنفة الذكر تفرّق ولا توحد، وقدّم مقترحاً لقيام لجنة وطنية مكونة من (20 – 30) شخصاً من كل الطيف السياسي مُهمّتها خلق أرضية مشتركة بين فسيفساء الساحة السياسية تكون منطلقاً للوطن الذي يصبو له الكل.
خياران
أما د. كرار التهامي، رئيس جهاز شؤون السوادنيين العاملين بالخارج، القيادي بالمؤتمر الوطني، فاختار وضع المعارضة أمام خيارين أولهما: بمظاهرة مناوئي الخرطوم بحثاً عن إحراز أهداف سياسية، وثانيهما: بتغليب خيار مصلحة الوطن من خلال تقديم المبادئ الوطنية على رصيفتها السياسية، وقال في الصدد: شرعية وقدسية الدولة لا تَحتمل الإملاءات والإشتراطات في رسالة واضحة بأنّ دعم القوات المسلحة مطلق ومن المهم ألا تكتنفه الاستثناءات.
عقبها، وجه د. كرار بإعادة البصر كَرّتين في الأحاديث المشبعة بالإحباط وترى في احتلال هجليج بأنه أمر مفجع، وأوضح أنّ ذلك يحدث في أعتى الأمم، ودلل بحادثة الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، مشدداً أنّ (الرك) يقوم على رد الفعل، مبشراً بأن تكون ردة القوات المسلحة مساوية لطموحات الشعب، ومن ثم باهى بقوات الدفاع الشعبي التي اعتبرهاً رصيداً ضخماً في الذود عن الوطن بحالات الطوارئ.
الانسان والموارد
أيضاً، كان لحزب الحركة الشعبية تيار السلام ممثلةً في تابيتا بطرس، رأي في احتلال هجليج، إذ وصفت الوزيرة إقدام الجيش الشعبي التابع لدولة جنوب السودان على اجتياح المنطقة القابعة في عمق خارطة السودان، بأنه استهداف صريح لجنوب كردفان قبل أن توسع مظلة مدفعية جوبا لتشمل السودان بأكمله، وعزت اختيار الأخيرة لجنوب كردفان منفذاً لطموحاتها كونها زاخرة بالموارد، وغنيّة بإنسانها، موجهة الجهدين الرسمي والشعبي بالتضافر لانتزاع هجليج من أيادي الجنوب وقساوسة الكنائس وأئمة المساجد بالصلاة والصيام لأجل ذات الغاية.
حكومة الـ (15)
وبتحوّل المايكروفون ليد عبد الرؤوف بابكر سعد عضو المجلس الوطني عن دوائر الرهد، دعا الرجل بالنصر للقوات المسلحة ابتداءً ولدعمها بالغالي والنفيس في مرحلة ثانية، ومما ذكره العمل على تقصير الظل الحكومي (وصف الحكومة العريضة بالوارمة) واقتصار الوزراء على (15) في حدوده العليا لمُقابلة مُتطلبات المرحلة، وليكيل بعدها للحكم الفيدرالي بتوصفيه بالفاشل، ونادى بتفكيكه لصالح حفظ الموارد وتوجيهها لمحالها ومظانها الصحيحة.
وكما بدأنا بكرم الله دعونا نختم به، فالوالي قال بجاهزية الولاية لاستنفار (150) ألف مجاهد قادرون على احتلال جوبا ذاتها، نافياً أن يكون كلامه في الرقم أو الفعل نوعاً من الهزل، قبل أن يمارس عادته ويكيل لكمة خاطفة للمركز وولايات لم يسمها بقوله العصامي: (أموال اتحاد مزارعي القضارف واتحاد أصحاب العمل واتحادي الرعاة والعمال ستذهب للمجهود الحربي، وبذلك نكون موّلنا هذا العمل من خارج الميزانية وما محتاجين لأي قرش من ميزانية الولاية أو الميزانية المركزية، وأتمنى أن يحذو الآخرون حذونا[/JUSTIFY]
الراي العام