رفع الدعم عن الوقود .. اكتواء المواطن بنار الأسعار
وفي هذا الجانب يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم والخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أحمد في حديثه لـ «الإنتباهة» أنّ قرار رفع الدعم عن المحروقات كسياسة أقرَّتها الدولة له آثار سالبة خاصة على ذوي الدخل المحدود والشرائح الضعيفة، وما تحاول الدولة أن تتخذه من إجراءات بغرض الإقلال من آثار رفع الدعم عن المحروقات السالبة هذه الإجراءات في الواقع ليست بذات فعالية وغير منطقية ولا تتسق مع قرارات الدولة، فمثلاً: زيادة الأجور كأحد الإجراءات التي تريد الدولة أن تتبنّاها، فإذا كانت الدولة بمقدورها أن تزيد الأجور فلماذا رفعت الدعم؛ لأن رفع الدعم يقلِّل من نفقات الدولة، بينما زيادة الأجور تزيد من نفقات الدولة، فإذا كان رفع الأجور بالمستوى الذي يمكن أن يمتص الآثار السالبة نتيجة لرفع الدعم، فإذن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا لا تلجأ الحكومة لرفع الدعم دون زيادة الأجور.
امتصاص الغضب والسخط
صعد التضخم السنوي في البلاد ليصل «30,4%» في مايو بدلاً من «28,6%» في أبريل مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية، هذا الارتفاع في التضخم جعل الجاك يقطع بقوله: إن زيادة الأجور النقدية غير المرتبطة بالإنتاج تؤدي إلى زيادة التضخم والمستوى العام للأسعار، فكأنما زيادة الأجور مع عدم قدرة الدولة على التحكم في معدلات التضخم لم يؤثر على حياة المواطن، فالتضخم يبتلع أية زيادة نقدية في الأجور، وأن ما اتجهت إليه الدولة من إجراءات أخرى خاصة بزيادة الأجور ليس الهدف منه عدم تحميل المواطن الضعيف تكلفة رفع الدعم عن المحروقات والسلع الضرورية، وإنما امتصاص الغضب والسخط الذي ساد وسط المواطنين نتيجة لقرار الدولة لرفع الدعم عن المحروقات، وأضاف الجاك: أنّ ما تقوم به الدولة الآن من إجراءات تعلم جيداً أن ذلك لن يساعد المواطن، ويكون البديل بنفس الدرجة بما تسميه رفع الدعم، ففي الواقع هو ليس رفعاً للدعم وإنما زيادة في الأسعار بدرجة أكبر مما سيحدث في الأجور؛ لأن الزيادة لم تكن مرتبطة برفع الدعم؛ لأنها نادت بها القوة العاملة منذ وقتٍ طويل والدولة رفضت أن تقدم على زيادة الأجور فأكثر من ميزانية الأجور لم تشهد أية زيادة لما لها من آثار عكسية سالبة تفوق المزايا المرتبطة بها، مبينًا من الأشياء الغريبة أن تقدم الدولة الآن وتتحدّث عن زيادة الأجور فإذا كان بها نوع من التعقل فزيادة الأجور تتم بناءً على ما يحدث من زيادة في معدلات التضخم فالدولة لم تعطِ أي اعتبار لما ينادي به العاملون من زيادة في الأجور نسبة لزيادة معدلات التضخم، ولا أعتقد أن الدعوة لزيادة الأجور سوف تعالج الآثار السالبة لرفع الدعم، أضف إلى ذلك أن قطاعات كبيرة لا تعمل في وظائف وأعمال حرة ووسائل استخدام ذاتي، فهم يتأثرون بزيادة الأسعار المرتبطة برفع الدعم ومن ثم ماذا تفعل الدولة لهم فالأثر الاجتماعي السالب عن رفع الدعم لا يمكن أن تعالجه الإجراءات التي أعلنتها الدولة مسبقًا، كما أشار العديد من الخبراء؛ لأن المعالجة لأي عجز في الموازنة أو مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية كان يمكن أن يكون أكثر فعالية من خلال تخفيض الإنفاق الحكومي وخاصة السيادي وهذا أكثر فعالية من رفع الدعم عن المحروقات بل أكثر فعالية من أي إجراء آخر تنوي الدولة القيام به في الوقت الحالي.
تعلُّم الحلاقة في رؤوس اليتامى
وفي ذات السياق شبَّه الخبير الاقتصادي البروفيسور عصام عبد الوهاب بوب رفع الدعم عن المحروقات بـ «الحلاقة في رؤوس اليتامى»، وأكد أن القرار خاطئ في توقيته إذا تم إقراره، لجهة أن السودان يواجه مهدِّدات أمنية واستهدافاً، وليس من المصلحة رفع الدعم عن المحروقات.. وأشار بوب إلى أن التفكير في القرار يؤكد أن السودان دولة فاشلة في وضع السياسات الاقتصادية، وقال: إن الدليل على ذلك وجود نخبة محدَّدة تسيطر على اقتصاد البلاد.. وقال: إن الحل يكمن في إعادة هيكلة إدارات الدولة ومراكز صناعة القرار، والعمل وفق خطط وإستراتيجيات واضحة.
مراجعة الإعفاءات
كشف الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه في ندوة «رفع الدعم عن المحروقات.. الخطر الدائم» التي نظمها حزب منبر السلام العادل بمركز الشهيد الزبير عن وجود بدائل أخرى لقرار رفع الدعم تتمثل في تخفيض الصرف والإنفاق على الجهاز التشريعي والتنفيذي اتحادياً وولائياً، فضلاً عن تقليل الصرف على الإدارات والهيئات الحكومية، ووقف تجنيب الإيرادات، وتوسيع المظلة الضريبية أفقياً، ومراجعة بعض الإعفاءات الجمركية.
ظلال سالبة على قطاع البصات
القرار له تأثير واضح على عدد من القطاعات التي يعتمد عليها المواطن، حيث يرى الأمين العام للغرفة القومية للبصات السفرية عوض عبد الرحمن أن قرار رفع الدعم عن المحروقات سيلقي بظلاله السالبة على قطاع البصات السفرية، باعتبار أن الجازولين يمثل «22%» من مدخلات التشغيل للبصات، ومن ثم أية زيادة على سعر المحروقات لا بد أن تواكبها زيادة في أسعار التذاكر ومن ثم ستوثر على حركة المسافرين، وقدم اقتراحاً عبر دعم الدولة للجازولين وتخفض الضرائب على القطاع.
زيادة تكلفة الإنتاج
من جانبه أكد مصدر مطلع بوزارة الصناعة أن المحروقات هي أحد عناصر الإنتاج للطاقة المولدة للإنتاج، إضافة إلى ترحيل منتجات الإنتاج، مبيناً أن أثر رفع الدعم عن المحروقات يؤثر سلباً في زيادة تكلفة الترحيل أثناء العملية الإنتاجية داخل المصنع ومن ثم زيادة تكلفة ترحيل الإنتاج إلى المستهلك مما يؤدي إلى زيادتها، مشيراً إلى أن القرار لا بد من تنفيذه، مطالباً وزارة المالية برفع الحد الأدنى للأجور لخلق توازن بين الجانبين.
خفض العمالة
وفي سياق متصل قال الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية د. عادل ميرغني أن قرار رفع الدعم عن المحروقات لا يؤثر على المواطن فقط إنما تأثيره المباشر يقع على القطاع الصناعي مما يؤدي لتوقف العديد من المصانع، مبيناً أن تأثيره ليس على الترحيل وإنما على تكلفة الإنتاج والإنتاجية الأمر الذي يؤدي إلى خفض العمالة.
زيادة الطين بلة
أوضح الخبير الزراعي أنس سر الختم أن القرار سيزيد تكلفة الإنتاج وبالتالي التأثير المباشر على القطاع الزراعي خاصة القطاع المروي لما له من تأثير مباشر على حياة المواطن البسيط الذي يعتمد على القطاع الزراعي، وقال ليس حلاً أن تلجأ الحكومة لقرار رفع الدعم عن المحروقات كوسيلة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، وأبدى تساولاً: هل يزيد من الدخل؟ باعتبار أن المشكلة الآن التي يعاني منها القطاع الاقتصادي عامة والزراعي بصفة خاصة نسبة للسياسات الخاطئة التي اتبعتها الدولة وبالأخص سياسة التحرير والتي لا تتماشى مع القطاع الزراعي، وأضاف أن الدولة إذا اتجهت إلى تعويم الجنيه أو رفع الدعم عن المحروقات ليس حلاً بل «ستزيد الطين بلة»، مبيناً أن المشكلة الحقيقية تكمن في تجاهل الدولة للقطاع الزراعي، حيث اتجهت إلى الاستيراد بعد أن كانت دولة زراعية منتجة.
قرار صعب وسيء
وصف أمين أمانة علاقات العمل بالاتحاد العام لنقابات عمال السودان فتح الله عبد القادر الوقت الذي صدر فيه القرار بالصعب جداً والسيء، وقال: إن جميع المواطنين لا يصرفون مرتبات مما ينعكس بدوره على العاملين والسوق بصورة كبيرة وطالب وزارة المالية مراعاة ذلك بجانب الاتجاه لبدائل أخرى لتعويض المبلغ المفقود، وأكد مناشدة الاتحاد لجميع أهل الاختصاص لتغيير اتجاه رفع الدعم وتوقع عدم رفعه بنسبة «100%» وإنما تدريجياً.
من المحرر:
بعد اتجاه الدولة لوضع العديد من السياسات الإصلاحية لمعالجة التدهور في القطاع الاقتصادي وانتشال البلاد من الوقوع في الأزمة الاقتصادية، إلا أن جميع السياسات المغلوطة المتبعة لم تكن ذات فعالية على الوضع، بل وجدت الرفض من كافة القطاعات، لعدم مساهمتها بصورة كبيرة، ولكن يبقى السؤال: هل سيصبح الاقتصاد السوداني معملاً للتجارب الفاشلة التي تضعها جهات الاختصاص، ويكون ضحيتها المواطن البسيط الذي أنهكته عبر ارتفاع أسعار السلع التي يحتاج إليها في حياته اليومية.[/JUSTIFY]
تحقيق: سارة ـ إنصاف ـ هنادي ـ مروة
الانتباهة
الناس ديل بصراحة ما عايزين ينقصو عدد الوزراء عشان أي وزير عارف أسرار الباقين وأي وزير حيتشال حتكون عليه وعلى أعدائه والكل خايف
عشان كدا اتوقعو انو الحكومة ترفع الدعم وتحرق البلد