تحقيقات وتقارير

الاقتصاد السودانى … بدائل موضوعية لسد عجز المــوازنة والخـــروج مـــن نفــق المحــروقـــات

[JUSTIFY] يتفق جل الاقتصاديين بأنَّ سياسة الدعم لأية سلعة خاطئة اقتصادية ليس فى السودان فحسب بل فى كل دول العالم ،وحتى الذين يقرون مبدأ الدعم لايجيزونه فى حالة الاستقرار الاقتصادى البائن بينونة كبرى للعيان مع استصحاب نسبة الفقر والفقراء فى البلد المعنى فإن تجاوزت نسبته الـ60 % فإن مسألة الدعم لبعض السلع تبدو واقعية ومنطقية، اما آخرون يرون ايضا ان سياسة الدعم وان وجدت فى كل الاحوال سواء أكان الاقتصاد مستقرا او غيره فانها يجب ان ترتبط بمدى زمنى محدود لانجاز ما يمكن انجازه ومن ثم التفكير فى مسألة رفعه عن السلعة المعنية .

وعلى الرغم من اتفاق واختلاف الكثيرين على المستوى الداخلى «السودان انموذجا « برفع الدعم عن المحروقات الا ان التشخيص للحالة الاقتصادية الراهنة يبدو بعيدا كل البعد عن النواحى الفنية التى تبين العلة وتضع الدواء، ويرى مراقبون ان حالة السودان استثناءً عن كل الحالات المشابهة لها ان وجدت حيث اختلط حابل السياسة بالاقتصاد وتعددت مشارب واتجاهات الرؤى السياسية فى ظل غياب تطبيق النظرية الاقتصادية ولو بعشر منها على الاقتصاد السودانى الذى سيق فى مراحله المختلفة الى ان يصل الى مرحلة الركود التى ينأى البعض عن ذكرها ،ولكنها حدثت بالفعل حينما قال وزير المالية والاقتصاد الوطنى ان الدولة مفلسة لذا تلجأ الى رفع الدعم عن المحروقات. ولكن بالمقابل حسابيا فإن الدولة تدعم المحروقات بـ9 مليار جنيه سودانى وفى المقابل انها تصرف اضعاف هذا المبلغ فى جيوش جرارة ليس لها انتاج حقيقى يذكر غير انها «اى الجيوش « هذه تتمتع بنظريات وسفريات ومنازل وسيارات دون ان يُرى لهم انتاج فعلى يذكر لمصلحة الوطن والمواطن، ولكن تبقى الاسئلة مشروعة فى مسألة التفكير بمنطق الاقتصاد وعلم البدائل المعروف، فاذا استثنينا حديث وزير المالية السياسى الذى اصر فيه على عدم وجود بدائل تذكر الا رفع الدعم عن المحروقات فإن حديثه هذا يأتى فى سياقه السياسى وليس الاقتصادى خاصة اذا علمنا ان الوزير متخصص فى الاقتصاد ،ولذا لا يمكن ان يكون قد قال هذا الحديث من منطلق اقتصادى . على كل حال فإن الاسئلة لازالت مطروحة فى الساحة خاصة بعد ان علق وزير المالية والاقتصاد الوطنى على محمود منبره الصحفى ليومين متتاليين دون ذكر الاسباب مما هيأ الفرصة لاعمال الجانب الفنى الاقتصادى اكثر وانتفاء صبغة السياسة فى موضوع الساعة وما رشح من قول بتأجيل حديث وزير المالية الى ما بعد شورى الوطنى المزمع انعقاده اليوم وما يخرج به من قرارات ربما تكون داعمة لرفع الدعم عن المحروقات او تخالف هذا التوقع بأمرين: إما غض النظر عنه او تأجيله الى نهاية العام .

ولنقل ان الحكومة اصرت على رأيها ورفعت الدعم عن المحروقات واعملت بدائل موضوعية للمتأثرين من الفقراء «اى عامة الناس» جراء تلك الزيادة «رفع الدعم» مع العلم ان نسبة الفقراء او الاسر الفقيرة وفقا لآخر احصاء او مسح قام به ديوان الزكاة اثبت انه ما بين 46 % الى 50 % وهذه وفقا لآليات الزكاة فقط التى اعتمدت فيها على اللجان الزكوية والدعوية بالاحياء ، كما انها قامت بزيادة المرتبات للقلة القليلة التى تستوظف بالدولة فكم يتبقى من الدعم الذى كان يذهب الى المحروقات اذا علمنا ان نسبة التضخم وصلت الى 30 % هذا يعنى ان كل تلك الاجراءات سوف تذهب هباءً منثورا خاصة وان الحديث الذى ساقه وكيل المالية الاسبق الشيخ المك والذى قال فيه بان الدولة لاتدعم المحروقات وحتى اذا قلنا انها تدعم فباجراءاتها التى تسوقها عقب رفع الدعم فإن كل الدعم لن يكفى الفقراء المتأثرين وتكون بذلك قد اشعلت المشكلة اكثر مما هى عليه .

وعلى ذمة حديث الدكتور صابر محمد الحسن محافظ المركزى الاسبق فهو يرى ان التفكير فى رفع الدعم عن المحروقات ليس بجديد انما التداول فيه بدأ منذ العام 2004م ولكن نسبة لتصاعد وتيرة غلاء المعيشة وتزايد نسبة العطالة وتوقف عجلة الانتاج فان الامر يبدومنطقيا الآن لرفع الدعم عن المحروقات، وكأنما يريد الدكتور صابر ان يوصل رسالة مفادها بأن رفع الدعم عن المحروقات الآن ما هو افقار فى افقار للمواطن المغلوب على امره خاصة وانه قد استدل بدراسة اعدها البنك المركزى فى عهده بالتعاون مع صندوق النقد الدولى اكتشف فيها ان فى كل 20 جنيه دعم تذهب الـ(19) جنيه للمقتدرين والجنيه الواحد الى الفقراء فقط طبعا هذه معادلة مختلة اذا اردنا ان نعرف من هو الفقير ومن هو المقتدر كما قال بذلك الصحفى بصحيفة الخرطوم ان الحديث يجانبه الصواب فى مسألة ان الدعم يستفيد منه المقتدرون وكم هى نسبتهم . ويتطابق حديث الدكتور صابر محمد الحسن هذا مع تقرير اعده صندوق النقد الدولى فى حالة الاردن الذى اوصى بإيجاد آلية تهدف لإيصال الدعم الى الطبقات الفقيرة والمتوسطة وتطبيقها.وبين التقرير أن قيام الحكومة بإيصال ما قيمته دينار واحد للأسر الفقيرة والمتوسطة على سبيل الدعم يكلفها 14 دينارا في المقابل يذهب الدعم للأغنياء ، وبين التقرير أن نظام الدعم الحكومي للمحروقات في الأردن يذهب إلى الطبقة الغنية أكثر من الطبقة الفقيرة والمتوسطة.وأشار الصندوق في تقريره إلى أن 20% من الطبقة الفقيرة في الأردن تستفيد بما نسبته 7% فقط من نظام الدعم الحكومي للمحروقات في الأردن ، بينما يستفيد 20% من الطبقة الغنية في الأردن وما نسبته 40% من نظام الدعم المقدم حاليا .الامر الذى يبين عدم صدقية صندوق النقد الدولى فى تقاريره التى يسقطها على كل دولة بنفس النمط برغم اختلاف البيئة والموارد .

ولكن الدكتور التجانى الطيب الخبير السابق بصندوق النقد الدولى له آراء جريئة فى المسألة تبدومنطقية واقتصادية وفق منهج علمى مدروس لا يكلف الدولة عناءً كما هو رفع الدعم عن المحروقات الذى تشرع فيه الآن فهو يرى انه لابد من اتباع منهجية فى مسألة التوافق على تخفيض اعداد الدستوريين بالمركز والولايات ويقول ان المركز وحده به اكثر من 120 دستورى فاذا تم تخفيضهم الى 20 دستورى فقط فان ذلك يوفر حوالى مليارى جنيه . وهذا الحال ينطبق ايضا على الولايات فاذا خفضت اعداد الدستوريين بها ايضا ستوفر حوالى مليارين جنيه مما يكفى الحكومة بلاوى كثيرة وتصل الى هدفها دون ان تمس المواطن فى عيشه خاصة اذا علمنا ان الـ4 مليار جنيه هى الصافى المتبقى لها بعد ان تعتمل اجراءات دعم الفقراء مباشرة

ولكن الدكتور المهل الاستاذ بجامعة السودان يرى انه بمقدور الحكومة التفكير بمنطق اقتصادى فى هذا الظرف الصعب وهو انه يمكنها ان تستثمر ايضا فى التحويلات الجارية من المركز للولايات «الفصل الاول» مرتبات وذلك عبر الاستثمار بتكوين شركات مساهمة عامة تساهم فيها الولايات بنسبة من مرتباتها لتشغيل اكبر عدد من العاطلين عن العمل وفق حاجة الولاية فى المجال المعنى وبذلك تكون تلك المرتبات قد ساهمت بشكل ما فى حل بعض الضوائق المالية. والى ذلك فإن الدكتور محمد الناير يرى ان الضرائب هى الحل بالنسبة لسد النقص والعجز الافلاس الذى تتحدث عنه الحكومة ويقول ان قانون الضرائب مجاز فعلا ولايحتاج الى موافقة من المجلس الوطنى او الوزراء ويعلق على الامر بقوله ان ضريبة القيمة المضافة فى حاجة الى مراجعة بزيادتها الى نسبة معقولة لا تكلف الدولة مليما واحدا ولكنها تجبر صاحب البضاعة على وضعها على السلعة المراد بيعها، وقال حتى اذا عجز المكلفون عن القيام بدورهم فيجب تكليف كل القطاع التجارى بها مبينا ان هنالك نماذج فى دول اخرى يجب ان ناخذ بها فمثلا ماكينات الصراف الآلى يمكنها حساب نسبة القيمة المضافة دون تلاعب وتطبيق ما هو قائم بعدالة . مستبعدا قبول شركات الاتصالات بزيادة القيمة المضافة التى هى اصلا 30 % ولكنه قال ليس هنالك ما يمنع اذا كانت المسألة فى الاساس تأتى لمصلحة المجتمع ولن يتضرر فى معيشته الاساسية وان الضرائب لوحدها سوف تحل المشكلة اذا ارادت الحكومة ذلك . ويرى ايضا لماذا الحكومة متسرعة الآن وقال حسب علمنا ان الزيادة فى المحروقات سوف تتم خلال الموازنة فى العام المقبل والآن نحن فى نصف العام وتبقى نصفه الآخر الذى يحمل بشريات جديدة للمواطن السودانى من قبل وزارة النفط ووزارة المعادن التى قالت بان ايراداتها ستصل الى 2 مليار من الذهب، كما ان النفط قالت ايضا انه بنهاية العام ستدخل حقول انتاج جديدة تقدر باكثر من 165 الف برميل كل ذلك يكفى الحكومة شر رفع الدعم عن المحروقات ويكفى المواطن شر زيادة الاسعار مرة اخرى . وقال الاقتصادى كمال كرار ان الدولة تستورد حوالى 20 % فقط هى المدعومة وتنتج البقية وهى80 % من الداخل لافتا الى ان سعر البرميل فى المصافى 49 دولار وعالميا بـ 100دولار وفرق بين السعرين 51 دولار وقال ان برميل النفط السودانى يصل بورتسودان من هجليج بـ4.3 دولار لافتا الى ان سعر البرميل من مصفاة الجيلى يباع للشركات بـ 52دولار وقال ان العلة فى الموازنات السودانية موضحا ان المؤسسة السودانية للنفط تجنى اكثر من 2.5مليار جنيه مشيرا الى فشل البرنامج الاقتصادي في حل مشكلات الدولة الاقتصادية وعدم توظيف موارد الدولة التوظيف السليم.

وللدكتور التجانى الطيب رؤية اخرى قد يتفق فيها مع رفع الدعم عن المحروقات ولكنه يشترط فى ذلك ان الدعم الذى كان يوجه الى المحروقات يجب ان يوجه مباشرة الى قطاعى التعليم والصحة الذين ظلا يعانيان تدهورا كبيرا وارتفاع تكلفتهما التى ارهقت كاهل المواطنين فى الآونة الاخيرة فى ظل الخيارات الصعبة والتوفيق بين متطلباتهما والاخرى المعيشية. ويرى ان رفع الدعم اذا كان الهدف منه هو توظيفه فى مجالى التعليم والصحة فان الامر يعد مؤشرا طيبا ربما يقبل به الشعب اذا احس ان هنالك تقدما فى المجال الصحى والتعليم بتخفيض او رفع التكلفة العالية بهما وقال بذلك يكون قد خففت عن المواطن عبئا ثقيلا . مبينا ان البدائل متعددة خاصة اذا علمنا ان الدعم للسلع الاستراتيجية يصل الى 8 مليارات اى حوالى ثلث الانفاق العام الكلى البالغ 32 مليار . وقال اما الدفاع والامن تظل تأخذ مبالغ ضخمة فلابد من ان تكون جزء من الخدمة وهل الصرف الذى يتم فيها يتماشى مع الاداء والعائد منها ام لا؟ مشيرا الى التفكير فى اعمال وفرة لتقليل العجز فى الموازنة مبينا ان المعادلة تظل مقلوبة اذا كان الصرف السيادى يساوى ضعف الصرف على التعليم والصحة يعادل اكثر من مليار لابد من تخفيضه بنسبة 50 % وتوجيهه ضمن ميزانية التعليم والصحة .
كما ان الشيخ المك يرى ايضا فى بدائله اذا ما اصرت الحكومة على رفع الدعم عن المحروقات بان يكون هنالك سعرين للوقود احدهما مدعوم وآخر غير مدعوم للقطاعات الدبلوماسية والمنظمات، مشيرا الى اعادة عوائد خصخصة الشركات التى تقدر بحوالى 500 مليون جنيه الى خزينة الدولة بدلا من ايداعها الى وزاراتها . ودعا الى الشروع فورا فى زيادة الانتاج والانتاجية عبر ازالة معوقات الاستثمار التى من شأنها اذا ازيلت ان يدخل الى الدولة ما يفوق الـ 6 مليار جنيه، مع زيادة القدرة المالية والادارية للمصارف التى يمكن ان تعفى المالية من بعض دورها من خلال تمويل القطاعات الانتاجية.

ويرى البروفسور عصام بوب ان القارة الافريقية مرت بسلسلة من السياسات التى فرضت عليها من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين والتى ادت الى تبنى سياسة التحرير الاقتصادى تحت مسمى تنشيط القطاع الخاص ونقل السياسات الاقتصادية بالقارة الافريقية من قبضة المركزية الى ساحة اقتصاديات السوق الحر مما قاد الى تكثيف الدعوة الى خصخصة القطاعات الاقتصادية باتباع سياسة التكيف الهيكلى عبر تمويل مشاريع كبيرة عن طريق البنك والصندوق الدوليين ،غير أن هذه السياسات برغم خلفيتها الاقتصادية المعروفة ونجاحها في الغرب لم تجد البيئة المناسبة التي تساعد على نقلها إلى القارة الأفريقية التى ما زالت متخلفة تقنيا وإداريا مما قاد إلى نتائج غير نراها اليوم فغرقت الغالبية العظمى من دول القارة السمراء في الديون الغربية فصعب عليها الخلاص جراء عدم نجاحها في إدارة المشاريع المقدمة لها لجهة عدم جاهزية تلك الدول من ناحية الطاقة الاستيعابية لاستقبال وتدوير رؤوس الأموال المقدمة لها فقادت إلى آثار اقتصادية واجتماعية غير مرجوة عوضا عن المساعدة في نهوض المجتمعات والدول الأفريقية اقتصاديا واجتماعيا فظلت الدول تعاني من تلك الآثار ولم تتعاف من أعراضها الى اليوم والسودان لم ينجُ من الوقوع في شراك الديون الغربية خاصة أنه من الصعب على المرء التنبؤ بإمكانية الخروج منها كما حدث في العديد من الدول الأفريقية بصورة مباشرة أو غير مباشرة حيث، تم تحديد الدخول تحت مظلة الاستثمار الأجنبي هومخرج وحيد، ودعا لنقل تجربة اليابان والصين التي اعتمدت على روح التنمية الوطنية واتخذت الاستثمار الأجنبي عاملا مساعدا لا أساسا للانطلاق بعكس حالة الدول الأفريقية .

ووعد صندوق النقد الدولى مساعدة السودان خلال هذه الايام مع تقديم دراسة تقييمية حول اثر رفع الدعم عن المحروقات اسوة بالدول الشبيهة بالسودان بعد ان التقى مبعوثه بوزير المالية نهاية ابريل المنصرم. وقال مستر روبر جيلنهام رئيس بعثة صندوق النقد الدولى سوف نرفع تقريرنا الى المالية فى غضون شهر ونصف من الآن حيث طلب وزير المالية لدى لقائه بعثة الصندوق مساعدة فنية من صندوق النقد الدولى في هذا الخصوص ،وقال إن نسبة كبيرة من المحروقات يتم تهريبها لدول الجوار تبلغ ثلث الكمية التى يتم استهلاكها في البلاد، مشيراً الى أن الزيادات التى أعلنها السودان على المحروقات في العام المنصرم أدت لاضطرابات ومظاهرات في يوغندا التى تأخذ حاجتها من البترول من دولة جنوب السودان آنذاك.

وطلب وزير المالية من بعثة صندوق النقد الدولى تحديد الفترة الزمنية لازالة الدعم تدريجياً والسياسة المطلوبة في هذا المجال مع اعطاء أهمية قصوى لبناء شبكات الضمان الاجتماعى التى من شأنها تسهم في تخفيف الآثار السالبة على الفقراء والناجمة عن رفع الدعم عن المحروقات ،مبيناً أن خطة إزالة الدعم تبدأ العام 2013 حسبما وجه المجلس الوطنى بعد التشاور والمناقشة بصورة مستفيضة مع الوزارات ذات الصلة ومجلس الوزراء والمجلس الوطنى، مبيناً أن مسألة دعم المحروقات تكلف الميزانية العامة للدولة اعباء كبيرة ، مشيراً أن هذا الدعم يذهب للشرائح المقتدرة.
واعتبر وزير المالية علي محمود عبد الرسول ان اي قرار برفع الدعم عن المحروقات سيكون خطوة لدولة «مفلسة»، وقال اثناء مناقشة خطة الحكومة لمحاربة الفقر بالبرلمان قوله «رفع الدعم عن المحروقات وزيادة اسعار السلع، ده شغل دولة مفلسة»واضاف «نحن لا نقدر على استئصال الفقر، ولكننا نحد منه».
ومنذ اربعة اشهر تحاول الحكومة السودانية رفع الدعم عن المحروقات وسلع اخرى مثل القمح والسكر، وهو ما لم يقره البرلمان بعد كما اقر كذلك تخفيض عدد وزراء الحكومة السودانية.

ويعاني الاقتصاد السوداني من ارتفاع معدلات التضخم والتي وصلت حتى 30%، كما بلغ ارتفاع اسعار المواد الغذائية بنسبة بلغت 9.7 %. يضاف الى ذلك انخفاض الجنيه السوداني مقابل الدولار الاميركي بعد ان فقد السودان 75% من انتاج النفط الذي كان يبلغ 480 الف برميل يوميا بعد انفصال الجنوب يوليو 2011.
كما يعاني السودان من عقوبات اقتصادية تفرضها عليه الولايات المتحدة الاميركية منذ عام 1997،ووصف تقرير صادر من صندوق النقد الدولي الاقتصاد السوداني بانه يعاني مشقة.وتحاول الحكومة السودانية سد فجوة فقدان ايرادات النفط بزيادة الانتاج في القطاعات التقليدية خاصة الزراعة.ولكن وزير المالية وصف قطاع الزراعة فى البرلمان امس الاول بانه غير متطور بسبب الضرائب.وقال علي محمود «قطاع الزراعة عندنا لا يشهد تطورا من جراء الضرائب والتي تبلغ 30% مما يضعف القدرة التنافسية لمنتجاتنا».
والى ذلك يرى محمد الجاك استاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية «ان الحكومة السودانية اهملت هذه القطاعات الانتاجية اثناء حصولها على عائدات النفط ودخلت هذه القطاعات وخاصة الزراعة والصناعة في وضع ميئوس منه نهائيا».واضاف ان «هذه القطاعات تحتاج لوقت طويل لتعود لتساهم في الدخل القومي».

ويظل كل متابع لحركة الاقتصاد والسوق انه يشتعل نارا يوما بعد يوم فقد زادت معدلا ت التضخم بالبلاد ووصلت الى 30 % لاول مرة عقب اجراءات المركزى بخفض قيمة الجنيه السودانى وتبعا لذلك ارتفعت اسعار السلع بقدر كبير اعتبرها المراقبون صدمة اولية للاقتصاد فى وقت نفى فيه عدد من الخبراء تحميل انفصال الجنوب المسؤولية جراء وقف صادراته النفطية ،كما استنكر البعض رهن احتلال هجليج وفقدان البلاد لانتاج 150 ألف برميل فى اليوم من النفط بتسارع وتيرة الاسعار بل قالوا ان الازمة الاقتصادية اطلت برأسها منذ العام 2004 م ولكن سوء الادارة الاقتصادية والتدخل السياسى اضرا بالقرارات الاقتصادية، الامر الذى اوصل البلاد والاقتصاد الى مرحلة من الركود تراجعت خلالها كل عمليات الانتاج وتوقف الانتاج للصادرواكد غالبية الاقتصاديين ان العقلية التى تديرالاقتصاد السودانى دائما ما تفكر فى الحلول الآنية لاتنظر الى المستقبل مشيرين الى تجربة النفط السودانى الذى اصاب الاقتصاد فى مقتل الى الآن بعد ان تم الاعتماد عليه دون التفكير فى كيفية توظيفه مما قاد البلاد الى المرحلة الحالية.
ويرى البعض ان التطمينات الحالية من قبل الاجهزة الحكومية غير موضوعية برغم من وجود حلول اخرى لكنها تصطدم بواقع التنازع بين مكونات الفئة الحاكمة بعض منها يرى ان الحلول الآنية تقيها شر عجز الدولة عن مواصلة برامجها وآخرون يرون انها ربما تعجل برحيلها دون رجعة مدللين بما حدث فى بعض البلدان العربية .كل تلك الآراء والمقترحات يظل يسوقها البعض كجهة لمقارعة الواقع وتظل وزارة المالية تصرعلى عدم وجود بدائل «وتتحدى اى بديل موضوعى يمكن ان يسهم فى حل المشكلة «فى وقت جبل فيه الاقتصاد على البدائل باعتباره علما ولكن تظل المأساة تتحكم فى المواطن الذى يكتوى يوميا بنار ارتفاع الاسعار ولابديل للحكومة الا رفع الدعم عن المحروقات،وبالرغم من ان التجارب السابقة لها كلها كانت تسبح فيها عكس التيار الا انها تظل متمسكة برفع الدعم عن المحروقات وزيادة المرتبات واجراء ترتيبات لعدم تأثر المواطن ، فحينما وقعت الحكومة اتفاق نيفاشا توقع كل الشعب السودانى انفصال الجنوب ماعدا الحكومة ،وحينما انفصل الجنوب توقع جل الشعب السودانى عدائية دولة الجنوب الا الحكومة، والآن تريد رفع الدعم عن المحروقات ويتوقع الشعب السودانى حدوث كارثة ما عدا الحكومة . [/JUSTIFY] إعداد : عاصم اسماعيل
الصحافة

تعليق واحد

  1. لا تقولوا رفع الدعم ،لأنة لايوجد دعم اصلاً -ولكن قولوا زيادة السعر أو ضريبة زيادة ،،،سعر اللتر في اوربا بعدالضرائب بواحد يورو