رأي ومقالات
سليمان عبد الله حمد : مهن وحكايات
لا يستطيع دفــــــــاع أمر قد أتى
ما للطبيب يموت بالداء الذي
قد كان يبرئ منه فيما قد مضى
مات المداوي والمداوى والذي
جلــــب الدواء وباعــــــــــه ومن اشترى
مهنة الطب من أشرف المهن شريطة أن يمارس الطبيب مهنته بإخلاص وإتقان ، وأن يلتزم الطبيب بالخلق الكريم .
وعلى الطبيب أن يدرك أنه مهما بلغ علمه ، فإن أسرار الجسم البشري لا يزال أكثرها مغلقا ، ومازال الطب عاجزا عن إدراك العديد من تلك الأسرار .
ولا يستطيع الطبيب ، مهما أوتي من علم وخبرات ، أن يدفع أمر الله إذا حل بالمريض . وكثير منا يعرف حالات مات فيها الطبيب قبل مريضه ، بل ربما مات بنفس المرض الذي كان يعالج مريضه منه .
أعرف طبيبا كان يعمل في مستشفى ، كتب في ملف مريضه أن مرضه خطير وكان المريض مصابا بالسرطان – وأنه ربما لا يعيش أكثر من أشهر معدودات ، ولم تكد تمضي تلك الأشهر المعدودات حتى مات الطبيب بسرطان انتشر في جسمه ، ومرت سنوات وذاك المريض بخير وعافية .
وتذكرت قول علي بن الجهم :
كم من عليل قد تخطاه الردى فنجا ومات طبيبه والعود
والأعمار كلها بيد الله . ( وما تدري نفس بأي أرض تموت ) . ولا تعرف من يسبق إلى الموت : الطبيب أم المريض ؟!
وكن مستعدا لدار الفناء فإن الذي هو آت قريــب
فإذا ما سمع مريض من طبيبه أن حياته غدت قصيرة ، وأن أيامه أصبحت معدودات ـ فلا ييأسن ولا يقنط من رحمة الله . فما اطلع الطبيب على غيب ، ولا علم أن أحدا يموت غدا ، إنما هو تخمين الطبيب حسب المعطيات العلمية المتوفرة لديه .
ولا بد من الإشارة إلى أن على الطبيب أن يمنح المريض إحساسا بالأمل والرجاء ، وأن يبعث في نفسه الطمأنينة ، فإن ذلك يساعده على الشفاء من مرضه ، والطمأنينة والسكينة تقوي جهاز المناعة عند المريض ، وتشد من عزيمته ، وترفع معنوياته .
فهناك من يطمئن المريض ، ويفتح له طاقات الأمل ، ويرجيه بالشفاء ، وقد يكذب عليه أحيانا .
وهناك من يواجه مريضه بالحقيقة سافرة ، ويترك المريض يتفاعل مع الحدث ، على أمل أن يتغلب على المشكلة ويواجهها .
وهناك من يداري ويواري ويتخلص من الموقف” .
فالشفاء بيد الله لا بيد الطبيب ، ولذلك فإن أجرة الطبيب على أساس ما يبذل من جهد لا على الشفاء ، لأن الشفاء خارج عن قدرته . ولو جعل الله الشفاء بيد الطبيب ، لما استطاع الإنسان أن يوفي للطبيب أجره ، بل لما استطاعت الحكومات ذلك ، لأن الإنسان لا يقدر بثمن . ولا يحق للطبيب أن يمن على المريض بالشفاء ، وفي ذلك رفع لكرامة المريض .
وهذا عين الحقيقة ، فإن أكثر الأمراض انتشارا الآن سببها الطعام والشراب ، فكثرة الطعام والشراب سبب للبدانة ، والبدانة سبب لكثير من الأمراض كارتفاع ضغط الدم والسكري وغيرها . كما أن كثيرا من التهابات المعدة والأمعاء التي تحدث يوميا عند ملايين الناس في العالم سببه عادة تلوث في الطعام أو في الشراب .
والحقيقة أن ألذ الطعام من لحوم وحلويات ومقبلات غنية بالدهون والكولسترول ، فالإفراط فيها يزيد من كولسترول الدم ، وقد يؤدي إلى تصلب الشرايين وتضيق شرايين القلب التاجية .
مرض الأطباء :
والأطباء يمرضون كما يمرض الآخرون ، والحقيقة أن المرض كثيرا ما يكون أشد وطأة على الطبيب ، فهو أعلم بمصائب الأمراض وما تؤول إليه الأمور . وقد لا يحتمل البعض منهم الألم البسيط . فهذا الرئيس ابن سينا ، وقد أصيب بالزكام ، وهو في عرف الأطباء من الأمراض البسيطة ، ومع ذلك تراه يشكو الأمرين …
لعل في ذاك فائدة لمن يمارس مهنه الطب … فليس المعطيات الطبية هي الفيصل في المسألة العلاجية إنما هي جزء يسير من صورة لم تكتمل ملامحها عند الطبيب المعالج … ربما الفائدة الأشمل والأعم في معالجة أخطاء الأطباء في هذا الزمان العجيب !!! من وجهة النظر القدرية والحتمية فالكل راحل إن شاء او أبا…
توثيقي للفن السوداني
سليمان عبد الله حمد ـ الرياض
[email]ab_fatima2011@hotmail.com[/email]