تحقيقات وتقارير

خاسرون من الاتفاق… الخرطوم وجوبا.. المصالح تطيح بالمتمردين! (….) لهذا السبب قد تكون الخرطوم رمت

[JUSTIFY]يقال أن الآلام الناتجة من عملية “دق الشلوفة” عادة تمارس قديماً لا يمكن لأحد أن يوصفها، إلا الذي أجريت عليه هذه العملية، وهذا واقع الحال في العلاقة التي تربط السودان ودولة جنوب السودان، حيث عبرا عقب انفصال الجنوب بكل الوسائل العنيفة ومارسا “دق الشلوفة” بكل أنواعه على بعضهما البعض، آخرها معارك هلجيج وإغلاق أنابيب النفط التي كانت بمثابة انتحار اقتصادي للدولتين، إلا أن السياسة التي وجدت لإيجاد المخارج عبر لغة المصالح التي تحكم العالم أثمرت اتفاق أديس أبابا الذي وقع مصحوباً بالابتسامات بين الرئيس المشير عمر البشير والفريق سلفاكير ميارديت ونحن نعيش في تداعياته التي تجعل البعض يقرأ الاتفاق المتنوع بين الاقتصادي والسياسي والأمني بـ”المقلوب” لكي يعرف الثقوب التي يمكن أن يتسرب منها الضعف والملل وحتى الرصاص.
وفي هذا تطرح الأسئلة المربكة والتي قد تكون إجاباتها مرتبطة بالقدر فقط، هل ستصمد هذه الاتفاقية وماتزال بعض الجراح مفتوحة وتحتاج لعمليات بمخدر كامل؟، وهل توصلت جوبا والخرطوم إلى أن عهد” دق الشلوفة” قد مر وأن اتفاقهما قد يأتي بالخير؟، واضعين في الأذهان التجربة السودانية التشادية التي كانت قواعد لعبتها سهلة لدرجة البساطة في أن تقوم كل دولة بتجفيف منابع المعارضة العسكرية التي تعادي الدولة الأخرى، ولكن بالنظر في الاتجاهات الستة سنجد أن في الأمر عجب.
تقديم السبت
بحماس شديد عادت القيادات السياسية للخرطوم مبشرين بالاتفاق باعتباره المخرج للبلدين حتى وإن كان فرح الخرطوم أكبر من جوبا التي تململت فيها بعض القيادات خاصة قضية فيما يتعلق بالانسحاب من منطقة 14ميل، وبالأمس فجرها الرئيس داوية – في انفراد خاص بـ(السوداني) – بأنه سيقود وفد لزيارة العاصمة الجنوبية جوبا، وقد تكون هذه الزيارة محطة فاصلة وفارقة في عهد العلاقات مع جوبا، وقال سفير الجنوب في الخرطوم ميان دووت أمس إن الزيارة قد تكون يوم الإثنين المقبل، وأن البشير وسلفاكير كانا يتحدثان بالهاتف في القضايا العالقة خاصة قطاع الشمال الذي قال إن مقبل الأيام ستكشف الكثير في هذا الملف.
والخرطوم أول أمس قدمت “سبتها” لجوبا حيث طاردت وأجلت القيادي الجنوبي المتمرد جيمس قاي من الخرطوم، إلا أن جوبا قابلت الأمر بترحاب فاتر متمسكة بالرواية القديمة التي تقول إنه لا علاقة لها بمايجري من عمل عسكري بين السودان والحركة الشعبية في الشمال، حيث أشار وزير الإعلام لدولة الجنوب برنابا بنجامين خلال حديثه لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية أمس إلى أن طرد قاي يعتبر خطوة جادة لإنفاذ الترتيبات الأمنية. ونفى وجود لقوات الجيش الشعبي في بلاده متمسكاً بالآلية التي وضعت لمراقبة الحدود التي نصت عليها اتفاقية أديس أبابا مبدياً رغبة حكومته في التوسط لإيجاد تسوية سياسية بين السودان وقطاع الشمال وقال “لا بد من حل المشكلة سياسياً والرئيس سلفاكير يمكن أن يقدم مساعداته في ذلك، لأننا لا نمكن أن نساعد بالحرب في حل المشاكل وحرب خمسين عاماً انتهت وإلى الأبد”.
البعض ينظر إلى أن حكومة الجنوب ستتمهل قليلاً لتري كيف ستجري الأوضاع على الأرض، فالقضايا العالقة خاصة أبيي ماتزال تحمل في طياتها مايفجر الأوضاع بكل سهولة، لذلك لن تكشف كل أوراقها من أول اللعبة، إلا أن البعض يتجه إلى أن حكومة الجنوب ستعمل في هدوء على إخراج “كرت أصفر” للرفاق في جبال النوبة والنيل الأزرق وبعض حركات دارفور، وهنا نلاحظ أن قيادات قطاع الشمال أصبحت تتجنب الذهاب إلى جوبا واتخذت من العاصمة اليوغندية كمبالا مقراً لها، إلا أن الأوضاع على الأرض قد تكون أكثر صعوبة وتعقيداً خاصة وأن جنرالات الجيش الشعبي غير راضين على أن يتركوا “رفاق الأمس” مكشوفي الظهر في مواجهة الخرطوم، وهذا مايصعب الأمر على سلفاكير الذي يضع الحسابات لأي أمر يتعلق بالجيش الشعبي، خاصة وأن أوراق اللعبة السياسية ماتزال أرضها “هشة” وأقل الأمطار قد تصيبها بالوحل، لذلك ينظر البعض لخطوات الجنوب تجاه فك الارتباط بأنها صعبة خاصة في ظل هذا التوقيت.
بيع الرفاق
النموذج التشادي في العلاقة بين جوبا الخرطوم قد يكون صعب التحقق للعديد من الأسباب خاصة وأن طبيعة الصراع تختلف وأن ثمن فك الارتباط مع “الرفاق” قد يكون باهظاً تجاه ما يمكن أن تفعله حكومة الخرطوم للمعارضة العسكرية الجنوبية في الشمال، حيث هي في موقع أكثر تماسكاً وأقل ارتباطاً بتلك المجموعات، والأمر يرجع إلى أن القوة هنالك أكبر وأكثر تأثيراً على أرض الواقع، حيث يستطيع الجيش الشعبي بقيادة مالك عقار وعبدالعزيز الحلو مقاومة أي اتجاه لتجريدهم من قوتهم في مناطقهم الأصلية، حتى وأن هذا قد يجر إلى أن يفتحوا النار في صدور “رفاقهم” السابقين في حالة اتفقت جوبا مع الخرطوم ضدهم، وقد يتجهون إلى سياسة تجميع “أعداد الأعداء” بتشكيل تحالف مع الحركات التي تقاتل حكومة الجنوب، بجانب التحالف القائم أساساً مع الحركات المسلحة في دارفور “تحالف كاودا” لإشعال الأوضاع من جديد، وفي هذه الحال سيكون الضرب أكثر قوة على حكومة جوبا حيث النيران أكثر قرباً منها من الخرطوم التي قد تصلها “شرارات” فقط من تلك النار.
وفي هذا الأمر يقول الخبير في شؤون الأمن القومي د. محمد حسين أبوصالح في حديث لـ(السوداني) إن صعوبة تطبيق سياسة ضرب المعارضة المسلحة من النظامين صعبة في حالة الجنوب، مرجعاً الأمر لتناقض المصالح في المناطق الحدودية حيث في النموذج التشادي كانت المصالح كبيرة للنظامين معاً في تجفيف المعارضة المسلحة، إلا أن في حالة (الخرطوم – جوبا) الأمر مختلف، خاصة وأنها منطقة موارد طبيعية كبيرة، وأنه حال وجود قوات مشتركة لن تفي بالغرض من ناحية استراتيجية مع الجنوب إلا بوجود ضاغط وضامن إقليمي ودولي متمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تجتمع الخرطوم مع واشنطن مع التيار الموافق على الأمر في حكومة الجنوب لتشكل حلفاً يقوم بتنفيذ هذا الأمر، خاصة وأن التجربة أوصلت الجميع إلى تعاون أفضل من التشاكس ودون قيام “حلف الاستقرار” سيدخل الجانبان في دوامة العنف من جديد.

لعبة الأوراق
وفي قراءة للوضع من الناحية العسكرية يقول الخبير العسكري اللواء (م) محمد العباس الأمين إن خطوة الخرطوم بطرد جيمس قاي وبعض قيادات جنوبية متمردة على جوبا فيه بعض التسرع لأنه من الناحية الاستراتيجية كل طرف يحتاج لأوراق يمسكها على الطرف الآخر لأن اللعبة بين الشمال والجنوب لم تنتهِ بعد، وأن العديد من الملفات قد تعيد الأوضاع لمربع الحرب في أي وقت، إلا أنه من الناحية السياسية يعد الأمر جيداً ويرسل رسائل بأن الخرطوم جادة في إنفاذ الترتيبات الأمنية على أرض الواقع وتحرج حكومة الجنوب أمام المجتمع الدولي والإفريقي الضامن لاتفاقية أديس أبابا، خاصة وأن الجنوب لديه تجربة في عدم الالتزام بالاتفاقيات وأهمها نيفاشا حيث لم ينفذ جانب الترتيبات الأمنية منها، إلا أن العباس عاد وأضاف “أثناء تنفيذنا للترتيبات الأمنية يجب أن ننسى أن خيار الحرب قائم”، متوقعاً تباطؤ حكومة الجنوب في فك الارتباط مع قطاع الشمال من الناحية العسكرية وأنها في هذا الوقت لا تستطيع أن ترمي أهم ورقة لديها في صراعها تجاه الجنوب ولا يمكن ان ترمي “البايظ” من أول لعبة، أما الحالة التشادية فالأمر مختلف حيث كانت حكومة الخرطوم تمسك أوراقاً يمكن أن تعصف بالنظام في تشاد بجانب التداخل القبلي بين تشاد والسودان الأكبر والأعمق، حيث تدخل فيه العلاقات التجارية، لذلك وجدت رغبة شعبية في إنهاء حالة الصراع من أجل استقرار التجارة، وهذا لا يتوفر في الحالة الجنوبية حيث التداخل المجتمعي ليس بذات العمق، بجانب أن الرغبة ضعيفة في المناطق الحدودية التي اعتادت على الحرب، بجانب تشابك المصالح العسكرية القوي بين قطاع الشمال والجيش الشعبي.
وأضاف العباس أنه على المستوى الاستراتيجي قد تساهم حكومة الجنوب في الضغط الحذر على الجيش الشعبي في الشمال للدخول في تفاوض مع الخرطوم تفادياً لأي معارك ستدخلها مع رفاقهم.
استراتيجية الخنق
وأعين الخبراء تبحلق في النموذج التشادي الذي يدخل في عامه الثالث حيث وقع البروتكول الثلاثي مع انجمينا بتشكيل قوات مشتركة بين البلدين وصلت إلى (6000) جندي أسهمت في “خنق” الوجود العسكري للحركات الدارفورية والمعارضة التشادية على طول الحدود وتوسعت الخطة لتشمل الحدود مع إفريقيا الوسطى التي رحبت بالأمر، فالنتائج مذهلة جعلت نظام إدريس دبي “مستقراً ومبسوطاً” لدرجة زواجه من ابنة القيادي السياسي والقبلي موسى هلال، والبعض ينظر إلى النموذج على انه قد ينقل ببعض التعديلات لينفذ مع دولة الجنوب خاصة وأن البعض فسر تلكؤ المفاوض الحكومي مع قطاع الشمال د. كمال عبيد في الدخول بشكل جدي في حوار مع قطاع الشمال على الرغم من الضغط الدولي والسيناريو الذي تنظر إليه حكومة الخرطوم يجعل لسان جوبا “يسيل” بالحوافز خاصة الاقتصادية، وأوامر الرئيس البشير بإيصال الذرة إلى الجنوب قد يكون “فتح خشم” قد يجلب معه مساعدات عسكرية وإدارية تساعد في تأسيس الدولة الوليدة وتجنبها خطر الزوال، على أن تدفع الثمن نقداً بتقديم “رفاق الأمس” كبش فداء أو حتى تقوم بـ”حصارهم” حتى يأتي وفد قطاع الشمال لمائدة التفاوض “دائخاً” ليجد كمال عبيد ومسبحته الشهيرة ناصباً “الشراك” ليقدموا التنازلات.[/JUSTIFY]

السوداني

تعليق واحد

  1. اتفاقيه مخزيه والشئ العجيب ان سببالحرب هو الترتيبات الامنيه وعدم حسمها قبل الانفصال فكيف تتفق على شئ لم تضع السبب الاساسى فيه فى قمه اولوياتك انها الماده وحسب الحكومه تريد الدولار ولا تنظر ابعد من انفها وسنعود من ثانى لتفلتات الجنوبيين ومشاكلهم وسكوت المنبطحين ارجو ان يهب شباب الحركه لتغيير القيادات الهرمه الانهزاميه العقيمه التى كل هما التشبث بالكرسى ولو كان باقصاء كل المخلصين والمثل يقول اسمع كلام الببكيك وما تسمع كلام البضحكك والله المستعان