لحظة قاتلة ..عندما يكتشف الأب إنحراف الابن
إن خط الانحراف عند الأبناء، يبدأ -عادة- بسيطًا، ثم يزداد، وخصوصًا عند غياب الرقابة، حتي يصل إلي مداه، فنسمع عن انحرافات وقع فيها الصغار، وهي من أفعال مجرمين كبار.
يبدأ خط الانحراف عندما يتغيب الولد عن البيت لفترات طويلة، ثم لا يجد من يسأل عنه أو يحاسبه أو يستفسر عن الأماكن والأشخاص الذين مكث عندهم طوال هذه الفترة.. فإذا تخطي هذه المرحلة فإنه يبدأ في ترتيب أوقاته حسب رفقته خارج المنزل، فتصير أوقاته معهم شبه مقدسة، فلا يجرؤ أحد علي تغييرها بعد ذلك.. فإذا انتبه الأب وحاول تقويم الولد والبحث عن أصدقائه والأماكن التي يختفي فيها.. يكون ذلك علي حساب أوقات المدرسة، حيث يلجأ إلي الهروب منها، أو يلجأ إلي الكذب علي الوالدين إذا ضيقا عليه الخناق..
وهناك عدة مظاهر لانحراف الأبناء نوجزها فيما يلي: الهرب من المدرسة: وهذا الانحراف يأتي كما ذكرت بعد غياب الرقابة لفترة، إذ يكون الهرب من المدرسة لتمضية أوقات مرح وتسلية مع أصدقاء السوء، وهو لا ينشغل كثيرًا بنتيجة هذا الهرب لأسباب منها: أن بعض زملائه يرتكبون الخطأ نفسه، وبالتالي فإنه يستهين به، كذلك هناك وسائل كثيرة لإخفاء هذا الأمر عن البيت، فالأولاد صارت لهم علاقات مع بعض موظفي المدارس تتيح لهم شراء ذممهم كي لا تصل خطابات الفصل أو إعادة القيد إلي الأسرة.وهذه الظاهرة هي المقدمة الطبيعية للتخلف الدراسي أو الفشل، وهي البوابة الطبيعية للكذب والتعرف علي أصدقاء السوء، ويستتبعها عدد من مظاهر الانحراف الأخري.
الكـــذب: عندما يغيب الولد أو البنت عن البيت لفترات طويلة ولا يجد مبررًا يقنع به والديه لهذا التأخير، فإنه يلجأ إلي اختلاق القصص الكاذبة والأسباب غير الحقيقية لتبرير غيابه. كذلك إذا ارتكب خطأ وهو يعلم أنه سوف يعاقَب عليه فإنه يلجأ إلي الكذب. ويلجأ إلي الكذب كثيرًا إذا أراد أن يعفي نفسه من تكاليف بعينها، وهذا عادة يتم من جانب المراهقين الذين تتعبهم تكاليف العبادات من صلاة وصيام… وهذا انحراف بين، إذ يكون لدي الولد الجرأة علي الكذب حتي في الصلاة وغيرها.. ومثل هذا يحتاج إلي علاج طويل ومكثف. السرقــة: تتعدد أسباب السرقة، وكلها بحاجة إلي علاج نفسي وتربوي وعقابي، فهي مرض يصيب الولد، وانحراف لابد له من وسائل لإعادته إلي فطرته السوية… وعلي الأهل أن يفتشوا في تاريخ الولد وفي علاقاته بالآخرين، وعلاقتهم هم به، ماديًا ونفسيًا، لعل هذا الداء يزول إذا عُرف سببه. السباب والشتائم: وهذا أمر طبيعي عند الشخص المنحرف، فالمسلم الحقيقي ليس طعانًا ولا لعانًا ولا فاحشًا ولا بذيئًا، بينما نجد فئة المنحرفين يستكملون مظهرهم ببذاءة اللسان وفحش القول. ومهما تحفظ الولد المنحرف في أقواله أمام أهله، فإنه لابد أن يقع في الخطأ مرات ومرات رغمًا عنه.. حتي يصير ذلك عنده عادة، وحتي يقبل الأهل بالأمر الواقع أو لا يقبلونـه- حسب كل حالة.مصاحبة الأشرار والانتساب إلي عصابات المجرمين: في الأغلب الأعم يزداد انحراف الولد، إذا أوقعه القدر فيمن يشكلون مجموعات للجريمة، فإذا تعرف علي إحدي هذه المجموعات فإنه لا يتورع عن ممارسة باقي مظاهر الانحراف. ومعلوم ما لهذه المجموعات من تأثير علي المنتسبين إليها، وما لهم من جرأة في ممارسة العنف وارتكاب الجرائم البشعة. وهم لا يتورعون عن الاندفاع نحو الموت إذا وقعوا في مواجهة مع خصومهم.
التعرف علي آخرين من الجنس الآخر وإقامة علاقات معهم: وهؤلاء ضحايا دعوات الاختلاط، ودعوات (الحب) الهدامة، التي في حقيقتها تدعو إلي الرذيلة وتفشي القبائح. ويبدأ انحراف الولد في سن البلوغ والمراهقة، من كثرة ما يسمعه من زملائه، وخصوصًا الذين يبالغون في وصف ما يفعلون، فيحاول تقليدهم، وهو يجد لدي الجنس الآخر قبولاً لإقامة مثل هذه العلاقات التي تبدأ بريئة ثم سرعان ما تتحول -إذا استمرت- إلي ورطة، قد تنتهي بجريمة، أو علي الأقل قد تفضي إلي زواج هذين الطفلين (عرفيًا) بعيدًا عن الأهل، وما يستتبع ذلك من نتائج مدمرة.فور شباب
أ. عامر شماخ